الاستراتيجية الصهيونية تجاه القدس
مقالات | 21 يوليو | مأرب برس :
بقلم / حسام الدجني :
ما يجري في القدس هو مُقدّمة للانفجار الأكبر فلسطينياً، والذي سيكون صادِماً لكل الأطراف الاقليمية والدولية، ولهذا الانفجار أسبابه نلخّصها في ما يلي:تتعدّد الأسباب والهدف واحد، وهو السيطرة على القدس كعاصمة موحّدة لدولة الاحتلال الصهيوني، وبناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى.
الاستراتيجية الصهيونية تجاه القدس والمُقدّسات تسير على قدم ٍوساق
لم يكن يوم 21/8/1969 سهلاً على إسرائيل وعلى رئيسة الحكومة الصهيونية غولدا مائير، فقد قالت مقولتها المشهورة آنذاك: “لم أنم طوال الليل، كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجاً من كل مكان، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي عَلِمتُ أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده”.
منذ ذلك التاريخ والاستراتيجية الصهيونية تجاه القدس والمُقدّسات الإسلامية والمسيحية تسير على قدم ٍوساق، وتنطلق من ركائز خطيرة جوهرها يقوم على السيطرة على أكبر مساحة مُمكنة من الأرض، مع أقل عددٍ مُمكن من السكان العرب. في المقابل المسلمون والعرب غارقون في تفاصيل حياتهم اليومية، وأزماتهم السياسية والاقتصادية، والفلسطينيون غارقون بحال تيه ٍوانقسام.
بهذا النهج انطلقت إسرائيل في سياساتها التوسّعية، ضاربةً القانون الدولي بعرض الحائط، ومتجاوزةً شروط الاعتراف بكيانها المزعوم، عبر التزامها بقراري الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادرين في 29 نوفمبر/تشرين الثاني1947 (قرار التقسيم 181) وقرار (194) الصادر في 11 ديسمبر/كانون الأول سنة 1948، الذي ينصّ على إعادة اللاجئين وتعويضهم. فنالت إسرائيل الاعتراف الدولي، ولم تلتزم القرارات الدولية، بل على العكس تماماً، فهي تُمارس سياسة ترانسفير وتهجير لا تقل خطورة عن نكبة عام 1948، أو نكسة حزيران 1967، فإسرائيل ماضية في تهجير السكان العرب وفي تغيير معالِم المدينة المُقدّسة، وما نتحدّث به ليس في القدس الغربية، والتي بلغت تركيبتها السكانية من اليهود وغير العرب 99.1%، وإنما نتحدّث عن القدس الشرقية التي نصّ العديد من قرارات الشرعية الدولية بأنها عربية فلسطينية، ولكن إسرائيل وبمساندة من حلفائها الغربيين عملت وما زالت تعمل على تغيير الوقائع على الأرض، من خلال زيادة ملحوظة في وتيرة الاستيطان، وبناء الوحدات الاستيطانية، ومخطّطات عديدة تقوم بها بلدية القدس لطمْس معالمها، ويُضاف لذلك الحملة المسعورة لحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى للبحث عن هيكلهم المزعوم، وهذا من شأنه تحت أيّة ظروف طبيعية قد تحدث في مدينة القدس أن ينهار المسجد الأقصى وقبّة الصخرة المُشرِّفة.
أما الأخطر من ذلك كله فهو ما ذهبت إليه دراسة للدكتور أحمد دحلان بعنوان “الصراع الديمغرافي الإسرائيلي – الفلسطيني في مدينة القدس.. دراسة جيبوليتيكية”، وأهم ما جاء بها “أن إسرائيل نجحت في تغيير التركيبة السكانية في شرقي القدس، إذ بلغت نسبة اليهود 40.7% مقابل 59.3% للسكان العرب في عام 2010، وفي المقابل مارست سياسة التطهير العرقي في غربي القدس التي شكّل اليهود وآخرون 99.1% من جملة سكانها.
وأظهرت الدراسة انخفاضاً ملحوظاً في الخصوبة الكلية عند المرأة العربية من 4.51 مولود حيّ للمرأة في عام 2001 إلى 3.92 مولود حيّ في عام 2010، وفي المقابل ارتفع معدّل الخصوبة الكلية للمرأة اليهودية من 3.69 مولود حيّ إلى 4.17 مولود حيّ خلال نفس الفترة.
وبعد اشتباك الأقصى الأخير، بدأ الاحتلال الصهيوني في توظيف العملية لاستكمال حلقات تهويد المدينة المُقدّسة، فبدأت إجراءات البوابات الالكترونية وكاميرات المُراقبة داخل باحات الحَرَم القدسي الشريف، وهذا يُعيد للأذهان كيف وظّفت إسرائيل عام 1994م عملية إرهابية قام بها المُجرم المُستوطِن باروخ غولدشتاين ضد المُصلّين المسلمين في الحَرَم الإبراهيمي، حيث قامت بعد العملية بتقسيم الحَرَم الإبراهيمي مكانيّاً وزمانيّاً، وهو ما يُدلّل على أن الاحتلال ليس بحاجة لذرائع لتنفيذ استراتيجيته التي تؤسّس لأن تبقى القدس عاصمة موحّدة للدولة اليهودية.
والأخطر من ذلك مُصادقة اللجنة الوزارية للتشريعات في الحكومة الإسرائيلية على مشروع قانون أساس “القدس الموحّدة” الذي يمنع التنازُل عن القدس الشرقية، وسيُعرَض القانون على الكنيست للقراءة الأولى والثانية والثالثة وفي حال تم ذلك فإن وهْم حل الدولتين لم يعدْ قائماً، فالقانون سيقوِّض الحكومة ورئيسها من تقديم تنازلات في القدس الشرقية للفلسطينيين.
إن ما يجري في القدس هو مُقدّمة للانفجار الأكبر فلسطينياً، والذي سيكون صادِماً لكل الأطراف الاقليمية والدولية، ولهذا الانفجار أسبابه نلخّصها في ما يلي:تتعدّد الأسباب والهدف واحد، وهو السيطرة على القدس كعاصمة موحّدة لدولة الاحتلال الصهيوني، وبناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى.