ما هو السر الحقيقي الذي يقف وراء البيان الغاضب لاسرة الامام محمد بن عبد الوهاب بإسقاط نسبها عن امير قطر؟
متابعات | 1 مايو | مأرب برس :
عبدالباري عطوان-رأي اليوم
ما هو السر الحقيقي الذي يقف وراء البيان الغاضب لاسرة محمد بن عبد الوهاب بإسقاط نسبها عن امير قطر؟ ولماذا دخل الخلاف القطري السعودي مناطق محرمة؟ وهل تحول الصراع الى صراع قبلي الى جانب كونه سياسيا؟ اليكم بعض الشروحات
كشفت مصادر دبلوماسية لـ”راي اليوم” السر الكامن خلف البيان الذي اصدرته اكثر من 200 شخصية بارزة من اسرة آل الشيخ، وعلى رأسها الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة، بنفي أي صلة نسب بين جد الأمير القطري الحالي تميم بن حمد آل ثاني والامام محمد بن عبد الوهاب، يعود بالدرجة الأولى الى نجاح الاسرة الحاكمة القطرية في محاولة “تجميع″ قبيلة “آل تميم” بشقيها الشيعي والسني تحت زعامتها، خاصة فرعها القوي في نجد في المملكة العربية السعودية.
وأكدت هذه المصادر ان الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، امير قطر السابق، او الأمير الوالد مثلما يقول لقبه الرسمي، هو الذي يقف حول هذا الحراك الاجتماعي الطابع، والسياسي الهدف، الذي حقق نجاحات واختراقات عديدة في الدول التي ينتشر فيها أبناء قبيلة “تميم” في العراق وسورية والجزيرة العربية، ومنطقة الخليج خاصة، علاوة على فلسطين والأردن الامر ازعج الاسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية.
واذا صحت التقارير الإعلامية التي افادت “ان ما ازعج آل الشيخ والحكومة السعودية معا ان نجاح الاسرة القطرية الحاكمة في إقامة قنوات اتصال قوية مع عشائر “آل تميم” في نجد ومنطقة الاشيقر خاصة، وبناء مساجد وجامعات لابنائها في المنطقة، وتقديم دعم مالي قطري لشيوخها، وتجنيس بعض أبنائهم بالجنسية القطرية، ومنحهم امتيازات ومراكز عالية في المؤسسات القطرية، فان هذا يؤكد ان الاسرة الحاكمة في قطر نجحت في تحقيق اختراق سياسي كبير في السعودية وبحرفية عالية.
امير قطر السابق حمد بن خليفة كان يتباهى دائما بانتمائه الى قبيلة بني تميم، ولهذا لم يكن من قبيل الصدفة اختياره ابنه “تميم” الذي يوصف بشخصيته القوية، وبرودة اعصابه، وتأهيله العلمي، ليكون ولي العهد، وبعد ذلك اميرا لدولة قطر، متقدما على جميع اشقائه، وخاصة الشيخ جاسم بن حمد، الذي اختير وليا للعهد لفترة قصيرة.
ومن هذا المنطلق، أي تأكيد الانتماء الى اسرة الامام محمد بن عبد الوهاب، شيد الأمير حمد بن خليفة مسجد هو الاضخم في الدوحة عام 2012، أي قبل تنازله عن العرش لابنه تميم، اطلق عليه اسم مسجد الامام محمد بن عبد الوهاب، وحل محل مسجد الخليفة عمر بن الخطاب الذي كان بمثابة المسجد الرسمي للدولة، وكان يلقي عبر منبره الشيخ يوسف القرضاوي، الداعية المصري المعروف، خطبة الجمعة كل أسبوع، ويبثها تلفزيون قطر مباشرة.
وما ازعج السلطات السعودية أيضا نجاح السلطات القطرية في تحقيق اختراق آخر تمثل بدعوة نخبة من الدعاة السعوديين لالقاء خطب الجمعة من على منبر المسجد “الوهابي”، مثل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ سلمان العودة، والشيخ محمد العريفي، والشيخ عائض القرني وآخرين واكرم وفادتهم والاحتفاء بهم، ولعل وقوف معظم هؤلاء الدعاة على الحياد وغيرهم في الازمة السعودية القطرية الحالية يعود الى هذا الاختراق، والشيء نفسه يقال أيضا عن الغالبية العظمى من أبناء قبيلة تميم في الجزيرة العربية والعراق وسورية.
إصرار بيان آل الشيخ على ازالة اسم امامهم محمد بن عبد الوهاب عن المسجد القطري في بيانهم الأخير ربما جاء بضغط من السلطات السعودية التي شعرت بالاختراق القطري الرسمي وخطورته، واستغلالا للخلاف المتفاقم حاليا بين السعودية ودولة قطر، ولكن هذه الخطوة التي يبدو انها ربما نتيجة “نزق” و”عدم ترو” قد تخدم الاسرة القطرية الحاكمة وتخفف من تهمة التطرف الإسلامي التي تحاول جهات عديدة الصاقها بها هذه الأيام.
لا نعتقد ان السلطات القطرية ستستجيب لبيان اسرة آل الشيخ، وتسقط اسم الامام محمد بن عبد الوهاب عن جامع الدوحة الكبير الذي يحمل اسمه، لان هذا الاسم بات ملكية عامة بحكم انتشار المذهب الوهابي، وحتى اذا نجحت ضغوط الاسرة في اسقاط نسب انتماء امير قطر اليها، فان هذا لن يسقط انتمائه واسرته الى قبيلة تميم التي تجمعهم جميعا تحت شجرتها، اي آل الشيخ وآل عبد الوهاب معا.
الصراع بين قطر من ناحية والسعودية والامارات والبحرين من ناحية أخرى بدأ يدخل مناطق محظورة، ويتجاوز كثير من الأعراف المتبعة في الخصومة، من اللافت ان الطرفين يتجاوزان الخطوط الحمراء في هذا الصدد، وخاصة الخوض في الاعراض والأمور الشخصية، وان كان الجانب السعودي الحاكم هو الأكثر تغولا في هذا المضمار.
قطر تقف وحيدة وبعدد يتناقص من الأصدقاء والحلفاء في مواجهة جبهة عريضة مسلحة بترسانة أسلحة دبلوماسية وسياسية ثقيلة، فالصمت التركي مريب، وايران لها اهداف ومصالح اخرى، والكويت غير متحمسة كثيرا للوساطة، والأخطر من ذلك ان هذه الجبهة مدعومة من الإدارة الامريكية الحالية، واذا نجحت في تجاوز هذه الازمة، ، فان ثمن هذا النجاح قد يكون مكلفا جدا، ونكتفي بهذا القدر.