الإعلام الإسرائيليّ يصف معركة جرود عرسال بانتصار حزب الله ويؤكّد أنّه للمرّة الأولى لم تُشارك سوريّة بالاتفاق ولا انعكاسات إستراتيجيّة بعيدة المدى من الناحية العسكريّة
مقالات | 6 اغسطس | مأرب برس :
زهير أندراوس “رأي اليوم” :
بشكلٍ متوقعٍ وغيرُ لافتٍ بالمرّة، تجاهلت وسائل الإعلام الإسرائيليّة خطاب الأمين العّام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، أوّل من أمس الجمعة، ولكن مع ذلك، تطرّق إلى معركة جرود عرسال، وتحت عنوان “انتصار حزب الله”، كتبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيليّة أنّه بعد ثلاث سنوات من القتال بين حزب الله و”جبهة النصرة” الذي تسلّل عناصره من سوريّة إلى لبنان، نُقل حوالي 7000 مقاتل من “النصرة” إلى إدلب في سوريّة، مُضيفةً أنّ الصفقة بين الحكومة اللبنانية و”النصرة” التي شملت تبادل أسرى وإطلاق سجناء وإعادة جثث، حصلت بعد أن قام عناصر حزب الله بقتل 150 من مقاتلي التنظيم في عملية عسكرية بدأت قبل أسبوع. وأشارت الصحيفة إلى أنّه “على الرغم من أن الجيش اللبناني لم يكن مشاركًا في العملية، فقد بدأت معركة رصيد بين الحكومة اللبنانية وقادة حزب الله، بحسب تعبيرها.
من ناحيته، قال مُحلل الشؤون الشرق أوسطيّة في صحيفة (هآرتس)، د. تسفي بارئيل، إنّ قوافل الحافلات التي وصلت من سوريّة إلى بلدة عرسال في البقاع اللبناني بدأت بنقل آلاف النازحين السوريين من الأراضي اللبنانية غالى منطقة إدلب في سوريّة.
وبرأيه، بحسب الظاهر، تعتبر صفقة التبادل، كالتي نفذت في السنوات الأخيرة في مناطق مختلفة في سوريّة ووصلت إلى نهاية ناجحة. لكن لصفقة عرسال، أضاف، عدّة صفات خاصة تميّزها عن الصفقات الأخرى، كتلك التي نفذت في مدينة حلب، الزبداني أوْ الحدود الشمالية لسوريّة.
ولفت د. بارئيل، إلى أنّه طوال السنوات الثلاث الأخيرة تصادم الجيش اللبنانيّ مع المقاتلين السوريين، لكن هذه السنة قرر حزب الله أخذ المبادرة والبدء بهجوم ضخم بهدف إبعاد عناصر “القاعدة” عن لبنان، مُشدّدًا على أنّه مع فقدان الحسم العسكري، توجه حزب الله إلى إدارة مفاوضات مع قيادة “أحرار الشام”، وهذا الأسبوع وصلت المفاوضات المعقدة غالى نهايتها مع التوقيع على اتفاق تضمن من بين جملة أمور تبادل أسرى وجثث تابعة لعناصر من حزب الله وأخرى للميلشيات السورية، وإبعاد حوالي عشرة آلاف نازح من عرسال إلى سوريا وتحديدًا إلى منطقة أدلب.
الجديد هنا، رأى المُحلل الإسرائيليّ، هو التوقيع للمرّة الأولى على اتفاق تبادل ليس النظام السوري شريكًا فيه. مُوضحًا في الوقت عينه، أنّ حزب الله بادر وأدار هذه المفاوضات، وهو الذي نفّذ أغلب الهجمات العسكرية ضدّ مقاتلي “أحرار الشام”.
وأشار أيضًا إلى أنّ الأمر المثير هو مفتاح التبادل الذي حدده حزب الله، ووفقًا له يحصل على ثمانية أسرى وجثث مقابل حوالي 120 عنصر القاعدة يسمح لهم بالعودة إلى سوريّة. لكن مقابل ما يبدو “كخسائر” في الأعداد، الربح الأكبر لحزب الله هو على المستوى السياسي الداخلي في لبنان: القرار الأساسيّ للحكومة اللبنانيّة هو عدم التدخل في معارك عرسال، بذريعة أنّ جزءً من الأرض غير لبنانية بل سورية، أوْ على الأقل موضع خلاف، ما منح حزب الله حربة مطلقة في التعامل مع المنطقة كما يراه مناسبا بالتنسيق مع سوريّة.
ورأى أنّ الحكومة اللبنانيّة قررت أيضًا عدم خوض مفاوضات مع النظام السوريّ حول إعادة نازحي عرسال، لأنّ مفاوضات كهذه ستمسّ بسيادة لبنان كونه مسؤولًا عن اللاجئين طالما هم على أراضيه. لكن هذا القرار، استخدمه حزب الله جيّدًا، الذي تحمل أيضًا مسؤولية إدارة المفاوضات كما لو أنّه حكومة لبنان، بل أيضًا نجح في دفع الجيش اللبنانيّ للتعاون مع الاتفاق الذي تحقق.
وخلُص المُحلل الإسرائيليّ إلى القول إنّه ليس لخطوة حزب الله هذه في الواقع انعكاسات إستراتيجيّة بعيدة المدى من الناحية العسكريّة، سوى إبعاد عناصر “القاعدة” عن الحدود اللبنانية، لكن الحزب يعرف كيف يجبي الثمن السياسي في الوقت المناسب، عندما سيُناقش مصير المناطق الأمنية المحاذية للحدود، على حدّ تعبيره.