عدوُّنا أمريكا.. ترفُضُ حقوقَ اليمنيين
مأرب نت || مقالات || عبد الغني حجي
المساعي الدولية لتمديد الهُــدنة وتوسيعها تجعل المراقب في حالة ذهول من فشلها، والوَساطات والبعثات التي تُرسل إلى صنعاء تصور للمتابع أن صنعاء هي سبب استمرار الحرب وأن الهُــدنة سارية لولا تعنت صنعاء في تنفيذ ما يملى عليها لوقف الحرب، مع أن الحرب لا تحتاج أكثر من نيّة صادقة من الجانب الأمريكي وتوقفت، ومطالب صنعاء محقة غير قابلة للنقاش في التنازل عنها، ولا تحتاج وساطات ولا مفاوضات بالشكل الذي هو سارٍ الآن.
مطالب إنسانية محقة، ليست حوثية ولا إيرانية مطالب أكثر من ثلاثين مليون يمني، مطالب تُخفّف قليل من آثار الحرب ومعاناة المواطن لثمان سنوات، مطالب فيها إنقاذ حياة مريض تمنى العلاج ومنعته الحرب، مطالب تفضي إلى فك المعاناة عن الكثير، تفضي إلى إنقاذ حياة الكثير من الفقر والجوع، مطالب لكسر قضبان الحصار المطبّق لأكثر من ثمان سنوات، مطالب فيها حرية اليمني التي دافع عنها ثماني سنوات وقدم الغالي لأجلها، مطالب عادلة لا تُكلفهم شيئاً ولا تحتاج منّةً من أحد ولا لأحد الفضل في تنفيذها، لم نطلب دخول سلاح، ولا خبراء، ولا مقاتلين، ولا عتاد عسكري فقط طلبنا السماح للمريض بالعلاج، والغذاء الأَسَاسي بالدخول دون عوائق، وإعطاء كُـلّ ذي حقٍ حقه من الموظفين في السلك المدني والعسكري، أين التطرف في هذا يا مجلس النفاق، أنقبل ما ارتضيتموه لنا، وما تريدون حسب ما تقتضيه مصالحكم، هذا هو المستحيل وتعنت أمريكا في تنفيذ مطالبنا الإنسانية تجعل الجميع يدرك أنها لا تسعى لسلام دائم وشامل في اليمن ولا تريد تحقيقه أبداً وما تسعى له من خلال المفاوضات الحالية هو فقط تخدير لأطراف النزاع لا غير؛ لأَنَّها منشغلة بملفات أُخرى أما السلام لا يحتاج لأكثر من رمشة عين من الأمريكي؛ لأَنَّ لا قرار لغيره في مسألة إنهاء العدوان بشكلٍ كامل، وما نصت عليه مطالب صنعاء ليست تعجيزية ولا ابتزازية ولا مستحيلة، وما عدم التنفيذ لعجز في موازنة السعوديّة أَو أمريكا وهي قادرة على دفع أضعاف أضعاف مرتبات الموظفين لعشرات السنين.
ولصرف مستحقات الموظفين يحتاج اللوبي السعوديّ لأذن بصرفها من ثروات النفط والغاز المستحوذ عليها والمنهوبة والمودعة في البنك الأهلي السعوديّ وقولهم إن مطالبنا ابتزازية لو كانت كذلك لما قلنا من مَـا هو لنا من مالنا، والابتزاز أن نرغم السعوديّ على أن يدفعها من خزائنه، لكن صنعاء تقول مطالبنا يمكن تحقيقها جميعاً بكل سهولة من مَـا هو للشعب اليمني، والمستحيل هو موافقة أمريكا فقط؛ لأَنَّها لا تريد سلاماً، تتغنى بالسلام منذ إعلان النظام الدولي الجديد وهذه نغمة قديمة ومعروفه لدى الجميع، دخلت العراق لتحقيق السلام فلم يسلم منها عراقي وكذلك لدينا تجربة للسلام الأمريكي في كثير من الدول.
السلام الذي تريده أمريكا للشعوب هو استسلام وهذا هو المستحيل أما مرتبات الموظفين في اليمن لا تمثل عائقاً أمام أحد وهي سهلة التنفيذ.
والأمريكي يدرك إنه إن تم معالجة الملفات الإنسانية العالقة؛ بسَببِه، فالسلام سيتحقّق بكل سهولة؛ لأَنَّ الحرب قد طال أمدها وتكشفت نوايا الغرب تجاه اليمن وأصبحت معروفة لدى الجميع.
والمفاوضات الأخيرة عرّت التحالف وأدرك الجميع أن لا صوت يُعلو فوق الصوت الأمريكي؛ لأَنَّ صنعاء لا تفاوض المرتزِقة بل الجانب الأمريكي هو القائم بها والأمر والناهي فيها.
وظهور أمريكا كحنونة على الشعب اليمني على خلفية الأحداث الأخيرة في أوكرانيا تدل على استهتار الأمريكي بنا ووقاحته.
أين كانت أمريكا طيلة ثماني سنوات من الحرب والحصار، ولماذا ظهرت مع الأحداث الروسية الأوكرانية، ولماذا لا تريد وقفاً شاملاً للحرب والبدء في مفاوضات يمنية يمينية دون تدخل من أحد، ولماذا لا تريد إلا هُــدنة مؤقتة، ولماذا تصف مطالب صنعاء بالمستحيل تحقيها كما جاء على لسان تيم ليندر كينغ، ولماذا تتوعد اليمنيين بالحرب والحصار من جديد، ولماذا يتحدث عن اليمنيين وكأنه منصَّبٌ عليهم حين قال إن اليمنيين يريدون هُــدنة بالشكل الذي تريده أمريكا، هُــدنة بلا مرتبات، وبشروط وفروض على دخول محدّد للسفن والرحلات الجوية هذا وأكثر؛ لأَنَّ أمريكا من أرادت الحرب ومن خطط لها ومن أشرف على تنفيذها ومن مولها ولها بصمة واضحة فيها وهي من تسلح وتدير العمليات الإجرامية التي راح ضحيتها الآلاف من اليمنيين، وهي من فرضت الحصار كحرب إبادة للشعب، وهي ومن حرف بوصلة الحقيقة فيها، وصورها على أنهُ ومن واقع المسؤولية توجب على النظام السعوديّ خوض هذه المعركة لصالح الأشقاء في اليمن وجعل العالم ككل يؤيد ويدعم ويناصر تحالف العدوان، وما تريد هُــدنة حباً في أحد لا يمني ولا سعوديّ بل حسب معطيات الميدان وما يتوافق مع مصالحها فقط وليس من الصعب عليها تحقيق سلام شامل؛ لأَنَّ بيدها قرار الحرب والسلم ولا تحتاج الحرب لتقف أكثر من موافقة أمريكية لكن إصرارها على وصف الحق المشروع لكل يمني على أنه تطرف، ستنفجر الأوضاع بشكلٍ يجعلهم يندمون أكثر وأكثر ويتمنون لو قبلوا بأكثر من هكذا مطالب.
لأننا ندرك وبيقينٍ راسخ أننا نسير في الطريق الصحيح والآمن نحو الغد المشرق بوطنٍ ذي سيادة يرفض الوصاية ويعيش الاستقلال، ولن ننسى ما أصابنا من معاناة وظلم؛ لأَنَّ معاناتنا أصبحت جراحاً والجراح لا تنسى ولا تفنى ولا تسقط بالتقادم.