جمعةُ رجب ذكرى ميلاد الهُــوِيَّة اليمانية
مأرب نت || مقالات | |منير الشامي
يقالُ: الماضي مرآة المستقبل، فمَن لا تاريخَ له لا حاضرَ له ولا مستقبل، وأصالةُ أيِّ شعب وعراقتُه تمتدُّ من أعماق تاريخه، وكلما كان تاريخُه موغلاً في القدم عَظُمَت عراقتُه، وكلما كانت مواقفُه المتلاحقة مواقفَ عزة وشموخ كلما تعاظم رصيدُه في شتى مناحي الحياة، وهذه نبذة بسيطة من خصائص الشعب اليمني الذي عاشت أجيالُه وما زالت تتوارثُ الإيمانَ وَالإباء والنخوة والشهامة والرجولة والشجاعة والسماحة، ومن كانت هذه المكارم إرثَه انعكست على مواقفه في أيّ زمان وأيّ مكان.
وحريٌّ بنا القول إن الشعبَ اليمني هو الشعبُ الوحيدُ الذي تأصّل بعراقته التليدة ويعلمُ بالضبط تاريخَ ميلاد هُــوِيَّته الإيمانية فلم يُقبِلْ على دين الله أيُّ شعب مثلما أقبل عليه الشعبُ اليمني، ولم يسجد رسول الله سجدةَ شكر لله إلَّا لأَنَّ اللهَ أعز دينَه بهداية أهل اليمن ودخولِهم في دين الله أفواجاً وفي يوم واحد على يد أحبِّ الخلق إلى الله ورسوله وأعظم الخلق حباً لله ولرسوله ذلك هو الإمامُ الأعظم علي بن أبي طالب -عليه السلام- وفي أول جمعة من شهر رجب المبارك من السنة التاسعة للهجرة خلّد اليمنيون أعظمَ مواقف العقل والحكمة باعتناقهم لدينِ الله بعد دعوة الإمام لهم وقراءته لرسالةِ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- إليهم.
اعتنقوا الإسلامَ طوعاً لا كَرْهاً، واختياراً لا إجباراً، وحُباً لا نفاقاً، فكان ذلك التاريخُ هو المحطةَ الثانيةَ والكبرى لميلاد هُــوِيَّة شعب تفضّل اللهُ عليه وكرّمه بشرف حَمْلِ هذا الدين ونشر دعوته والدفاع عنه والتمسُّك به من عهد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- وحتى يومِنا وسيظلُّ كذلك إلى ما شاء الله.
ولذلك فلا غرابةَ أن يصفَه رسولُ الله بقوله: “الإيمان يمان، والحكمة يمانية” ويقول: “اللهم بارك لنا في يمننا، اللهم بارك لنا في شامنا”، وعندما سُئل النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: وفي نجدنا؟ قال: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرنُ الشيطان، وحديث: “ومن هُنا يأتيكم نفَسُ الرحمن”، وغيرها من الأحاديث العظيمة التي شكلت في مجملها الهُــوِيَّةَ الإيمانية للشعب اليمني.
فهنيئاً للشعب اليمني ولقيادته الحيدرية الحكيمةِ ولجيشه وقواته المسلحة المرابطة للدفاع عن دين الله في كُـلِّ جبل وسفح وسهل ووادٍ هذه المناسبة العظيمة وكل عام والجميع بخير.