لماذا استهدفت إيران النقب في هجومها على الأراضي المحتلة؟
متابعات || مأرب نت || 10 شوال 1445هـ
صحراء النقب هي صحراء واسعة تقع في جنوب الأراضي المحتلة، وتغطي 55% من مساحة فلسطين المحتلة، وهذه المنطقة، على الرغم من اتساعها، إلا أن عدد سكانها قليل ومتناثر نسبياً.
هذه المنطقة مهمة جدًا للكيان الصهيوني، لأن جزءًا من أهم المرافق والبنى التحتية للكيان الصهيوني يقع في هذه المنطقة، ونظراً لصغر مساحة الأراضي المحتلة، تتمتع منطقة النقب بموقع أكثر خصوصيةً من أجل بناء المراكز والمرافق.
ليلة الأحد الماضية، أطلقت إيران، رداً على هجوم الکيان الإسرائيلي على السفارة الإيرانية في دمشق وأيضاً على جرائمه الأخيرة، عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة، مستهدفةً الأراضي المحتلة والمواقع العسكرية للکيان الصهيوني.
والأهداف التي هاجمتها إيران خلال عملية “الوعد الصادق”، كانت جميعها تقع في صحراء النقب، ويعتبر هذا الهجوم رسالةً مهمةً لقادة الکيان الصهيوني، وفي هذا الصدد، لا بد من القول إن الجانب الأكثر أهميةً وحساسيةً لأهمية هذه المنطقة بالنسبة للكيان الصهيوني، هو جانبها العسكري والأمني.
المناطق والمراكز المهمة للكيان الصهيوني في صحراء النقب
يوجد عدد كبير من القواعد الجوية الإسرائيلية في هذه المنطقة وما حولها، والأهم من ذلك أنه تم بناء أحد أهم المواقع النووية في الکيان الإسرائيلي، أو ربما أهمها، في هذه المنطقة، وهو موقع “ديمونا”، وأيضاً، مدينتا ديمونة وبئر السبع تقعان في النقب.
كما يقع في هذه المنطقة ميناء إيلات الذي يعتبر أحد الميناءين المهمين والإستراتيجيين للكيان الصهيوني، هذا الميناء هو الطريق الأهم أمام الکيان الصهيوني للوصول إلى الشريان التجاري، وهو البحر الأحمر، وهي مدينة حساسة لتنفيذ خطط مهمة، بما في ذلك خط الربط البري مع الدول العربية مثل السعودية في المستقبل، وکذلك، توجد في هذه المنطقة إحدى أهم القواعد العسكرية الأمريكية.
وبغض النظر عن موقع مدينتي ديمونا وبئر السبع، كما ذكرنا، فإن هذه المنطقة تحتوي على مرافق عسكرية وتجارية وأمنية مهمة، وحسب موقع واي نت، فإن هذه القاعدة تضم أسراب طائرات إف-35 بالإضافة إلى أسراب نقل، بما في ذلك طائرات سوبر هرقل وهيركوليز.
كما أن هذه القاعدة هي قاعدة حظيرة طائرات “جناح صهيون” المعروفة باسم “طائرة رئيس الوزراء”، والتي أقلعت بعد بدء الهجوم الإيراني، وذكرت بعض المصادر الأخرى غير الرسمية وجود طائرات من طراز F-16i وF-15i في هذه القاعدة.
وتعرضت قاعدة (Roman) الجوية للجيش الإسرائيلي، وهي إحدى القواعد الجوية الست في منطقة النقب، للهجوم كهدف آخر في الهجوم الإيراني الأخير، وقال الجيش الإسرائيلي في شرح هذه القاعدة: إن هذه القاعدة تستضيف مروحيةً قتاليةً من طراز AH-64D ومقاتلات من طراز F-16I Sufa.
إن قاعدة (premises) الجوية هي قاعدة جوية أخرى أقرب إلى صحراء النقب، وقد كتب موقع الجيش الإسرائيلي عن الطائرات الموجودة في هذه القاعدة: حسب آراء الخبراء العسكريين، فإن السبب الرئيسي والأهم والدافع الذي دفع “إسرائيل” لشراء هذه المقاتلات، هو استخدامها في الحرب مع الجيش الإيراني وحزب الله اللبناني، ومن قدرات هذه المقاتلات التفوق في المعارك الجوية والتحليق على ارتفاعات عالية والقدرة على السفر لمسافات طويلة، والوصول إلى مناطق بعيدة بما في ذلك الأراضي الإيرانية.
وهناك نقطة أخرى تتعلق بالهجوم الإيراني ولم تحظ باهتمام كبير من المحللين، وهي رؤية الکيان الصهيوني بشأن الأمن الأكبر للنقب من حيث موقعه مقارنةً بالمناطق الأخرى.
نظراً لبعدها عن حدود الأراضي المحتلة مع سوريا ولبنان، فقد اعتبرت صحراء النقب المنطقة الأكثر أماناً من الهجمات الصاروخية لفصائل المقاومة في سوريا ولبنان، مقارنةً بمناطق أخرى من الأراضي المحتلة، وفي الهجوم الصاروخي الإيراني، تم إرسال هذه الرسالة إلى الکيان الصهيوني، مفادها بأنه حتى النقب ومراكزه العسكرية والأمنية ستكون في مقدمة الهجمات الإيرانية إذا بدأ الهجوم.
وتجدر الإشارة إلى أن الصهاينة بذلوا قصارى جهدهم في الأيام الماضية، لفرض رقابة صارمة علی الأضرار التي لحقت بقاعدتي رامون ونيفاتيم قدر الإمكان، لكن صور الأقمار الصناعية تظهر بوضوح أن أضراراً كبيرةً قد لحقت بهاتين القاعدتين.
وتوجد في هذا المجال عدة قواعد عسكرية ومراكز أمنية مهمة أخرى، والتي لا مجال لشرحها بالتفصيل في هذا التقرير.
قاعدة “512” الأمريكية في صحراء النقب
كشف موقع “إنترسبت” الأمريكي عن إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية سرية في جبل “هار كيرين” بصحراء النقب، جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأعلن هذا الموقع في تقرير له، أن وثائق الحكومة الأمريكية المتعلقة ببناء هذه القاعدة، بها إشارات نادرة إلى الوجود العسكري الأمريكي بالقرب من قطاع غزة؛ مع التوضيح أن جبل هار كيرين يبعد عن حدود غزة ما يقارب 32 كيلومتراً.
ووفقاً لهذا التقرير، على الرغم من إصرار رئيس الولايات المتحدة والبيت الأبيض على أنه ليس لديهم أي خطط لإرسال قوات أمريكية إلى الأراضي المحتلة في خضم حرب “إسرائيل” مع حماس، إلا أن العقود الحكومية ووثائق الميزانية تظهر أن الوجود العسكري الأمريكي في الأراضي المحتلة يتزايد بشكل واضح.
ووفقاً لهذا التقرير، قبل شهرين من عملية حماس ضد الکيان الصهيوني، عرض البنتاغون عقداً بملايين الدولارات لبناء مرافق للجنود الأمريكيين في هذه القاعدة، وتحمل هذه القاعدة اسم “الموقع 512″، وتضم منشآت رادارية ترصد الهجمات الصاروخية على الأراضي المحتلة.
وحسب هذا التقرير، فإن رادارات الموقع 512 لم ترصد الصواريخ التي أطلقتها حماس باتجاه الأراضي المحتلة يوم الـ 7 من أكتوبر، لأنها تركزت على إيران التي تبعد عنها 1127 كيلومتراً.
ووفقاً لموقع إنترسبت، بذل البنتاغون جهوداً كبيرةً لإخفاء الطبيعة الحقيقية لهذه القاعدة، التي تبلغ قيمتها 35.8 مليون دولار، وقد ذكر البنتاغون في بعض الوثائق، أن هذه القاعدة هي المشروع السري الوحيد في العالم كله، وفي وثائق أخرى تم وصفها بأنها منشأة لدعم الحياة، كما يتحدث الجيش الأمريكي عن هياكل مشابهة للثكنات العسكرية.
لم يتم إنشاء القاعدة 512 للتعامل مع التهديد الذي تشكله الفصائل الفلسطينية المسلحة على الکيان الإسرائيلي، بل للتعامل مع التهديد الذي تشكله الصواريخ الإيرانية متوسطة المدى على الکيان.
وما لا شك فيه أن الهجوم الإيراني بعث برسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مفادها بأنه حتى قاعدتهم السرية في الکيان الإسرائيلي تقع في مرمى الصواريخ والطائرات دون طيار الإيرانية.
النقب، موقع المنشأة النووية الوحيدة للكيان الصهيوني
يقع مركز الأبحاث النووية في النقب على مشارف مدينة ديمونة في الأراضي المحتلة، والمعروف أيضًا باسم منشأة ديمونة النووية.
لسنوات عديدة، كان الکيان الصهيوني يصنع أسلحةً نوويةً سراً في هذا المركز النووي، بعيداً عن رقابة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، وفي وقت لاحق، ومع الكشف عن الأنشطة الصهيونية من قبل مصادر متعددة، تم التأکيد على إنتاج وتخزين القنابل الذرية في هذا المركز من قبل وكالات الاستخبارات.
وفي الهجوم الصاروخي الإيراني، مرت الصواريخ الباليستية الإيرانية فوق أجواء هذه المنشأة النووية، وخلقت مشاهد خالدة للکيان الصهيوني، وفي الواقع، أثبتت إيران أنها قادرة على تدمير هذه المنشآت إذا أرادت ذلك.
إيلات، قلب التجارة الصهيونية مع الدول العربية
يعتبر ميناء إيلات إحدى المدن السياحية التابعة للكيان الصهيوني، والتي يزورها سنوياً ملايين السياح المحليين والأجانب، ما يشكل دخلاً كبيراً للصهاينة.
إيلات هي أكبر مدينة جنوب الکيان الإسرائيلي وصحراء النقب الكبرى، فمن ناحية تعتبر إيلات ميناء السفن والمكان الذي يتم فيه استيراد النفط الخام الإسرائيلي من مصر والكويت والسعودية، ومن ناحية أخرى تعتبر أيضًا المنتجع الساحلي للکيان الإسرائيلي، وفيها أكبر تجمع للفنادق والمرافق الترفيهية في الأراضي المحتلة.
وتأتي النقب على رأس خطط الكيان الصهيوني لإنشاء ممر بري مع الدول العربية في المنطقة، بما فيها السعودية، والإضرار بهذا الميناء وهذه المدينة، لن يؤدي فقط إلى الإضرار بجزء كبير من أرباح وتجارة الکيان الصهيوني، بل سيعطل العديد من خطط وبرامج الصهاينة للتجارة وإنشاء ممر بري مع الدول العربية.
وتشير الهجمات المحدودة التي نفذتها القوات اليمنية على هذا الميناء في الأشهر القليلة الماضية، والتي تسببت في تراجع النشاط التجاري للصهاينة، إلى أن الصهاينة معرضون للخطر الشديد في هذه المنطقة، وبعد الهجمات الصاروخية الإيرانية، أصبح هذا الضعف أكثر من ذي قبل.