استراتيجيةُ “الصبر” وأوهامُ “التنازلات”!
مأرب نت || مقالات || سند الصيادي
وافقت صنعاءُ على تمديد الهُدنة بعد تعهُّداتٍ أمميةٍ جديدةٍ بالعمل على تنفيذ بنودِها وتحسينِ شروطها، وَفي ظل خطابٍ دولي مموج يوحي بانحيازه للسلام، غير أن موافقة صنعاء لم تكن مستندة على هذه الخطابات وَالوعود، بل تعالت فيها حسابات المسؤولية الإنسانية ومدى ما يمكن أن تنتزعه من نتائج إيجابية على واقع المعاناة الشعبيّة.
وفي منهجية صنعاء انتصارٌ للسلام الحقيقي والمستدام، وحرصٌ كبير للوصول إليه، إلَّا أنها لا ترى في الأفق بوادرَه ومؤشراتِه، كما لم تعد تنطلي عليها أسطوانةُ السلام المشروخة وَالمسوَّق لها على الطريقةِ الأمريكية، وفي رصيدها خبرةٌ متراكمة تجاوزت السبع سنوات من المواجهة العسكرية والسياسية.
مثّلت الهُدنة فُرصةً لاختبارِ وَإعادة تقييمٍ لجديد المواقف والسياسات الدولية، وَتحديداً في ظل تتابُعِ السقوط لأوراق ورهانات العدوّ في اليمن، وَمثّلت لنا كمتابعين محطةً لقراءة المسارات القادمة في الصراع، وعما إذَا كان ثمة عقلانيةً وإقراراً بالفشل قد تجنب المعتدي المزيدَ من المآلات العمياء والمزالق الخطرة، غير أن ما يحدُثُ من تعنت ومراوغة يكشفُ أن نوايا التركيعِ للإرادَة اليمنية وَالتوظيف لكل الوسائل غير المشروعة في سبيل هذه الغاية مُستمرَّةً.
يستمرُّ تحالف العدوان بسياسته القذرة من خلال توظيف الملف الإنساني عسكريًّا وسياسيًّا، وَيمعن باحتجازِ وعرقلة سفن وإمدَادات النفط ومشتقاته إلى هذه اللحظة، كما يعرقلُ الرحلاتِ الجويةَ من وإلى مطار صنعاء الدولي على مرأى ومسمع من رعاة الهُدنة وَالمتعهِّدين بتنفيذ مقرّراتها، باتت الصورةُ واضحةً للعيان، إذ لم تكن الهُدنةُ وفق تذاكي العدوّ إلَّا كسباً للوقت وَسعياً للتحكم بمسار الأحداث وَمسعًى حثيثاً إلى تغييرِ أدبياتِ التفاوض تحت غطاء التهدئة والسلام، أما عن سلوك الأمم المتحدة وأدوارها فمقصورةٌ بالعمل على تهيئة الطاولة لهذه الأماني والطموحات.
أكثر من سبع سنوات من الحرب وَأكثر من سبعين يوماً من الهُدنة، والعدوُّ يتمسك بالمِلف الإنساني كآخر الأوراق اللاإنسانية الباقية في متناوله، وَصنعاء لا تزالُ تعزِّزُ وتراكِمُ أوراقَها في المواجهة باستراتيجية صبر وَثبات وَمنهج ديني ووطني أثبت فاعليتَه وعلوَّه.
وَإذَا كان كسبُ المزيد من الوقت هو ما حقّقه العدوُّ من الهُدنة، فَـإنَّ عليه إحسانَ استغلاله لإعادة قراءة مضامين الموقف الذي باتت عليه صنعاءُ بقيادتها وقواها وَجمهورها، بدلاً عن عبثية اختبار الصبر وَالعيش تحت أوهام التنازلات.