مأرب.. بين سقوط المرتزقة وضجيج قوى الاستكبار
|| مقالات || بسّام عبدالله النجّار
عويلٌ وصراخٌ وتباكٍ يضُجُّ بها الفضاءُ الإعلامي التابع لدول تحالف العدوان ومرتزِقته، ويكتظُّ بها الوسطُ السياسي العالمي، وتزداد حدتُها كلما اقترب رجالُ الرجال من تحرير مدينة مأرب التاريخية.. ومن ينظر إلى سَيل الخطابات والتصريحات الدولية والأممية خلال الأيّام السابقة المتعلقة باليمن وما يحدث في مأرب يدرك تضاعُفَ حجم القلق والهلع الذي أصاب أنظمة دول الاستكبار ومنظماتها الراعية للعدوان والمساندة له.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا: لماذا مأرب؟! وما سرّ كُـلّ هذا الاهتمام والضجيج؟!
كثيرة هي المناطق والمديريات اليمنية التي تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من تحريرها خلال الست السنوات السابقة من براثن وسطوة تحالف العدوان الباغي، إلا أننا لم نشاهد ضجيجاً وتهويلاً كهذا الذي نراه اليوم من أبواق العدوان وساسته وقادته ورُعاته على مدينة مأرب التي تكتسب أهميّة استراتيجية وعسكرية واقتصادية ومعنوية لدى العدوان.. ولكن كيف؟!
لا يخفَى على أحدٍ أن محافظة مأرب تُعد غرفةَ قيادة تحالف العدوان العسكرية التي تُدار من داخلها العمليات القتالية الميدانية، والمستودعَ الأولَ الذي كُدّس فيه العملاءُ والخونةُ المحليون والمغرر بهم إلى جانب المرتزِقة وقوى العدوان الخارجيين، ناهيك عن فرار واستقدام كثير من عناصر التنظيمات الإرهابية التي -كانت وما زالت- تقاتل في صفوف العدوان منذ البداية، وسقوط مأرب وتحريرها بيد رجال الرجال يمثل بالنسبة للعدوان انكساراً لعموده الفقري، وقطعاً لشريان إمدَاده العسكري والمعنوي، وانهياراً لآخر معاقله التي كان يعتمد عليها في تنفيذ مخطّطه الشيطاني في اليمن.
أما سياسيًّا فسقوط مأرب يعني فيما يعني إسقاطاً لمخطّط التقسيم والتجزئة الخبيث الذي يسعى من خلاله العدوان إلى تفتيت اليمن وتمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وإحالته إلى كنتونات مشتتة ومتناحرة فيما بينها، فيما يتفرغ هو لنهب ثروات أبناء يمن الإيمان والحكمة الطبيعية، وبناء القواعد العسكرية والسيطرة على مواقع اليمن ومنافذه البرية والبحرية الاستراتيجية، ليتسنى لدول الاستكبار والعدوان التحكم بالملاحة الدولية، وبطرق التجارة العالمية.
كما أن تحريرَ مأرب سيُضعِفُ الحربَ الاقتصادية البشعة وحصارها الخانق الذي تستخدمه دول العدوان كورقة ضغط على المواطن اليمني لمحاولة إركاعه، كمنع سفن المشتقات النفطية من الدخول إلى اليمن والتي يعاني منها اليمنيون في هذه الأيّام، إضافة إلى استخدامها كورقة ضغط على الدبلوماسية اليمنية خلال جولات المفاوضات التي تجري بين الفريق الوطني المفاوض وأطراف العدوان، علّها تظفر بما لم تتمكّن منه في الجبهات.
هذا جزء مما سيخسره العدوان عندما تتحرّر مأرب من قبضة مرتزِقته؛ لذلك نجدُ عويلَهم وتباكيَهم يتعالى أكثر وأكثر كلما اقترب الجيش واللجان الشعبيّة من تحرير مدينة مأرب.. كما أننا نرى ورأينا الأمم المتحدة قد خرجت من بوتقة صمتها المخزي، أما مبعوثها الأممي غريفتث فقد استفاق من سباته صارخاً باسم الإنسانية، قلقا مما يحدث في مأرب.. وهنا نتساءل: أين كان غريفتث وأممه المتحدة من الجرائم التي يرتكبها العدوان منذ ست سنوات؟!.. وأين هو أَيْـضاً من الحصار القاتل والقرصنة الإجرامية على سفن المشتقات النفطية والغذائية والدواء؟ ولماذا (لم، ولا) يتخذ أي إجراء فعلي تجاه ذلك؟ أم أن ما يقوم به العدوان ومرتزِقته من انتهاكات وجرائم ليست ضمن مهام غريفتث الإنسانية؟ وأين هم أَيْـضاً مما تقوم به الاستخبارات البريطانية والأمريكية من تخريب وانتهاك وتدخل سافر في اليمن؟ ألم تؤكّـد لهم اعترافاتُ خلية الجواسيس التابعة للاستخبارات البريطانية والأمريكية التي كُشف عنها، أن العدوان هو بقرار ودفع ومشاركة بريطانية أمريكية صهيونية؟ أم أن كُـلّ هذه الحقائق لم تلفت انتباه الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن؟!!
على العموم، إجَابَةُ هذه الأسئلة لا ننتظرها من أحد، فقد أدركها الشعبُ اليمني مبكراً، وأدرك أَيْـضاً أن الأمم المتحدة ومبعوثها وأمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني هم قادة العدوان والدينمو المحرك له؛ لذا قطع (الشعب اليمني) العهدَ على أن يواصل التصدي للعدوان وأذنابه ومرتزِقته، ويستمر في الصمود ورفد الجبهات بالمال والرجال حتى يتم تحريرُ كافة الأراضي اليمنية المحتلّة وفي مقدمتها مدينة مأرب.
“وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” صدق الله العظيم.