عودة اليمن
لو ألقينا نظرة على الواقع المحيط بنا ولو تفحصنا وسائل الإعلام العالمية ولو بحثنا في أوساط الشعوب والمجتمعات في كافة أنحاء العالم لوجدنا أن اليمن قد أصبح في صدارة حديثهم ونقاشاتهم وأصبحت أخبار اليمن من أولى اهتماماتهم وأعتقد أنه لم يعد هناك لسان في هذه المعمورة لم ينطق باسم اليمن.
الهدف من موضوع اليوم هو تسليط الضوء على التغير المفاجئ والملحوظ في نظرة كافة المجتمعات إلى بلدٍ كان لا يُعرف إلا رسمًا على الخريطة بغير مسمى! وكان لا يُعرف إلا على أنه بلدٌ مجاور لمملكة النفط التي تسمى السعودية، والبعض إذا ما حدثته عن اليمن أول ما يتبادر إلى ذهنه هو كم يبعد هذا البلد عن السعودية وفي أي اتجاه؟ فإذا ما عرف أن بلدك مجاور لها اعتقدَ فورًا أن اليمن إذًا دولة فاحشة الثراء! وهو لا يعرف أنها دولة شعبها فقير بسبب جارتها (الكوبرى) التي حالت دون تقدم اليمن وازدهاره وتطوره.
هذا بالنسبة لمن لا يعرف اليمن، أما بالنسبة لبعض من عرف اليمن فنظرته هي الأخرى نظرة سلبية بل وباستحقار شديد فاليمن بالنسبة إليه دولة متخلفة وشعبها جاهل وفاشل ولا يستطيع مواكبة العصر ولا يستطيع حتى أن يغير من واقعه! حتى أن البعض ينفجر ضاحكا حتى البكاء بملامح غرور وتكبر إذا ما قيل له أن هناك وجودا لكوادر يمنية ولشباب مبدعين وعباقرة فيرد بغرور وتبختر (إنت ما تعرف أبو يمن) وأحيانا (يُماني) بضم الياء وتفخيم الميم ومد الألف ست حركات!
لا يهم كيف كانت النظرة إلى اليمن ما يهمنا هو ما أصبحت عليه اليوم وسنعرف أن هناك آثار إيجابة كبيرة ومهمة نتجت عن هذا العدوان الظالم وأن العدوان خدم اليمن بشكل لم يكن يتوقعه أو يتصوره، فاليمن العريق عاد من جديد إلى أحضان الكرة الأرضية، اليمن عاد إلى الخارطة اسمًا ورسمًا واعتبارًا، عاد يمن تُبَّع، يمن الأوس والخزرج عاد، فقد كنا نحتاج إلى عشرات السنين لكي نعيد اليمن للوجود ولكي يستيقظ اليمن من غيبوبته، إلا أن العدو سهل لنا هذه المهمة وأعاد لليمن مجده وعزه وأيقظ خلاياه التي نامت لفترات طويلة، فيمكن تشبيه هذا العدوان بالصعقة الكهربائية التي يُضطر إليها لإنقاذ المريض من الموت.
لذا من يريد معرفة أين وصل اليمن فعليه متابعة وسائل الإعلام الأجنبية وسيعرف أن اليمن أصبح من أهم عناوين الصحف والنشرات الإخبارية بل حتى عوام الناس في كثير من الدول أصبح من جل اهتماماتهم هو الحديث عن اليمن وأيضا سيعرف أن كبار ساسة العالم لا ينفكون لوهلة عن الحديث عن اليمن وسيعرف أن اليمن أصبح يعلو رأس كل مفكر وحُر في هذا العالم، فلا يجب أن نأبه لقنوات العدو التي تحاول أن تصور أن العالم يقف معها في عدوانها على اليمن وأيضا محاولتها في لفت أنظار الشعب اليمني عن المواقف المشرفة التي تتبناها شعوب العالم وقوفا مع مظلومية اليمن ورفضها واستنكارها للعدوان الغاشم على يمن الإيمان والحكمة، وأيضا تعمل هذه القنوات على بث حالة من الهلع والفزع بين أوساط الشعب اليمني فالعدو لم يعد يمتلك سوى آلة الحرب الإعلامية ظنًّا منه أنه يستطيع إخضاع الشعب وإجباره على الاستسلام، ولكن العدو لا يعلم أن اليمن كانت عصية على كل من فكر في احتلالها أو مواجهتها طوال التاريخ ولا تزال عصية حتى اليوم وإلى يوم الوقوف بين يدي الله جل شأنه الذي وعد بالنصر والتمكين لعباده المؤمنين.