لماذا رفض الأمير تميم دعوة ترامب والذهاب الى واشنطن؟
متابعات | 10 يونيو | مأرب برس :
مقالات-عبدالباري عطوان
لماذا رفض الأمير تميم دعوة ترامب والذهاب الى واشنطن؟ وهل كان يخشى عدم العودة؟ وهل افشال الوساطة الكويتية كان متعمدا لتبرير التدخل العسكري؟ وكيف سيكون موقف قاعدة العيديد في ظل تدفق القوات التركية الى قطر؟
من تابع تقاطيع وجه الشيخ صباح الأحمد الجابر امير دولة الكويت، وحالة الإحباط واليأس الغالبة في جميع لقاءاته التي اجراها خلال رحلاته المكوكية مع المسؤولين في السعودية والامارات ودولة قطر، يدرك دون ادنى عناء ان وساطته لم تحقق أي نجاح، وان الأمور ذاهبة الى التصعيد على الصعد كافة، السياسية والاقتصادية، وربما العسكرية أيضا.
مرة أخرى نقول “انها الحرب”، وانها ستنزلق الى مزالق “قذرة” و”غير مسبوقة”، لان كل طرف متمسك بمواقفه، ويرفض التنازل عنها، فالمعسكر السعودي الاماراتي المصري يريد التزاما كاملا وسريعا من قطر بتطبيق “الاملاءات” العشر، وقطر تتحدى وترفض تنفيذ أي منها، وتعلن حالة التأهب في صفوف قواتها تحسبا للاسوأ.
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، امير دولة قطر كان محقا في رأينا عندما اعلن انه لن يقبل دعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحضور قمة لبحث الازمة في واشنطن طالما الحصار مستمر على قطر، لانه يريد ان يكون في بلاده ووسط شعبه لمواجهة اي طارىء، ولانه يدرك جيدا انه اذا غادر بلاده ربما لا يعود اليها، استيعابا لدروس جده الشيخ خليفه بن حمد الذي أطاح به ابنه الشيخ حمد بن خليفة (والد تميم)، اثناء زيارة له للقاهرة عام 1995، او ابن عم جده الشيخ حمد بن علي، اول امير لدولة قطر منذ استقلالها عام 1971، الذي غادر في زيارة رسمية من طهران ولم يعد منها الى الدوحة.
***
أربعة تطورات خطيرة وقعت خلال الـ 24 ساعة الماضية يمكن من خلال رصدها قراءة ملامح المآلات التي يمكن ان تنجر اليها الازمة:
أولا: دخول مصر الى الساحة بقوة، ودعوة كبير وفدها الدبلوماسي في نيويورك، السيد إيهاب مصطفى، مجلس الامن الدولي بإجراء تحقيق محايد حول اتهامات باقدام قطر على دفع مليار دولار نقدا (كاش) كفدية لمنظمة إرهابية في العراق، وأخرى في سورية من اجل اطلاق سراح 26 من أعضاء في الاسرة الحاكمة كانوا مختطفين في العراق، واكد انه اذا ثبت صحة هذه الاتهامات فانها ستشكل آثارا سلبية على جهود مكافحة الإرهاب.
الثانية: تصريحات خطيرة وردت على لسان وزراء اماراتيين، الأول هو السيد أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، وصف فيها تصرفات قطر بـ”المربكة” و”المرتبكة”، والثاني هو الدكتور سلطان بن احمد الجابر، وزير الدولة أيضا، الذي قال “ان الكيل قد طفح”، وأضاف “ان قطر مستمرة في دعم منظمات إرهابية مثل “حماس″ و”القاعدة” وحركة “الاخوان المسلمين”، الى جانب أخرى (انصار الشريعة) في ليبيا، الى جانب دعمها نظاما (ايران) يدعم الإرهاب في مختلف انحاء العالم”.
الثالثة: اعلان شبكة “الجزيرة” القطرية ان موقعها وحساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي تتعرض لهجوم معلوماتي ولمحاولة اختراق ممنهجة ومستمرة، كما تعرض التلفزيون الرسمي القطري لمحاولة قرصنة، بعد أسبوعين من اختراق موقع وكالة انباء “قنا” الرسمية.
الرابعة: موافقة البرلمان التركي على ارسال خمسة آلاف جندي لتعزيز القاعدة التركية العسكرية في قطر، وتوارد تقارير إخبارية عن وصول وحدات من الحرس الثوري الإيراني أيضا على شكل “مستشارين” و”مدربين”، ولكن لم يصدر أي تأكيد رسمي قطري او إيراني لها.
إصرار المربع السعودي الاماراتي البحريني المصري على تنفيذ قطر للشروط العشرة، وعدم ابداء أي مرونة تجاوبا مع وساطة امير الكويت، والرفض القطري “الصارم” والمتحدي لها في المقابل، الذي ورد على لسان وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي اكد ان بلاده لن تسمح لاحد بالتدخل في سياستها الخارجية، يعني ان الازمة تزحف بسرعة نحو المزيد من التصعيد بشقيه الاقتصادي والعسكري.
خروج الازمة من نطاقها الخليجي، الى نظيره الإقليمي، ربما يدفع بها تجاه المواجهة العسكرية، وهناك مؤشرات كثيرة تفيد بأن التدخل العسكري لتغيير النظام جرى الاتفاق عليه، ووضع خططه منذ فترة طويلة، وان الغارات الجوية تنتظر إشارة الانطلاق.
افقنا يوم الاثنين الماضي على انباء قطع العلاقات الدبلوماسية، واغلاق الأجواء والمعابر البرية والبحرية، وفرض حصار خانق، ولا نستبعد ان تفوق من النوم صباح يوم غد او بعد غد على انباء الغارات الجوية، وزحف القوات البرية باتجاه الدوحة.
من اطلق “عاصفة الحزم” للعدوان على اليمن (بمشاركة قطر) لن يتردد في توجيه طائرات هذه العاصفة نحو قطر الصغيرة التي لا تزيد مساحتها عن 11 الف كيلومتر مربع فقط، خاصة ان تلك الطائرات باتت عاطلة عن العمل ولم تعد تجد أي اهداف لضربها في اليمن.
***
نحن نقف على حافة هاوية ازمة إقليمية خرجت عن اطار الوساطات وسياسات “تبويس اللحى”، والاحاديث الممجوجة عن “الاخوة الخليجية”، انها “حرب إقليمية” على وشك الاندلاع، ولكن بطائرات حديثة أمريكية هي الاحدث في العالم، وليس بالسيوف والرماح وظهور الخيول.
ارسال تركيا لقوات الى الدوحة خطوة تضامنية جيدة، ولكنها قد تعطي نتائج عكسية، ليس لان تركيا بعيدة، وانما أيضا لانها قد توفر الذريعة للغزو العسكري لقطر أيضا.
قاعدة العيديد ربما لن توفر الحماية لقطر، وقد يكون دورها حيادي الطابع، والا لما كانت هناك حاجة في الأساس لوجود قاعدة تركية موازية وارسال قوات لتعزيزها بموافقة برلمانية.
أمريكا تريد الحلول العسكرية، وقد لا تقف على الحياد، واذا انحازت فستنحاز للمعسكر السعودي الاماراتي، ليس لانها قبضت الثمن مقدما (500 مليار دولار)، وانما لانها تريد وضع كل منطقة الخليج تحت انتدابها رسميا.
الوساطة الكويتية فشلت لانه اريد لها ذلك، ولم تكن امامها أي فرصة للنجاح في الأساس، وهذا الفشل كان مقصودا لتمهيد الطريق للخيار العسكري.. انها الحرب اذا، وهي حرب ستجر الجميع الى اتونها، ولن تكون قطر هي الخاسر الوحيد.