حربُ أُوكرانيا تكشفُ قُبْــحَ الحضارة الغربية
مأرب نت || مقالات || د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
شهدت الكثيرُ من دول العالم الثالث في الفترة الأخيرة العديدَ من الحروب الداخلية والحروب الخارجية، وكان العالَمُ الغربي (أمريكا ودول أُورُوبا وروسيا وغيرها) يتعاملُ مع تلك الحروب من خلال مصالحِه السياسية والاقتصادية، وكانت هذه الدول تدّعي أنها تتعاملُ مع حروب العالم الثالث من منظورٍ حضاري إنساني عادل، وفي الحقيقة كانت هذه الدول لا تعير أيَّ اهتمام للأسباب الحقيقية التي أشعلت الحروب أَو لما تتعرض له الشعوب من ظلم أَو قهر؛ بسَببِ الحروب التي يتعرضون لها وكان الإعلام الغربي يجمل مواقف الغرب ويتجاهل مواقف الدول المعنية.
ولكن عندما اشتعلت الحربُ في أُوكرانيا كشفت عن الوجه القبيح للحضارة الغربية؛ لأَنَّ طرفي الحرب ينتميان إلى نفس الحضارة التي تسيطر على مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام العالمية، وفي مواجهة هذه الحرب انقسمت كُـلّ تلك المنظمات الدولية، واستخدمت كُـلّ الدول المعنية وخَاصَّة أمريكا ودول أُورُوبا كُـلّ الوسائل المتاحة لكسر الطرف المقابل (روسيا) بغض النظر عن مصالح الشعب الأُوكراني أو موقفه من الحرب.
ونظراً للانقسامات التي ذكرناها فقد أصبحت تفاصيل الحرب ومواقف الدول والإجراءات التي تتخذها الدول المختلفة متاحة للعامة والمتابع البسيط يرى ويسمع تلك التفاصيل أولاً بأول ويستطيع أن يحكم على ما يجري، ولذلك فَـإنَّ الإجراءات التي تتخذها أمريكا وأُورُوبا وحلفائهم في حق روسيا توضح قبح تلك الدول.
إن ما يتخذه الغربُ من إجراءات في حق روسيا لا تقل قبحاً عن ما يتخذه حيال حروب أُخرى ولكن الفرق في التغطية الإعلامية فقط، وهذا يتضح في موقف الغرب من العدوان على اليمن والذي يتشابه مع الهجوم الروسي على أُوكرانيا في بعض الأوجه من أهمها المبرّر الرئيسي للحرب، ففي العدوان على اليمن تدّعي السعوديّة أن تدخلها يأتي حمايةً لأمنها من التوسع الإيراني في الأراضي اليمنية، كما تزعمُ، وروسيا تقول إنها تدخلت في أُوكرانيا حماية لأمنها من توسع الناتو في الأراضي المجاورة لها، وعندما نرى موقف الغرب من العدوان على اليمن نجد أنه يخالف بشكل جذري موقفه من حرب أُوكرانيا، وهذا يوضح أن النظامَ الدولي الحالي والذي يرعاه الغربُ يخالفُ المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها وهي العدالة والحرية وحقوق الإنسان والتي يجب أن يتمتع بها كافة سكان العالم وليس سكان أمريكا وأُورُوبا فقط، ولذك فعلى شعوب العالم أن تبحثَ عن نظام عالمي جديد يكفل لها حقوقها.