رسالةُ الشعب إلى رجال الله.. (2)
|| مقالات || عبدالقوي السباعي
إلى العابرين على دروبِ المجد.. الساجدين فوقَ ترابِ الانتصار.. إلى العابدين الله في المحرابِ الأقدس والميدان الأطْهر:
أيها المجاهدون الميامين.. يا مَن رفعتم بمواقفكم البطولية.. وأفعالكم الشجاعة.. رؤوسَنا عاليًا في شموخٍ وأَنفةٍ وكبرياء.. وجعلتم دماءَ الفخر والحرية تتدفقُ بحرارةٍ في عروق كُـلّ اليمنيين.. واتحتم لنا بأن نصولَ ونجولَ في عزة وكرامة.. وتمكّنا بفضلكم بأن لا نخجلَ من إبراز هُــوِيَّاتنا وجوازات سفرنا عندَ زيارتنا لأرضٍ أجنبية.. بعد أن صغتم في ذاكرة البشرية صفاتِ الفرد اليمني الأصيل المؤمن المتجسّد لكل معاني الرجولة والعنفوان..
وأعدتم لديوانِ الحماسة والريادة في تراثنا وتاريخنا معناه الحقيقي ومغزاه الأصيل.. بعد أن كُنّا يائسين مغيَّبين تعلو وجوهَنا غمامةُ الخيبة والفشل.. وكُنّا لبضع سنينٍ قبل مجيئكم أنتم.. على هامش التاريخ.. بلا سيادةٍ أَو قرار.. وكُنّا مُجَـرَّدَ عناوينَ فرعيةٍ زائدة منبوذة على حواشي الأحداث.. فنقلتنا تحَرّكاتُكم وتصرفاتُكم العظيمة.. إلى مصافِّ العُلا.. وعبرت بنا إنجازاتُكم وانتصاراتُكم العملاقةُ إلى القمة والمجد.. وجعلتنا محورَ اهتمام العالم.. الذي لا يحترمُ إلَّا أصحابَ الأقدام الثقيلة.
نعم.. لقد أضحى العالمُ كلُّه يتتبع انتصاراتِكم في كُـلّ المعارك، وأنتم تصنعون الأمجاد.. أمّا أبناءُ شعبكم فأنتم شغلُهم الشاغلُ، ففي زوايا البيوت والمجالس وعلى أرصفة المقاهي وبين أروقة المدارس والمكاتب والإدارات وعلى متن السيارات والحافلات وحتى الأسواق وعلى أبواب الدكاكين..، إذ ليس لهم حديثٌ إلا عنكم.. خطباء المساجد يدعون لكم، والمصلون عندما تمُسُّ جباهُهم أديمَ الأرض يَدْعون لكم، وشبابُنا يتبارون للالتحاق بكم، والوقوف إلى جانبكم؛ كي ينالوا شرفَ التواجُدِ بينكم في ساحات النزال والنضال وميادين الجهاد والاستشهاد.
نعم.. يا حُماةَ الدينِ وحُرَّاسَ العقيدة.. إن فينا أشياءَ كثيرةً قد تغيَّرت بفضلٍ من الله ثم بفضلكم، فهاماتُنا ارتفعت شموخاً ورِفعةً، وقاماتُنا ازدادت طُولاً وسموًّا.. وأصواتُنا تعالت أصداؤها جَهارةً وحِدَّةً.. وأقدامُنا صارت تحسُّ تحتها صلابةَ الأرض، ولهجتُنا اتضح فيها معنى الوثوق، وإرادتُنا اكتسبت قوةً ومنعةً..
وكل ذلك حصل ويحصل؛ لأَنَّكم تواجهون عدوَّ الله، عدوَّ وطنكم وشعبكم.. وتقاتلون بإيمانٍ راسخٍ، وإرادَة صلبة، وعزمٍ لا يلين.. تمضون بوعي متَّقدٍ، وبصيرةٍ نافذة.. تصولون وتجولون بشجاعةٍ وإقدام.. بكفاءةٍ واقتدار..؛ ولأنكم أبيتم الخنوعَ والخضوع، ورفضتم التقهقرَ والاستسلامَ، لقوى تحالف البغي والعدوان وأذنابه ومرتزِقته.. فكنتم الأعلون، إذ وهبتم أنفسَكم لقضيةِ وطنكم العادلة.. ولنُصرة شعبكم المظلوم..
فبأي لسانٍ يا رجالَ الله نشكُرُكم؟!، وبأية لغةٍ نعدد أفضالكم وإحسانكم؟!..
فليكتبِ اللهُ أجورَكم، ويغفرْ لكم ذنوبَكم، ويسدِّدْ رميَكم، وينصُرْكم ويثبِّتْ أقدامَكم..
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) صدق الله العظيم.