زلزال سياسيّ: “وزير مالية” نتنياهو تحوّل إلى “شاهد ملك” ضدّه والشرطة تؤكّد للمرّة الأولى أنّ رئيس الوزراء متهّم بتلقّي الرشا والاحتيال وخيانة الأمانة
مقالات | 5 اغسطس | مأرب برس :
زهير أندراوس :
كانوا يُلقبونه “وزير المالية” لدى عائلة رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، إلّا أنّه كغيره من المُقرّبين تمّ استبعاده، بعد أنْ كُشف النقاب عن تورطه في قضايا فساد ورشا وإهدار المال العّام. الشرطة الإسرائيليّة، التي تُحقق في عدّة ملّفات فساد ضدّ نتنياهو، سجلّت لنفسها انتصارًا كبيرًا، عندما تمكّنت من التوقيع على اتفاقٍ يكون بموجبه المُقرّب السابق، آري هارو، شاهد ملك ضدّ رئيس الوزراء، والذي تمّ التأكيد في المحكمة رسميًا ولأوّل مرّة على أنّه متهّم بقضايا تلقّى الرشاوى، خيانة الأمانة، والاحتيال.
وقالت المصادر السياسيّة في تل أبيب، تعقيبًا على هذا التطوّر إنّه بمثابة دراما في ملفات التحقيق ضدّ رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وذلك على خلفية توصل الادعاء العام، أمس الجمعة، في إسرائيل إلى صفقة “شاهد الملك” مع خازن أسرار الملك، المدير السابق لمكتب رئيس الحكومة نتيناهو، آري هارو، والرجل الذي كان لعدة سنوات مساعدة القريب.
ووفق الاتفاق الذي فرضت سلطات القانون في إسرائيل الرقابة عليه بأمرٍ من المحكمة في مدينة ريشون تسيون، ستخفف العقوبات ضد هارو المتهم بمتابعة مصالح تجارية شخصية بصورة غير قانونية أثناء توليه منصب رئيس فريق مكتب نتنياهو، بعد اعترافه، فبدل عقوبة السجن سيعاقب بخدمات لصالح المجتمع ودفع غرامة قيمتها نحو 175 ألف دولار.
ومقابل تخفيف العقوبة سيقوم هارو بالإدلاء بإفادات متعلقة بملفي التحقيق الخاصة بنتنياهو: ملف استلام هدايا من أصحاب مال، واتصالات تتسم بالفساد مع ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، نوني موزس. وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أقرت أمس في بيانها عن صفقة الشاهد الملك مع هارو أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلي متهم بجرائم تلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
وشغل هارو مناصب هامة في مكتب رئيس الحكومة على فترتين، الأولى عام 2009 حين عين مدير المكتب، وقدم استقالته بعد عام لينتقل إلى العالم الأعمال. والمرة الثانية كانت عام 2014، حينها تولى إدارة طاقم مكتب نتنياهو مرة ثانية. وقد حافظ على علاقات قريبة من نتنياهو طوال الوقت.
وأشارت مواقع إسرائيلية إلى أنّ هارو لعب دورًا كبيرًا في القضية الثانية المتعلقة بالعلاقات مع ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فقد شارك في جزء من الاتصالات الممنوعة بين نتنياهو وموزس وسجلها بواسطة هاتفه الذكي. وتعتقد الشرطة الإسرائيلية أنّ هارو يملك معلومات قيمة وأدلة دامغة ضد نتنياهو.
ووصف محللون إسرائيليون التطور الأخير بأنّه زلزال سياسي بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وأشاروا إلى أنّ احتمالات تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في واحد من الثلاث ملفات التي تحقق فيها الشرطة ضده أصبحت قوية أكثر، وبالتالي احتمالات استقالته من رئاسة الحكومة في سيناريو كهذا هي أكبر.
علاوةً على ذلك، لم يستبعد المُحللون أنْ يُقدم نتنياهو على إجراء انتخابات عامّة في الدولة العبريّة لسببين: الأوّل، وقف التحقيقات ضدّه إلى حين الانتهاء منها، والثاني، أنْ تكون الانتخابات بمثابة استفتاء شعبيّ من قبل الإسرائيليين حول رئيس الوزراء وحول الشبهات التي تحوم حوله من كلّ حدبٍ وصوبٍ.
من الجدير بالذكر أنّ نتنياهو لا يزال يواصل حتى الآن نشاطه السياسي كأنّ شيئًا لم يكن، وهو نهج يتبعه منذ بداية تشكّل جوّ اتهامي ضده في مجموعة من قضايا الفساد، كجزء من تكتيكه الدفاعي، ومن ضمنه المبالغة بإظهار الثقة ببراءته، وهو ما كرره بالقول في بيان صادر عنه إنّ التحقيقات ضدّه لن تتمخض عن أي شيء، وهو عادة ما يضعها في سياق التنافس السياسي من أجل استبدال الحكم، ومن أجل استنهاض الشارع اليميني، كما يتهم معسكر اليسار بأنّه يقف وراء هذا الأجواء.
لكن هذا الأسلوب قد ينفع مع بعض الجمهور الإسرائيلي، وليس في مواجهة إجراءات الشرطة التي بات من الواضح أنها تبذل جهودًا كبيرة لانتزاع أدلة تحسم القضية بهذا الاتجاه أو ذاك. ولهذه الغاية، جهدت في عقد صفقات “شاهد ملك” مع أكثر من شخصية مقربة منه.
لكن السيناريو الأسوأ الذي كان يتخوف منه نتنياهو تحقق عبر تحوّل مدير مكتبه السابق، وبعبارة أخرى خازن أسراره، إلى “شاهد ملك”، إذ يفترض أن يدلي بما يختزنه من معلومات تفضح نتنياهو وتوفر أدلة تتصل بأكثر من قضية وتهمة موجهة إليه، مقابل تخفيف عقوبته في القضايا المتورط بها.
المصدر : “رأي اليوم” .