هآرتس: هل يحق لأحد ما أن يمنع الاكراد من اقامة دولة خاصة بهم؟
مقالات |8 اغسطس | مأرب برس :
ما الذي سيجيب عليه سكان المقاطعة الكردية في العراق عندما يتم تقديم استمارات الاستفتاء الشعبي لهم، المخطط له في 25 ايلول القادم؟ لم تتم صياغة السؤال بشكل نهائي، لكن يمكن القول إن الصياغة ستكون على النحو التالي: “هل تؤيد اقامة دولة كردية مستقلة في المقاطعة الكردية؟”.
رغم أن الحديث يدور عن استفتاء دعائي فقط، لن تكون له تأثيرات سياسية عملية، إلا أنه يتسبب بالضغط الدولي والعربي على قيادة المقاطعة، ولا سيما الرئيس مسعود برزاني. في الاسبوع الماضي أرسل الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، رسالة مطولة لبرزاني لم يخف فيها التأثيرات الشديدة التي قد تكون لهذا الاستفتاء على مستقبل المقاطعة، بل هدد بشكل مباشر بأن “القيام بخطوات دون الوحدة ودون تنسيق مع الحكومة في العراق سيفاقم الوضع ويفرض على جميع الاطراف اتخاذ اجراءات غير ملائمة للعراقيين ومن ضمنهم الاكراد”.
الرسالة لم توضح ما هي الخطوات التي قصدها، لكن لا يبدو أن الزعيم الكردي قد تأثر من هذا التهديد. وفي الرد على أبو الغيط ذكر برزاني الـ 182 ألف كردي الذين قتلوا على أيدي صدام حسين، والـ 5 آلاف كردي الذين قتلوا في الهجوم الكيميائي الذي نفذه صدام حسين في حلبجة في العام 1988. وفي الحالتين تركت الدول العربية والدول الغربية الاكراد لمصيرهم.
موضوع الدفاع عن المقاطعة الكردية التي “لم يقتل فيها أي جندي امريكي”، حسب اقوال المدير العام للمجلس القومي في المقاطعة، مسرور برزاني، إبن الرئيس، “سيتم حله عند قيام دولة مستقلة، لأن الدول السيادية تحظى بحماية القانون الدولي قياسا مع الكيانات التي ليست دول”. في مؤتمر عقد في واشنطن ألقى مسرور برزاني خطابا تطرق فيه الى تأييد الولايات المتحدة لتأجيل موعد الاستفتاء. وتساءل متى سيكون الوقت مناسبا، وأضاف “الوقت لن يكون مناسبا في أي وقت، لذلك نحن نعتقد أن التوقيت الحالي هو المناسب”.
إن واشنطن غير المتحمسة لاجراء الاستفتاء الشعبي أو اقامة دولة كردية مستقلة، لا يوجد لديها أي تفسير لتأجيل الاستفتاء، وليس لها أي سياسة واضحة تجاه الاكراد أو تجاه الصراعات الاخرى في المنطقة.
تعرف القيادة الكردية أن قيام دولة كردية مشروط بموافقة تركيا وايران والعراق وسوريا أكثر من موافقة الولايات المتحدة. وكل دولة من هذه الدول يمكنها اغلاق حدودها مع الدولة الكردية، واغلاق المجال الجوي وخنقها اقتصاديا. ولا يوجد للاكراد أي شيء يقولونه باستثناء أن هذا من حقهم على خلفية مشاركتهم في الحرب ضد “داعش” وبسبب المعاناة التي مروا بها على مدى التاريخ. إلا أن هذين الأمرين غير كافيين من اجل الحصول على دولة. ومن هنا يجب على الاكراد اقناع دول المنطقة والغرب بأن الدولة الكردية المستقلة ستخدم مصالحهم الاقتصادية والاستراتيجية.
لكن اذا اقتنعت تركيا والعراق بهذا الامر فسيبقى الخوف من متلازمة الدومينو. وهنا يجب على الاكراد اقناع الولايات المتحدة والغرب بأن الدولة الكردية لن تكون حليفة لايران.
في الساحة الكردية الداخلية تحدث صراعات قوية بين مؤيدي برزاني ومعارضيه، وهذا قد يعرقل اجراء الاستفتاء الشعبي الذي يحتاج الى مصادقة البرلمان الكردي المجمد منذ عامين. ومن اجل انعاشه مطلوب من البرزاني التصالح مع حزب التغيير الذي قام البرلمان بطرد اعضائه.
رغم هذه العوائق، إلا أن فكرة الاستفتاء الشعبي لها حياتها الخاصة. وهي تطرح على المجتمع الدولي سؤال مبدئي لا يخص الاكراد فقط وهو متى يستطيع الشعب المطالبة بالاستقلال، وهل يحق لأحد أن يمنع ذلك.
• تسفي برئيل – هآرتس