القيادة الأميركية تؤكد مساندة جيشها للسعودية في شن الهجمات الجوية على اليمن
نشرت مجلة الفورين بوليسي الأمريكية في يوم 23 نوفمبر من العام الجاري مقالاً للكاتب بول مكليري يكشف تفاصيل جديدة عن الدور الأمريكي في العدوان على اليمن وأن لولا أمريكا ما كان باستطاعة السعودية شن هذا العدوان، صدى المسيرة تنشر نص التقرير مفصلاً بالأرقام والتقارير العسكرية من وزارة الدفاع الأمريكية :
أصبح مشهد القنابل العنقودية التي لم تنفجر شائعا على نحو واسع في مزارع اليمن والقرى الصغيرة، وصارت تذكيرا بصريا لاستمرار الحرب الجوية السعودية هناك، ولدور واشنطن الكبير والمبهم في تسليح وتموين طائرات الرياض الحربية.
عندما بدأ “التحالف العربي” الذي تقوده السعودية حملته العسكرية ضد “حركة الحوثي”حسب وصف الصحيفة في مارس الماضي، وعد الحلفاء حينها بحرب جوية خاطفة وحاسمة لإخراج “الحوثيين” من العاصمة صنعاء. ولكن بعد ثمانية أشهر اشتدت فقط ضراوة القتال.
في البداية اقتحمت القوات البرية السعودية والإماراتية البلاد بآليات عسكرية أمريكية الصنع كجزء من حملة لتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، وإعادة الرئيس المخلوع عبد ربه منصور هادي إلى السلطة. وانضم المئات من الجنود من مصر وقطر والسودان لاحقا لهذه القوات.
وفي حين كان القتال على الأرض شديدا، فإن الغارات الجوية هي التي تسببت في إحداث معظم الدمار، تحلق الطائرات الحربية في سماء صنعاء والقرى الصغيرة في جميع أنحاء البلاد بحثا عن أهداف عسكرية ولكنها في الغالب تقوم بقصف المدنيين بدلا من ذلك. وتقدر الأمم المتحدة أن الحرب قد أسفرت عن مقتل أكثر من 2500 من المدنيين، بينهم المئات من النساء والأطفال.
أصر القائد الأعلى للقوات الجوية الملكية السعودية مؤخرا أن بلاده “متمسكة بالقواعد والقوانين الدولية واتفاقية جنيف، في المقام الأول، وكذلك قانون النزاعات”. وعلى الرغم من ارتفاع عدد القتلى المدنيين فقد قال: “نحن لا نستهدف المدنيين”.
تتعرض الرياض لانتقادات عنيفة من جماعات حقوق الإنسان في الخارج الذين يتهمون القوات الجوية السعودية بقصف أهداف مدنية مع عدم إجرائها تحقيقات حول ذلك أو إقرارها بالمسؤولية. وفيما يخص الاتهامات بقتل المدنيين، قال جو ستورك نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومنرايتسووتش: “من الالتزامات الواجبة على أي طرف من الأطراف المتحاربة هو إجراء تحقيق جدي”. وأضاف “السعوديون بكل بساطة لم يفعلوا ذلك.”
ولكن بعض ذلك اللوم يجب أن يلقى على واشنطن نظرا لأن حملة القصف اليومي لم تكن لتتم لولا الحضور المستمر لطائرات النقل الأمريكية التي تزود طائرات التحالف بالوقود بالإضافة إلى قيام مقاولي وزارة الدفاع ببيع أسلحة موجهة بدقة للرياض وحلفائها بقيمة مليارات الدولارات.
بدأ إقلاع الطائرات الأمريكية لدعم الحملة العسكرية في 5 أبريل، أي بعد أقل من أسبوعين منذ بداية سقوط القنابل في اليمن أواخر مارس الماضي. ووفقا للأرقام التي قدمتها وزارة الدفاع فإن ناقلات الوقود الأمريكية الجوية قد نفذت، حتى 13 نوفمبر، 471 طلعة جوية زودت فيها طائرات التحالف بالوقود 2443 مرة. وقد بلغ مجموع ساعات الطيران للرحلات الجوية الأمريكية ما يقرب من 3926 ساعة أفرغت خلالها مايزيد عن 17 مليون باوند من الوقود.
أغلب الطائرات المقاتلة التي يقودها الطيارون العرب في التحالف أمريكية الصنع تستخدم ذخائر أمريكية الصنع في المقام الأول، وقد تم تعزيزها مؤخرا بسلاح وعتاد بقيمة 1.29$ مليار دولار وافقت واشنطن على بيعها للمملكة العربية السعودية. وتشمل صفقة البيع 22 ألف قنبلة، و 1000 قنبلة محسنة موجهة بالليزر، وأكثر من 5000 طقم من المعدات التي يمكنها تحويل القنابل القديمة إلى قنابل موجهة عن بعد بواسطة الـ GPS.
وعلى الرغم من عدد القتلى المدنيين نتيجة الغارات الجوية إلا أن كبار ضباط الولايات المتحدة لا يشعرون بالخجل من الحديث عن تورطهم في التخطيط للحرب. قال الجنرال تشارلز براون، قائد القيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية، في حديثه للجمهور خلال معرض دبي للطيران الذي عقد في وقت مبكر من هذا الشهر:إن العاملين في الجيش الأميركي يعملون حاليا في معسكرات خارج الأراضي الأمريكية لمساعدة السعوديين في التخطيط للهجمات الجوية اليومية وتقديم المساعدة الاستخباراتيه لتنسيق الطلعات الجوية.
وفي الوقت نفسه، تقف إدارة أوباما بقوة وراء حلفائها الخليجيين. وفي وقت سابق من هذا الشهر، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونرسايد قائلا: السبب وراء الضربات الجوية التي يقوم بها السعوديون هناك هو العنف الجاري الذي يسببه “المتمردون الحوثيون”. واعترف بأن الضربات أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين لكنه لم يتطرق إلى تحميل أي طرف المسؤولية عن ذلك قائلا: إن صناع السياسة الامريكية يدعون دائما إلى “ضبط النفس” في تنفيذ هذا النوع من الضربات الجوية عندما تكون بالقرب من المناطق المدنية.
مع ذلك، تمثل الحملة العسكرية الجوية وتداعياتها على المدنيين كدمة سوداء في عين واشنطن. فبعد أسابيع فقط من قيام طائرة أميركية طراز AC-130 بقصف مستشفى أطباء بلا حدود في قندوز بأفغانستان أسفر عن مقتل 14 من العاملين في المنظمة، قامت طائرة سعودية مشبوهة بضرب مستشفى آخر لمنظمة أطباء بلا حدود في اليمن. وفي حين تقول المنظمة: إنه لم يقتل أحد في الحادث الذي وقع في 26 أكتوبر، إلا أن تدمير المستشفى من المرجح أنه ترك ما يزيد عن 200 ألف يمني دون رعاية صحية. وبينما نفت الرياض مسؤوليتها عن الضربة الجوية، فقد كان رد فعل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سريعا، مصرحا بأنه “يدين الغارات الجوية التي تنفذها قوات التحالف بقيادة السعودية”.
صدى المسيره