“القدس العربي” : مـصر.. الدولة الأمنية لا تستطيع توفير الأمن
مقالات | 9 يوليو | مأرب برس :
القدس العربي:
تعرّضت القوّات العسكرية المصرية لهجومين كبيرين جديدين بسيّارات مفخخة استهدفت تجمعين للجيش في شبه جزيرة سيناء أمس الجمعة وخلّف الهجومان عشرات القتلى والجرحى بينهم عدد من الضباط الكبار.
يحمل الهجومان بصمات تنظيم «الدولة الإسلامية ـ ولاية سيناء» الذي قتل منه، حسب بيان الجيش، أكثر من 40 عنصراً.
تحوّل بيانات القوات المسلحة والجهات المصرية المسؤولة، المعارك التي تجري في سيناء، وغيرها من مناطق مصر، إلى مباراة في الأرقام المبقعة بالدماء والمفرغة من المعنى السياسيّ لكل ما يجري، فكما يتفاخر التنظيم الإرهابيّ بعدد ضحايا غزواته يتحدّث الجيش المصري عن قتل عدد أكبر من المهاجمين من «التكفيريين» و«الإرهابيين».
وإذا كنا نتوقع من تنظيم إرهابيّ متطرّف أن يستهدف المدنيين، وألا يكترث بالضحايا المستهدفين في تفجيراته ضد مواقع الجيش والشرطة، فإن المرعب والمشين أن أجهزة الأمن المصرية، الموكّلة، افتراضا، حماية أرواح وأملاك مواطنيها، وحدود وسيادة بلادها، لا تكترث هي الأخرى بالأثمان الفادحة التي يدفعها المدنيون، الذين يقعون في مرمى نيرانها أو تصطادهم قذائف طائراتها، كما حصل مع المهندسين الثلاثة الذين قصفتهم طائرة مصرية قرب الحدود الليبية بسبب «الاشتباه» بأنهم «إرهابيون» قبل أيام، وهذا «الاشتباه» لم يوفر 10 سياح مكسيكيين قتلوا بالطريقة نفسها عام 2015 «عن طريق الخطأ».
اقتنص القتل المتواتر بالخطأ أمس الجمعة سيّدة أربعينية أصابتها رصاصة من قوات الأمن المصرية خلال تفريقها فعالية احتجاجية في منطقة أبو سليمان (شرق الإسكندرية) أثناء تواجدها في شرفة منزلها فأردتها قتيلة.
ترتبط التعمية على المعنى السياسي للتصاعد الكبير للعمليات الإرهابيّة والاكتفاء بتعداد أرقام القتلى من الإرهابيين وقوات الأمن والكلام الإنشائي العمومي عما يحصل في مصر بحاجة النظام لإبعاد مسؤوليته عن الاستعصاء السياسي الكبير الذي بدأ فعليّاً بمذبحة ساحتي رابعة العدوية والنهضة بعد انقلاب 3 تموز/يوليو عام 2013، وتواصل مع محاولة شطب اتجاه تيار «الإسلام السياسي» من المعادلة، مروراً بتبرئة رموز نظام مبارك، وانتهى بالقمع المعمّم لكل القوى السياسية المدنية المصريّة.
هذا الخلل السياسي الكبير مرفوقاً بتنطّع الجيش للتدخّل المباشر في شؤون البلاد أدّى إلى اختلالات اقتصادية فادحة لجأ النظام لحلّها بالاعتماد على بعض دول الخليج العربي كالسعودية والإمارات، واعتماد الأجندة التقليدية لصندوق النقد الدوليّ، وترافق ذلك مع تسليم النظام جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وما عناه للمصريين من تخلّ عن السيادة المصرية، ومن انخراط عجيب في حلف إقليميّ غير مسبوق يضمّ دولة جمهورية عسكرية يقول رئيسها إنه قام بثورة شعبية، ودولا ملكيّة همّها الأول وأد أي أمل مستقبلي بأي ثورات!
تلخّص ركاكة الإنشاء الملصق كيفما اتفق غرابة الحالة العربية الحالية وهدفها من إخفاء الحقيقة الناصعة للدولة الأمنيّة التي تزرع الرعب والفقر وتنشئ كل المكوّنات الضرورية للإرهاب ثم تقول إنها تفعل كل ذلك لتحافظ على الأمن.
المصدر | القدس العربي