هُدنةٌ مزعومةٌ ولا خطوةَ للسلام الحقيقي
مأرب نت || مقالات || الشَّموس عبدالحميد العماد
في كُـلّ مرة من أوان هذا الحرب المستبد منذُ ثمانية أعوام بغيضة لا بُـدَّ أن نتلقى الكذب والخداع والمكر فضلاً عن الدمار والسفك والحصار المميت، لكن لا ضير من ذلك فخلف العهد وقلب الطاولة دون أية ممارسةٍ حقيقية من طباع أُولئك الأوغاد، دائماً ما نلحظ كذبهم ودجلهم وتدجينهم الأرعن مع الكثير والكثير من الزيف الذي لا صلة لهُ بالحقيقة ولا يربطه بالواقع حتى خيط دقيق، الهُدنة المزعومة التي يتزعمونها لم تكن إلا شيء أشبه بالخطط الماكرة التي يحيكونها في كُـلّ مرة المتخمة بالغدر والكثير من اللعب، كانت لشهرين، فرحنا بها كَثيراً كانت فرحتنا حيال ذلك اليوم كفرحةِ الأطفال وهم يستقبلون يوم العيد بملابسهم الجديدة وابتساماتهم العفوية بعمق وأصواتهم التي تشدو فتملأ المحيط فرحاً واستئناساً، هكذا كانت فرحتنا بتلك المسماة بالهُدنة، لكنها الخيبة تلاحقنا دائماً كشعب اعتاد الحزن والألم والتعب المشدود بحبل الخناق القاتل.
شهرٌ ونصف شهر ولم تحقّق خلاله أية خطوةٍ تؤول إلى السلام الحقيقي، لم يكن إلا كغيره من الكذبات المتوالية والمتراكمة واحدة تلو الأُخرى منذُ ثمانية أعوام من الاضطهاد، لم نرَ أي شيء تغير في الواقع حتى قليلًا، فتشييع الشهداء كان يهزُّ الشوارع كُـلّ يوم ومطار صنعاء لم تغادرهُ أية طائرة ولم تحط رحالها فيه أية طائرة، كيف يستمرون بلعبٍ مجرم كهذا؟!
عجباً لصبر هذا الشعب الأنصاري بقوة، إنه عظيم، عظيم للدرجةِ التي لا تقبلها أية مبالغة، إن مكرُ الأعداء يركل كُـلّ سلام يغورُ في خضم هذا الحرب المستبد، فمطار صنعاء منذُ شهر ونصف شهر من الاتّفاق وهو متجمّد ولم يستقبل أول رحلة ولم تغادره أول رحلة إلا في ١٦ أيَّار وكانت تلك الفرحة العظمى التي حلقت بقلوبنا قمة الفرح والسرور كما لو أنهُ غائب عاد بعد ثمانين عاماً من الحنين.
لماذا على هذا الإنسان اليمني أن يُحرم من أبسط حقوقه وأقلّها شأناً في نجاح استراتيجية التعايش البشري الأبيض؟!، لماذا على هذا الكائن أن يعاني دائماً؟، لماذا عليه أن يُظلم وينظلم دائماً؟، ماهية هذه الأسئلة تقتلُ التفكير حقاً، الأمم المتحدة التي تدعي كونها واحدة من المؤسّسات العالمية التي تسعى باسم الإنسانية والمحافظة على حقوق الإنسان “كطفلٍ، وكشاب، وكامرأة، وكعجوز”، أين هي؟، بل أين غابت وتنصلت عن دورها المُزيف، في أية زاوية ملوثة برائحةِ الدولارات قد اندست؟، وللحقيقةِ فحتى هي كذبت وكذبت كَثيراً، وكأنها تخلّت عن دورها الإنساني الصائب في إحياء روح الوجود حتى انتهاء البقاء.
لا أدري كيف هي العقول التي تقوى على سحق بلاد بأكملها وبما فيها؟، لكن كُـلّ ما أعرفهُ أن هذه السياسة التي سادت في الأقاليم لم تعد سوى سياسة مدمّـرة للكونِ والإنسان والمحيط، إنّهُ الإجرام الذي حَـلّ على عائلة آل سعود واللعنة التي انضربت في وجهِ حُكام الغرب وزعمائهم وأمريكا وإسرائيل أولى الدول التي تخلّت عن دلالة السلام في هذا العالم وممارستهن في هذا الوجود وفي كَثير من الدول خير شاهدٍ ودليلٍ على ذلك.
ممارساتٌ تميتُ الوجود وتقتل العالم الحيّ وتدمّـر الفطرة البشرية بلا أدنى مبالاة أَو تحسر، كيف لمثل أناس كهؤلاء وعقول كهذه أن يحكمون أوطاناً وبلداناً وحضارات بأكملها؟!، أية لعنة هذه قد حلت على هذه المستديرة حتى تتدمّـر بشكلٍ عنفواني عشوائي مُجَـرّد من أية رحمةٍ أَو عقلانية أَو رؤية صائبة أَو حتى قليل من الحكمة.
إنه لمؤسفٌ حقاً، أي مزيجٍ مرٍّ هذا الذي نتجرعهُ نحن في هذه الأرض حيال أنانية هؤلاء الحكام في الاستيلاء والاستيطان وغفلة الإنسان البشري ذو العقل المغفلّ الذي يعيش كُـلّ هذا وهو صامت، صامتٌ فقط وربما قد يكون هذا أكبر ما يمكنهُ فعله.