دخول اليمن المعركة شكل عامل ضغط كبير على العدو الصهيوني جعله يعيد حساباته
متابعات || مأرب نت || 4 شوال 1445هـ
لم يعد خافيا أن دخول اليمن معركة “طوفان الأقصى” في أواخر شهر أكتوبر الماضي وما فرضه من حصار بحري على العدو الصهيوني في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، شكل عامل ضغط كبير على العدو وجعله يعيد كل حساباته.
فاجأ الموقف اليمني الجميع وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني وأمريكا وبريطانيا وكل حلفائهم في الغرب الذين لم يتوقعوا أن يكون للشعب اليمني وقواته المسلحة ذلك الدور المحوري والمؤثر على مجريات المعركة، خصوصا وأن اليمن يتعرض من أكثر من تسع سنوات للعدوان والحصار الذي خططت له وأشرفت عليه واشنطن بهدف إنهاكه على كافة المستويات الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية وغيرها.
لم تتوقع أمريكا وحلفاؤها كل تلك الجهوزية العسكرية التي أظهرتها القوات المسلحة اليمنية، بعد دخولها على خط المواجهة وتنفيذها العديد من العمليات النوعية المؤثرة ضد أهداف استراتيجية إسرائيلية، واستهداف سفن العدو الصهيوني والأمريكي والبريطاني في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب.
حينها حدثت الصدمة، وأدرك ثلاثي الشر فشل كل حساباتهم واستخباراتهم العسكرية تجاه جبهة اليمن، وهذا ما أظهر أمريكا وبريطانيا وإسرائيل على ذلك النحو من التخبط والعجز عن مواجهة التهديد القادم من اليمن ضد المصالح الأمريكية الصهيونية في المنطقة.
ورغم أن دور اليمن كان الأكثر تأثيرا وإيلاما للعدو الأمريكي والصهيوني نظرا لموقع اليمن الجغرافي المتحكم على خطوط الملاحة، إلا أن تفعيل وحدة ساحات محور المقاومة وسع رقعة الصراع وجعل حكومة الكيان تدرك أنها لا تواجه المقاومة الفلسطينية لوحدها بل عليها أن تواجه محور المقاومة على مستوى الإقليم.
أما بالنسبة لأمريكا وبريطانيا فأيقنتا أن تموضعهما العسكري في منطقة الشرق الأوسط، لم ولن يكون مجديا لحماية إسرائيل ومصالحها بعد اليوم، ولا يمكنه الوقوف في وجه القوات المسلحة اليمنية، أو منعها من تنفيذ عملياتها المساندة للشعب الفلسطيني والمقاومة الباسلة في غزة.
أثبت اليمن بالفعل أنه بات يمتلك قوة عسكرية ضاربة ويشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل وحلفائها وذلك بما يمتلكه من قدرات صاروخية وطائرات مسيرة قتالية، يمكنها أن تصل إلى إسرائيل وتهاجم السفن الإسرائيلية والأمريكية على طول منطقة البحر الأحمر والبحر العربي وصولا إلى المحيط الهندي، خاصة وأن إسرائيل تعتمد على الشحن البحري في معظم تبادلاتها التجارية.
حظي الموقف اليمني باهتمام كبير داخل الأروقة السياسية والأمنية والبحثية الأمريكية والصهيونية، واعترف الكثير من القادة والمسؤولين والخبراء الأمريكيين والصهاينة وغيرهم من المراقبين بأن التهديدات التي تشكلها عمليات اليمن تشمل الأجزاء الجنوبية من إسرائيل عبر الهجمات الصاروخية والطيران المسير وكذا تعطيل التجارة الإسرائيلية، التي يمر معظمها عبر مضيق باب المندب، بالإضافة إلى قدرة القوات اليمنية على شن هجمات على المصالح الإسرائيلية في المنطقة وغيرها من الأهداف التي باتت في متناولها.
وبحسب مراقبين فإن تنامي القدرات العسكرية اليمنية بات يشكل مصدر قلق كبير للكيان الصهيوني خصوصا بعد أن تمكنت من الوصول إلى إسرائيل، عبر ما تمتلكه من صواريخ بعيدة المدى، وطائرات مسيرة، باتت صنعاء تمتلك تقنيات صناعتها.
وكانت القوات المسلحة اليمنية كشفت من خلال العروض العسكرية في سبتمبر 2023م، عن الكثير من التحديثات التي أدخلتها في ترسانتها العسكرية، وفي مقدمتها الصواريخ الباليستية التي يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، وصواريخ “طوفان وقدس-4″، فضلا عن امتلاكها صواريخ كروز التي يبلغ مداها حوالي 2000 كيلومتر وتزن نصف طن.
كما كشفت القوات المسلحة عما تمتلكه من ترسانة ضخمة من الطائرات المسيرة مثل “صماد3” التي يتراوح مداها بين 1500-2000 كيلومتر، وطائرات “صماد 4” التي يزيد مداها على 2000 كيلومتر، بالإضافة إلى طائرة “وعيد” المسيرة، والتي يبلغ مداها 2500 كيلومتر، ويمكنها أن تصل ليس فقط إلى إيلات، بل أيضا إلى تل أبيب، وغير ذلك من الأسلحة البحرية.
استطاع اليمن منذ العام 2014م تطوير وتحديث قدراته العسكرية، إلا أن ما تعرض له البلد من عدوان وحصار منذ العام 2015م، دفعه بشكل أكبر نحو الانتاج والتصنيع الحربي المحلي لمواجهة التحديات والأخطار التي تواجهه، وصولا إلى امتلاكه لصواريخ وطائرات مسيرة قادرة على الوصول إلى أي هدف في عمق دول العدوان وإلى ما هو أبعد من ذلك.
وعقب انطلاق عملية “طوفان الأقصى” وما تلاها من عدوان صهيوني غاشم على قطاع غزة، وقف اليمنيون قيادة وشعبا بكل ما يمتلكون من إمكانيات في مواجهة العدو الصهيوني، ردا على ما يقوم به هذا الكيان المارق من تطهير عرقي وحصار قاتل لسكان غزة، بدعم أميركي غربي مباشر على كل المستويات.
ومما دفع الشعب اليمني أكثر للتحرك وبذل قصارى الجهود لمساندة الأشقاء الفلسطينيين وتخفيف الضغط عنهم، هو الدعم الأمريكي والغربي غير المحدود للكيان الصهيوني وكذا الموقف المخزي للدول والأنظمة العربية العميلة التي وقفت موقف المتفرج على ما يتعرض له الفلسطينيون من حرب إبادة في غزة.
وصلت عمليات القوات المسلحة اليمنية لأول مرة إلى الأراضي المحتلة في التاسع عشر من أكتوبر الماضي من خلال سلسلة من الهجمات التي استهدفت ولاتزال عمق إسرائيل متسببة إلى جانب الحصار البحري الذي فرضه اليمن على الملاحة الإسرائيلية بخسائر اقتصادية كبيرة لكيان الاحتلال.
وعلى إثر ذلك اضطر العدو الصهيوني لنشر المنصات البحرية أو منظومات الدفاع الجوي وما تسمى “القبة الحديدية” لمحاولة اعتراض الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة القادمة من اليمن، والتي باتت تشكل مصدر قلق داهم للكيان أكثر من أي وقت مضى.
لكن وعلى الرغم من التكاليف الكبيرة التي تكبدها العدو لنصب تلك المنظومات إلا أن عمليات القوات المسلحة اليمنية نجحت في الوصول إلى أهدافها وفرض العزلة على ميناء أم الرشراش “إيلات” وإيصاله إلى حالة حرجة دفعته لتسريح غالبية العاملين فيه بعد عجزه عن دفع أجورهم.
انقضت ستة أشهر من العدوان على غزة سطر اليمن خلالها أنصع المواقف على مستوى المنطقة والعالم في نصرة الشعب الفلسطيني، واستطاع رغم بعده عن الأراضي المحتلة أن يخوض مواجهة مباشرة مع العدو سواء باستهداف سفن العدو الصهيوني في البحر أو استهداف العديد من المواقع الحساسة للعدو في الأراضي الفلسطينية.
في المقابل لم يحقق العدو الصهيوني أي إنجاز على الأرض فيما يخص تقويض قدرات المقاومة الفلسطينية أو سحقها كما كان يزعم في بداية حربه على قطاع غزة، والتي لم يجن منها سوى المزيد من قتل وإبادة المدنيين، وغير ذلك من النتائج السلبية التي انعكست عليه، وفي مقدمتها انكشافه أمام شعوب العالم أجمع ككيان نازي متوحش ومتجرد عن كل القيم والمبادئ الإنسانية.
يحيى عبدالله “سبأ”