الأمم المتحدة.. بين العجز والتواطؤ مع العدوان
مقالات | 3 اغسطس | مأرب برس :
هاني أحمد علي/ صدى المسيرة :
بعد مرور شهرين من احتجاز سفينة المازوت المخصصة لكهرباء الحديدة التي تعاني حالةً إنْسَانيةً كارثية؛ بسبب ارتفاع درجات الحرارة ومنعها من الوصول إلى الميناء قبل تغيير مسارها إلى ميناء الفجيرة بالإمارات، كشفت الأمم المتحدة أمس الأول عن قيام تحالف العدوان الذي تقودُه السعودية على اليمن منع أَرْبَع ناقلات نفط من الدخول إلى ميناء الحديدة الأُسبُوْع الماضي في خطوة قد يضر بتدفق المساعدات وتفاقم تفشّي الكوليرا في البلاد.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنْسَانية، في بيان، بأن منعَ تحالف العدوان لناقلات النفط من دخول ميناء الحديدة المطل على البحر الأَحْمَر أمرٌ في غاية الخطورة، موضحاً أن الناقلات الأَرْبَع تحمل ما يزيد عن 71 ألف طن متري من الوقود، وهو ما يمثل أَكْثَر من 10% من الاحتياجات الشهرية للسكان من الوقود في اليمن.
وأشار البيان، إلى عدم معرفة الأمم المتحدة حول سبب منع الناقلات من دخول الميناء، ولم يتسن لها الوصول إلى مسؤولين في التحالف للتعليق.
من جانبه قال راسل جيكي -المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنْسَانية-، بأن منع دخول هذه الناقلات، جاء في وقت يشهد فيه اليمن تفشيَّا غير مسبوق للكوليرا وتتهدد المجاعة ملايين من شعبه، الأمر الذي يجعل الأمر ضرورياً أن تظلَّ كُلّ الموانئ مفتوحة وتجنب أية تأخيرات.
وتأتي التصريحات الأممية بشأن انتهاكات السعودية والدول المتحالفة معها للقانون الدولي والإنْسَاني في حربها على اليمن منذ عامين ونصف عام وحصارها البري والبحري والجوي، وتشديد الإجراءات والقيود الذي يفرضه تحالف العدوان على السفن التجارية والاغاثية القادمة إلى اليمن وكذا عمليات التفتيش الدقيقة لهذه السفن والتي تستمر شهوراً طويلةً في أغلب الحالات، ما يسبّب ضرراً مادياً لكثير من التجار جراء تأخير وصول شحنات بضائعهم التجارية على متن تلك الناقلات البحرية، كما أن الحصار البحري لتحالف العدوان على امتداد الساحل اليمني طوال هذه المدة يكشف زيف الادعاءات بحصول المقاتلين اليمنيين على أسلحة مهربة من إيرَان وغيرها.
وتأتي تصريحاتُ الأمم المتحدة الأخيرة بشأن احتجاز العدوان لــ 4 سفن نفطية وعدم السماح لها بدخول ميناء الحديدة، بعد يوم واحد من نشر تقريرٍ سريّ لمحققي الأمم المتحدة، مؤلفٌ من 185 صفحة، مقدم لمجلس الأمن يوم الاثنين المنصرم يتحدث عن تورّط مباشر للتحالف الذي تقوده السعودية ويضم مصر والإمارات والبحرين والكويت والأردن والمغرب والسنغال والسودان، في ارتكاب مجزرة بحق اللاجئين الصوماليين قبالة سواحل الحديدة بعد تعرضهم لغارة جوية يوم الجمعة 22 مارس المنصرم، أودى بحياة 24 شخصاً وإصابة 34 آخرين كانوا ضمن ما يربو على 140 شخصاً في متن القارب المستهدَف، كما أشار التقرير الأممي السري إلى هجومين آخرين لتحالف العدوان على قوارب صيد من طائرة هليكوبتر أَوْ سفن في البحر الأَحْمَر في مارس الماضي قتلا 11 شخصاً آخرين وأصابا ثمانيةً من الصيادين اليمنيين.
وأكد محقّقو الأمم المتحدة، أن جرائم العدوان الذي تقوده السعودية يأتي بدعمٍ عسكريٍّ ولوجستيّ من الولايات المتحدة، ويقوم من خلال عملياته المستمرة بانتهاك القانون الدولي الإنْسَاني وتهديد السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
مقترحُ ولد الشيخ.. وسيطٌ للاحتلال
وفي وقت يتحدث تحالف العدوان ومرتزقته عن تسليم ميناء الحديدة لطرف الأمم المتحدة وتحت إشرافها كشرط من شروطها لتسليم رواتب الموظفين المنقطعة منذ ما يقارب العام جراء نقل البنك المركزي إلى عدن وفقاً لما يسمى “مقترح ولد الشيخ”، فإن تقرير محققي الأمم المتحدة المقدم لمجلس الأمن يؤكد رفض السعودية وحكومتي الإمارات ومصر والقوات البحرية المشتركة على طلبات المحققين للحصول على معلومات وعدم التجاوب معهم، لافتاً إلى أن بعض الدول تسعى منفردةً؛ للتخفي وراء ‘كيان’ التحالف؛ لحماية نفسها كدول من مسؤولية الانتهاكات التي ترتكبها قواتها، مشيراً إلى أن محاولات تحويل المسؤولية بهذه الطريقة من دول بمفردها إلى التحالف الذي تقوده السعودية قد تسهم في استمرار عدم المحاسبة على انتهاكات أُخْــرَى.
مطالبُ العدوان بتسليم ميناء الحديدة، الشريان الحيوي الوحيد الذي لا يزال حتى اللحظة ينبُضُ بالحياة بعد قطع كُلّ شرايين اقتصاد اليمن وشعبه، يعيد إلى الأذهان أَكْبَرَ فضيحة في تأريخ المسمّاة “الأمم المتحدة، وأمينها غير الأمين “بان كي مون” بعد الرضوخ الأممي للضغوط السعودي في 6 يونيو من العام الماضي 2016 وقيامها بحذف اسم المملكة وتحالف العدوان من القائمة السوداء بشأن أطفال اليمن، حيث قالت حينها الأمم المتحدة إنها رفعت اسم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن «مؤقّتًا» من قائمة سوداء بشأن حقوق الأطفال، الأمر الذي لم يعجب الطرف السعودي، وخرجت بتصريح على لسان مندوبها لتؤكد بأن إخراجَها من القائمة هو أمر نهائي وغير قابل للتغيير ودون شروط، الأمر الذي رآه مراقبون بأنه صفعة جديدة تلقاها بان كي مون على خده، بعد شطب الرياض من القائمة السوداء بصورة مؤقتة على حد زعمه.
وفي 10 يونيو من نفس العام اعترف الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بأن رفع التحالف السعودي من القائمة السوداء حصل؛ بسبب ضغوط وتهديدات سعودية بوقف التمويل لعدد كبير من برامج الأمم المتحدة، مندداً بضغوط غير مُبَرّرة مارستها الرياض لإرغام المنظمة الدولية على سحب التحالف العسكري الذي تقوده الرياض في اليمن، من اللائحة السوداء للدول التي تنتهك حقوق الأطفال، حيث لفت مون أمام الصحفيين أن هذه الضغوط شملت تهديداتٍ بإلغاء تمويل عدة برامج للأمم المتحدة.
وأمام هذه الحقائق والمعطيات التي تشخّص الوضعَ الحقيقي للأمم المتحدة الذي تقف عاجزةً ومكتوفة الأيدي تجاه أَكْبَر وأفظع الجرائم وحرب الإبادة في العصر الحديث التي ترتكبها السعودية بدعم وضوء أخضرَ أمريكي إسرائيلي على مدار 3 أعوام بحق الشعب اليمني، فإن الحديثَ عن تسليمِ ميناء الحديدة للأمم المتحدة هو بمثابة تسليم رِقاب الشعب للعدو نفسه للنيل منها بلا رحمة أَوْ إنْسَانية، خصوصاً بعد أن أثبتت الأَيَّـام الماضية بأن الأمين العام للأمم المتحدة ليس سوى شرطيٍّ لدى أمراء النفط الخليجيين وأولياء نعمته وأصحاب الفضل عليه وعلى منظمته التي فشلت حتى عن إدخال سفينة واحدة من السفن المحتجزة لدى العدوان السعودي الممتنع عن إدخالها إلى ميناء الحديدة.