قلق تحالف العدوان من مأرب
مأرب نت || مقالات || عبدالرحمن مراد
لماذا أُصيب المجتمع الدولي برمته بالقلق والخوف حال اقترب الجيش واللجان الشعبيّة من مأرب؟! ما الذي تكتنزُه مأربُ من أسرار العدوان حتى تخاف بريطانيا، وتضطرب أمريكا، وتجن السعوديّة، وتهرب الإمارات؟
الموضوع يحمل الكثير من الأسرار ربما تتحدث عنها الأيّام، وقد تقول لنا مأرب ما كنا نجهل إذَا دخلها الجيش واللجان الشعبيّة في قابل الأيّام.
في بداية العدوان كانت الإمارات حاضرة في مأرب، وكان الكثير من أفرادها يحرصون على التقاط الصور التذكارية عند السد، وفي صرواح، وأمام معبد بلقيس أَو عرش بلقيس، وكانوا يصنعون خطاباً مستفزاً لمشاعر أهل اليمن، اليوم الإمارات تسحب وحداتها من المناطق المحتلّة دون سابق إنذار، أَو تهديد أمني، أَو عسكري محتمل خَاصَّة في منشأة بلحاف، وتخرج بريطانيا عن صمتها، ويتحدث إعلام المرتزِقة بأُسلُـوب الذليل المنكسر الذي يستعطف الرأي العام، حتى تشعر وأنت تشاهد خطاب المرتزِقة بالهوان والصغار وهما صفتان أصبحتا لازمتين لهما في الأذهان والتصور العام.
قد يقول قائل: إن الأمر طبيعي بعد حجم الانهيارات والانكسارات والهزائم في صفوف المرتزِقة وقوى العدوان، وقد يرى آخر أن عدد الغارات التي ينفذها طيران العدوان -وكادت أن تكون تمشيطاً لكل شيء يدب على الأرض- يدل على قلق وخوف قوى العدوان، وقد يرى آخر أن حالة الانفصام بين الوقائع على الأرض وبين خطاب المرتزِقة الذي يتهم دول التحالف بالخذلان وعدم النصرة، في حين تنفذ مئات الغارات يوميًّا تدل على أن واقع المرتزِقة أصبح هشاً وفقدوا عناصر قوتهم، وأصبحوا كمن يترنح على جرف هارٍ آيلٍ للسقوط.
لقد صدق المرتزِقة أنفسهم حين خاضوا المعركة بالنيابة عن المستعمر، وربما لم يكتشفوا هذا الأمر إلى أن تجاوزهم المستعمر وبدأ يخوض معركة الاحتلال بصورة مباشرة كما تجلى ذلك بكل وضوح في المهرة وفي حضرموت وفي عدن، وها هو اليوم يخوض معركة احتلال مأرب بصورة مباشرة وبعيدًا عنهم، عدد الغارات يصل إلى المئات في حين خطاب المرتزِقة يقول بخذلان التحالف لهم في معركة مأرب.
ذريعة التحالف في احتلال اليمن هي عودة الشرعية، وكانت ذريعتهم في العراق الأسلحة الكيماوية، وفي سوريا هي ذات الذريعة، ولن يدرك المرتزِقة خداع المستعمر إلا بعد أن يمر زمن على خداعه لهم وتضليله كما هو حاصل اليوم بشأن العراق، حَيثُ اكتشف الناس بعد ردح من الزمن أن أمريكا لم تكن تضمر إلَّا احتلال العراق ولم تكن ذريعتهم سوى خداع سياسي ممقوت.
اليوم في وسائل التواصل ثمة فيديو يتحدث عن جورج بوش الابن وخداعه للشعوب وتدمير العراق، وثمة أصوات حرة -ليست عربية بل عالمية- تجلد حورج بوش الابن بالكلمات الحرة والهادفة في لقاء متلفز معه، هناك من يقول إن أمريكا تقتل الناس والشعوب -وهي من الأصوات الحرة القاطنة بأمريكا نفسها- في حين نجد في عالمنا العربي من يرفض هذا المبدأ، ويرى في أمريكا حمامة سلام، في حين تسعى أمريكا إلى إفساد حياة الشعوب، ولعل ما يحدث في أفغانستان اليوم خير دليل على ما نذهب إليه لمن أراد أن يلقي لسمع أَو كان بصيرا.
لا يمكن لأمريكا -وهي تقود مصالح العالم وتتحكم فيها- أن تضمر خيراً للشعوب العربية، ولذلك حين يتوهم أعراب الصحراء ذلك يقعون في الخطأ من حَيثُ يتوهمون أنه الصواب، ولا أظن مشيخات الصحراء ولا عربها قادرين على تجاوز أمريكا وبريطانيا كقوى استعمارية تتحكم بمصادر النفط وتديره منذ نصبتهم حكاماً إلى أن وقعت معاهدات الدفاع عنهم في خمسينيات القرن العشرين، فالسعوديّة هي بريطانيا بصورة أَو بأُخرى وكل دول الخليج، والإمارات اليوم تغرد في سرب الصهيونية وقد وهبتها بريطانيا لإسرائيل لكن في حالة من توازُنِ المصالح.
وتبعاً لذلك فلا غرابة من قلق بريطانيا وأمريكا مما يحدث في مأرب، فقد سبق لهما أن أعلنا عن أنفسهما بكل جلاء ووضوح في الجغرافيا اليمنية كقوى استعمارية، ولا سبيل لأهل اليمن إلا مقارعة المستعمر وهو خط ينمو كُـلّ يوم ويتزايد من خلال تزايد وعي الناس بحركة المستعمر، ومن خلال صمود الجيش واللجان الشعبيّة وهو صمود أُسطوري في ظل تحالف قوى الشر العالمي كله ضدهم.
اليمن اليوم تنتصر وهي لا ترضى لنفسها إلا العزة والكرامة وكامل السيادة على أراضيها وليس أمام المرتزِقة إلا لعنة التاريخ.