«إيكونوميست»: عمان تخشى «الغدر الخليجي» بعد تجربة قطر
متابعات | 10 يوليو | مأرب برس :
لم يحظ الكثير من القادة بما حظي به السلطان «قابوس»، سلطان عمان، من المكانة. وتجد صورته معلقة دائمًا على حوائط كل المحال. وكل ستة أشهر أو نحو ذلك، بين نوباتٍ من علاج السرطان، يظهر على شاشة التلفزيون لإثبات أنّه لا يزال على قيد الحياة.
وفي آخر ظهور له في مايو/أيار، بدا أنّه يعاني من الألم. كان يرتدي سترة بيضاء مماثلة لتلك التي كان يرتديها والده قبل تدخل ابنه لإبعاده، منقذًا البلاد من الإفلاس، قبل إرساله إلى المنفى في دلهي.
وبعد 47 عامًا، تحتاج عمان مرة أخرى إلى زعيمٍ قويٍ لإصلاح أمورها المالية. ويحافظ السلطان، بضمان الرفاهية لشعبه بالإضافة إلى إدارة البلاد بقبضة حديدية، على هدوء البلاد ومنع شعبه، البالغ 4 مليون نسمة الآن، من التمرد. واستطاع السلطان احتواء الاحتجاجات خلال الربيع العربي عام 2011 عن طريق رفع الإنفاق العام بنسبة 70% على مدى الأعوام الثلاثة التي أعقبت ذلك. ولكن منذ انهيار أسعار النفط عام 2014، لم يعد قادرًا على تحمل ذلك. ومما يزيد الأمور سوءًا، أنّ جيران عمان العرب يحجبون عنها المساعدات، بسبب صداقتها مع إيران، والحياد في أزمة اليمن، والآن قربها من قطر. وقد واجه السلطان عجزًا في الميزانية بنسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015، و21% عام 2016.
لكنّ الإنفاق يتزايد بغض النظر عن تلك الأرقام. وفي عام 2016 تضاعف الجزء غير المحسوب من الميزانية، والذي يتضمن بدلاته الخاصة، وزيادة مرتبات عدد من موظفي الدولة، وتسلم دفعة جديدة من طائرات التايفون الحربية بريطانية الصنع. ومع ارتفاع تكلفة خدمة الدين العماني، تنمو الشكوك حول ما إذا كانت ستتمكن من سدادها. وفي مايو/أيار، غيرت وكالة التصنيف الائتماني« ستاندارد آند بورز» تصنيفها لسندات عمان إلى حالة غير المرغوب فيها. وقد يصبح السلطان أول زعيمٍ خليجي يتم استدعاؤه من قبل صندوق النقد الدولي.
وتحتاج عمان لتعادل ميزانيتها أن يرتفع سعر برميل النفط من 50 دولار إلى 80 دولار. ويشكك المراقبون أن يحدث ذلك، في الوقت القريب على الأقل. وفي الخريف الماضي، سجنت السلطات المحررين والصحفيين بسبب تداول تقرير لوكالة رويترز عن الفساد.
وعندما كان أصغر سنًا، كان السلطان ثوريًا. فبعد الإطاحة بحكم والده، الذي يشبه حكم العصور الوسطى، عام 1970، أعلن نهضةً في البلاد، وألغى العبودية، وزاد عدد المدارس ثلاثمائة ضعف (من ثلاثة مدارس فقط)، وأضاف 30 ألف كيلومتر إلى 15 كيلومترًا من الطرق المعبدة في عمان.
وتهدف رؤية 2020 التي كشف النقاب عنها عام 1995 إلى تحويل الاقتصاد من الاعتماد على النفط، وإطلاق العنان للقطاع الخاص، وإنشاء قاعدة صناعية واسعة. ولكن في العام الماضي، أعاد تسميتها برؤية 2040. وكان من المفترض أن تمثل صادرات النفط 40% فقط من الإيرادات الحكومية الآن، بعد أن كانت 66% عام 1995. وبدلًا من ذلك، ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 80%. وتسيطر القيادة على السياسة كما الحال في الاقتصاد. وبالإضافة إلى كونه السلطان، فإنّ «قابوس» أيضًا هو رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع والمالية ورئيس البنك المركزي. ويعد مجلس الشورى، أو المجلس الاستشاري، مجرد واجهة تجميلية.
وباعتبار خزائن عمان فارغة، فقد تأخر استكمال مطار مسقط الجديد إلى عامٍ آخر. وتتعرض الشركات الخاصة لضغوط كبيرة لاستيعاب عشرات الآلاف من الخريجين الذين يدخلون القوة العاملة كل عام. وقد اندلعت احتجاجات ضد ارتفاع أسعار البنزين لفترة وجيزة في فبراير/شباط الماضي. وإذا لم يتم القيام بأي شيء، يخشى المراقبين الأجانب من أن تفتت البلاد أو تستسلم لانقلابٍ آخر في القصر.
وقد تزيد أزمة قطر مع دول مجلس التعاون الخليجي الطين بلة. ومع تصاعد التوترات داخل المجلس، وبين دول المجلس وإيران، أصبح موقف عمان معقدًا. وفي ظل الحصار، تقوم قطر بتسيير الحركة الجوية عبر مسقط. وتم الكشف هذا الأسبوع عن طريقٍ جديدٍ إلى مدينة صحار الصناعية في عمان. كما تخطط عمان لجذب حركة المرور من ميناء جبل علي العملاق في دبي. ويسمح السلطان للصينيين بتوسيع ميناء الدقم، مينائه الجديد في المحيط الهندي، مقابل 10 مليار دولار من الاستثمارات المخصصة للشركات الصينية.
لكن التوترات مع قطر تجعل العمانيين متوترين أيضًا. فبعد الحملة السعودية الإماراتية في اليمن وقطر لتطهيرهما من النفوذ الإيراني، يخشى العمانيون أن يكون الدور عليهم في المستقبل. وقبل عقودٍ مضت، قاتل العمانيون السلفيات السعودية والإماراتية، وغالبًا بمساعدة غربية. لكنّ الرئيس «دونالد ترامب» قد يكون أقل استعدادًا لإنقاذ عمان. ويقال إنّه يستنكر دور عمان في التوسط في المحادثات الإيرانية الأمريكية السرية خلال إدارة سلفه، «باراك أوباما».
المصدر | إيكونوميست .