الأمنُ بالأمن وَالبادئُ أظلم
مأرب نت || مقالات || سند الصيادي
يمثلُ غيابُ الحالة الأمنية الذاتية هاجسًا مقلقًا لدول تحالف العدوان، مزدوج المعضلة والأبعاد، فهذه الدويلاتُ التي تستندُ على رعايةٍ أمريكية عسكرية وأمنية شاملة، تمضي عُنوةً في تهديدِ أمنها وَتزدادُ تشبُّثًا بأمريكا كلما تعرض أمنُها لأية مخاطِرَ، كما هو اليوم على خلفية عدوانها على اليمن أرضاً وإنساناً.
ولا يبدو الهاجِسُ الأمنيُّ لهذه الدول هو وحدَه المعضلةُ التي تبقيها رهينةً للدعم والموقف الأمريكي، بل حاضر ومستقبل أنظمتها ووجودها السياسي والجغرافي الذي يعتمد كليًّا على ذات الدعم والموقف، وَيُظهِرُها مُجَـرّد ولاياتٍ تابعة إداريًّا وسياسيًّا لواشنطن، حقائق بات يعرفها العالَمُ أجمعُ، مهما تجاوزتها هذه الأنظمة وسعت لتقديم نفسِها في الخِطاب السياسي كدولٍ كاملة السيادة والقرار، ومهما تماهت مع هذا الوهم إلى درجة أن تعتديَ على دولٍ وَشعوب بنزوات الأطماع والنفوذ والأحقاد، دون وعي بأنها تؤدي أدواراً بالوكالة للأمريكي والصهيوني الذي يتسلَّحُ هو بها في الأَسَاس ويوظِّفُها لخدمة مشاريعه التوسعية.
على هذه القاعدة جاءت تصريحاتُ رئيس الوفد الوطني المفاوض، مُعيداً التحذيرَ والنُّصحَ والتذكير بأن غيابَ أمنها الذاتي واستنادها على العكّازات الأمريكية واجتهادها في تسوُّل الدعم الأمريكي كان بالإمْكَان أن تكون في غنًى عنه، إذَا مَـا هِي اختارت الخروجَ من المستنقع اليمني فعلياً، وإلا فلن يجديَها أي دعم ولن يتحقّقَ لها أيُّ أمن إذَا استمر عدوانُها على اليمن، اليمنُ الذي لن يتوانى عن الرد بالمثل وبما استطاع في سبيل الدفاع عن أمنه واستقراره وسلامة أبنائه وجغرافيته.
وفي ذروة الحُمق والنرجسية التي تسيطر على هذه الأنظمة، إلى جانب التبعية الشاملة للقرار الأمريكي، تتناسى أن الأمن مطلبٌ جماعيٌّ، واستحقاقٌ لا يجوز التنازل عنه، والدفاعُ عنه فطرةٌ إنسانية وحقٌّ مشروعٌ بكل التشريعات، وَيستمرُّ الخطابُ اليمني في التأكيد لهذه الأنظمة أن لا أمن ولا استقرار إلَّا للجميع، والأمن بالأمن معادلة تفضي إلى السلام، وتحديداً في العدوان على اليمن الذي يشهد حالةَ نفاق أممي غير مسبوق وتغاضياً عن ما يُرتكَبُ بحق اليمن من جرائم وحشية وحصار خانق.
وفي ظل هذه المعطيات وعلى قاعدة “إذَا لم تكُنْ إلَّا الأسنَّةُ مركَباً فما حيلةُ المضطر إلَّا ركوبُها”، وبالتسلح بالحق يتدافعُ اليمنيون إلى دعمِ عملياتهم المسلحة والمشروعة، وَحينما يصبحُ توقُّفُ الحرب مصلحةً مشتركةً لليمن والمعتدين عليها ستتوقف الحرب، ودون ذلك لا خيار.