أرادوا التحرّش بإيران… فوجدوا تركيا؟

متابعات | 10 يونيو | مأرب برس :

مقالات-ناصر قنديل

رسمياً، لا تزال تركيا عضواً في حلف شمال الأطلسي الذي تقوده واشنطن، والذي لا يضمّ بين صفوفه أياً من دول الخليج ( الفارسي ) التي أعلنت الحرب على قطر. ورسمياً أنقرة أعلنت أنها ترتبط مع الدوحة باتفاقية تعاون عسكري تشبه تلك التي تربط الدوحة بواشنطن وتقوم على أساسها قاعدة العديد الأميركية في قطر. وبالمثل ستضع تركيا قاعدة لقواتها في قاعدة موازية. ورسمياً سقطت الوساطة الكويتية ومثلها المساعي الأميركية بقيت في الإعلام، والدوحة تعلن أنها ترفض الوصاية، وأنها قادرة على التعايش مع العقاب السعودي الدبلوماسي والاقتصادي وأن خط الإمداد التجاري عبر إيران كافٍ.

 

ما جرت هندسته لملف العلاقة بقطر كان مبنياً على محوري العزل الاقتصادي وصولاً لباب الإفلاس، والتطويق الجغرافي العسكري مع التلويح بخيارات التأديب عبر الانقلاب الذي يتخذ ذريعة للغزو والاحتلال، ولم يدخر قادة الحرب لتأديب قطر كل عناصر الاستقواء اللازمة بالموقف الأميركي الذي كان حاضراً بقوة الولاء السعودي والجهوزية للمضي بلا حدود ولا شروط في العلاقة بـ«إسرائيل»، وفوقه خمسمئة مليار دولار، ولا ادّخر السعوديون علاقاتهم وأموالهم لكسب المزيد من المشاركين في جوقة المقاطعة، من جزر القمر إلى جيبوتي والمالديف، لكن الجلبة الإعلامية والسياسية تقارب بلوغ سقوفها، ويصير السؤال عن الخطوة التالية ما لم تستسلم قطر.

جاءت العمليات الإرهابية في طهران بالتزامن مع الأزمة القطرية استفزازاً بتوقيع علني من واشنطن والرياض، ومحاولة لإصابة الكرامة الإيرانية بجرح يخرجها من الحسابات الهادئة، أملاً بأن تكون أي مواجهة مقبلة بعنوان خليجي إيراني يمنح واشنطن مبرر استعراض قوة، ولا يذهب للنهايات الصعبة بل يتوقف عند حدود فرض خريطة نفوذ سعودية في الخليج ( الفارسي ) ، تبدأ من قطر. وإن تحاشت طهران التجاوب مع الاستفزاز يجري قطاف سهل لقطر، فإذ إيران باقية على هدوء الرد، والثبات في جبهات المواجهة وعنوانها السباق مع الأميركي على الحدود بين سورية والعراق، وإذ بتركيا تفعّل اتفاقيتها العسكرية مع قطر وتلوّح بالتدخل إذا تعرّضت قطر للخطر.

حسابات محمد بن سلمان للمرة الثانية تضيع بين الحقل والبيدر، ففي حرب اليمن أقام بن سلمان حساباته على الفوز بالحرب خلال أسابيع قليلة. ومضت سنوات ولا زال عالقاً في المستنقع. وها هي حساباته بعد خسارة الخمسمئة مليار تضعه في مستنقع جديد، فإن غامر عسكرياً سيجد الأتراك أمامه وليس الإيرانيين، وإن توقف في منتصف الطريق زاد مأزقه تفاقماً وأثبتت الإمارة الصغيرة قدرتها على الصمود وتحدّت المشيئة الملكية، وبدلاً من تقديمها مثالاً لكل من يفكر بشق عصا الطاعة ستتحول لقاعدة إسناد لكل خصوم السعودية في الخليج ( الفارسي ) من البحرين إلى اليمن، ومثالاً على كيفية تحدي السعودية وسقوطاً للمهابة التي كلفت صناعتها أموالاً طائلة.

المصيبة تقع على رأس بن سلمان إن ذهبت الدوحة وأنقرة مع أخطار التحدّي الوجودي، التي يحملها التوجه الأميركي المحسوب على قياس أمن «إسرائيل» وتلتزمه السعودية، إلى التموضع في الحلف الروسي الإيراني، بعدما صار واضحاً أن الخيار يبدأ وينتهي في سورية، بين مشروعَيْن: واحد يريد إدامة الفوضى وإدارتها من بوابة ثنائية “داعش” وقوات الأكراد، وثانٍ يريد الذهاب لتسوية تُعيد بناء الوحدة السورية من بوابة أستانة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى