ما سر القوة اليمنية في البحر الأحمر؟
متابعات || مأرب نت || 30 رجب 1445هـ
تمضي القوات المسلحة اليمنية قدماً في المواجهة المباشرة مع الأمريكيين والبريطانيين في البحر الأحمر، فالمسار واضح، والبحر الأحمر لن يهدأ طالما استمر العدوان والحصار الصهيوني على قطاع غزة.
وعلى الرغم من محاولات الترهيب المستمرة للعدو الأمريكي تجاه اليمن لإيقاف عملياته الفاعلة ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، إلا أن القوات المسلحة اليمنية لم تتوقف، وواصلت التحدي بالتحدي، وهو ما أزعج إدارة البيت الأبيض التي كبلت يديها أمام القدرات اليمنية المتصاعدة.
وخلال الأيام الماضية جرت عملية اشتباك بين القوات المسلحة اليمنية والقوات الأمريكية، قال الأمريكيون إنها استمرت لحوالي 14 ساعة، وفي هذا يؤكد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- أن الأمريكي والبريطاني تورطا في اليمن، وأن تدخلهما له نتائج سلبية عليهما، ولن يتمكنا من حماية السفن الإسرائيلية.
مستوى جديد من القوة
حاولت القوات الأمريكية أن ترافق سفينتي شحن في أواخر يناير الماضي وتمريرها بالقوة من البحر الأحمر، لكن القوات المسلحة اليمنية كان لها رأي آخر للمواجهة، حيث شنت عملية هجومية باتجاه هذه السفن، و سرعان ما تحولت إلى اشتباك صاروخي واسع النطاق عبر الاشتباك مع مجموعة السفن والمدمرات التي حاولت اعتراض بعض الصواريخ واستمر الاشتباك بالصواريخ الباليستية والمجنحة نحو ساعتين لتتجه خلالها قواتنا بتوجيه ضربة صاروخية على إحدى السفن الحربية، وإصابتها بشكل مباشر، وأرغمت السفينتان على العودة نحو البحر العربي، وعدم المرور من البحر الأحمر، وهنا سجل فشل أمريكي جديد، وأضيف نجاح آخر إلى رصيد اليمن.
ويؤكد الخبير العسكري زين العابدين عثمان أن لهذه العملية الكبرى ضد سفن ومدمرات العدو الأمريكي تأثيرات عميقه على واقع المواجهة وأبعاد ومعطيات مهمة جداً فيما يتعلق أولاً بأن هذه العملية أثبتت الفشل الفضائحي للتكنولوجيا الدفاعية التي تتمتع بها المدمرات والسفن الأمريكية، كما أنها أثبتت أيضاً أن صواريخنا أصبحت على مستوى متطور في بنيتها التقنية والعملياتية، وأصبح يمكنها تجاوز وسائط الدفاع الجوي والرادارات الخاصة بالسفن وتحقيق استهداف دقيق جداً، فقدراتها تخولها استهداف أي قطعة بحرية معادية مهما بلغت تقنياتها الدفاعية تطوراً، ومهما كان عددها، فأسطول السفن الأمريكية والمدمرات التي تحاول حماية السفن التي تتجه إلى فلسطين المحتلة (كيان العدو الصهيوني )أصبحت حالياً أهدافاً سهلة للقوة الصاروخية اليمنية.
حدث تاريخي
وتتصاعد وتيرة الاستهداف للسفن الأمريكية في ظل إصرارها على حماية السفن الإسرائيلية ومحاولة كسر الحصار البحري اليمني المفروض على الصهاينة، حيث نفذت القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية نوعية ضد المدمرات والسفن العسكرية الأمريكية في خليج وباب المندب مشتبكة مع عدد من المدمرات والسفن الحربية الأمريكية أثناء قيام تلك السفن بتقديم الحماية لسفينتين أمريكيتين، وكان من نتائج هذا الاشتباك تسجيل أول هزيمة للأمريكيين في البحر أمام القوات اليمنية.
وفي السياق يقول الصحفي والمحلل السياسي عبد السلام النهاري إن عملية الاشتباك المسلحة المباشرة مع أسطول من البوارج والسفن الحربية الأمريكية هو عملية ردع حقيقية وغير مسبوقة لأمريكا، بل ومثلت هذه العملية العسكرية للقوات البحرية اليمنية في خليج عدن وباب المندب حدثاً تاريخياً استثنائياً حمل في طياته عدة ضربات استراتيجية صادمة لأمريكا وحلفائها.
ويضيف النهاري في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن ما فعله اليمنيون في هذه العملية العسكرية المنظمة أجبر السفن الحربية الأمريكية على التراجع في منطقة الاشتباك، وهم مصدومون ومذعورون من قدرات وجرأة القوات المسلحة اليمنية وتنوع خياراتها في تنفيذ عملية الهجوم والاشتباكات واسعة النطاق؛ ليمثل ذلك الردع اليمني المباشر انتكاسة حقيقية وانكسار لهيبة الإمبراطورية الأمريكية العظمى وأساطيلها الحربية التي تم إجبارها على الانسحاب من منطقة الاشتباكات.
ويؤكد أن مثل هذا الحدث والإهانة المذلة التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في خليج عدن ليس مجرد إهانة لكبريائها وحدث عابر فقط، بل أنه يعتبر هزة تاريخية كبرى للدولة العظمى التي تدعي نفسها شرطي العالم بدءاً من سمعتها ونفوذها في المنطقة والعالم، وصولاً إلى قدراتها العسكرية التي لم يسبق وأن تعرضت بوارجها وسفنها الحربية البحرية لأي إذلال وهجوم مسلح منذ الحرب العالمية الثانية إلى أن فعلها اليمن اليوم وأمام مرأى ومسمع العالم أجمع.
ويواصل : “إضافة للوجع الكبير والصفعة التي تلقتها أمريكا وبريطانيا ومن قبلها إسرائيل في البحر الأحمر هناك نسبة كبيرة من السفن لم تعد تدخل إلى البحر الأحمر والخليج العربي وهناك مصانع وشركات إسرائيلية وأوروبية وغيرها أغلقت أبوابها بسبب عدم وصول المواد الخام، الأمر الذي أدى إلى ترنح اقتصاديات العديد من الدول، علاوة على ارتفاع تكاليف النقل، ما يعني أن القوات المسلحة اليمنية استطاعت أن تلعب دوراً كبيراً في نصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بل وتعتبر في نظر الكثير من المهتمين والمتابعين والخبراء والمحللين السياسيين الإجراءات اليمنية التي قامت بها في البحر الأحمر والبحر العربي وباب المندب تعتبر الدعم الدولي الأكثر نجاعة المقدم للفلسطينيين حتى هذه اللحظة.
بدوره يؤكد الصحفي والمحلل السياسي صقر أبو حسن أن ميزان القوة والضعف الذي يقاس في العالم لم يعد بمدى امتلاك قوة عسكرية وحركة اقتصادية ونفوذ، بل بمدى الإيمان بالقضية والنضال الصادق من أجلها، وهو الميزان الحقيقي الآن.
ويلفت أبو حسن في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أن أكبر دولة في الجانب العسكري والاقتصادي وتهيمن على العالم ولها يد في كل بقاع الأرض، تقف أمامها دولة صغيرة بقدرات عسكرية متواضعة -إن لم نقول محدودة- ولديها مشاكل اقتصادية متراكمة، لتكون أمامها وجهاً لوجه، مؤكداً أن هنا تمكن سر القوة اليمنية والنضال الصادق والدفاع المقدس والحضور اليمني الذي غير المعادلة السياسية والعسكرية في العالم.
ويقول إن المقاتل اليمني ربما مضى له عدة أشهر أو سنوات لم يستلم راتبه ويعيش مع أسرة على المكفوف والقوت البسيط، وعلى متن قارب قد لا يتجاوز ثمنه القليل من الدولارات بسلاح متواضع جدا، لكنه يواجه جندياً أمريكياً قدم من أقصى الأرض وراتبه يتجاوز رواتب مئة موظف اليمني بل ويفوق، على متن آليات ومعدات متطورة يصل ثمنها ملايين الدولارات بسلاح حديث ونوعي، وهنا تمكن العظمة والصمود.
ويوضح أبو حسن أنه لم تعد الأمور تقاس من ناحية الإمكانيات والقدرات، بل بالاستبسال في الميدان والتضحية بروح ثائرة وراضية من أجل الوطن وفي سبيل نصرة المستضعفين، مشيراً إلى أن الظروف ومعتركاتها أثبتت مدى صلابة الإنسان اليمني أمام كل المتغيرات، صلابة منفردة واستثنائية.
ويؤكد أن المقاتل اليمني يقاتل من أجل أرضه ووطنه وفي أرضه ووطنه لذا هو متجذر في الميدان، أما أي قوة أخرى تقاتل من أجل المال ومصالحها ونفوذها، ولذا فإن قضيته وموقفه ضعيف مهما حاولت أن تصور عظمة حضورها العسكري أمام العالم، لكنها من داخلها هش، ويمكن كسر ذلك الحضور متى ما توفرت الإدارة، لافتاً إلى أن اليمنيين يحملون هذه الإرادة، وكسروا القداسة والخوف الذي ارتسم حول أمريكا واسرائيل، بل وتجاوزوا ذلك إلى اخضاعها للقرار اليمني.