حتمية دخول مأرب وتحريرها من براثن الاحتلال وأوثان العمالة والارتزاق
|| مقالات || عبد القوي السباعي
يقدم مجاهدو الجيش اليمني ولجانهِ الشعبيّة نموذجاً فريداً في استراتيجيات الحروب ونظرياتها العسكرية المتعددة، وتكتيكاتها القتالية المختلفة، والتي وضعت عليها بصماتها الخَاصَّة والحصرية بها، والتي ستكون في المستقبل القريب منهجيةُ بحثٍ وموادُ دراسةٍ في مختلف أكاديميات الحروب العالمية.
سجلٌّ حافلٌ بالانتصارات العظيمة التي يحقّقها جيشنا ولجاننا الشعبيّة في كُـلّ المستويات وعلى كافة الأصعدة، في ميدانٍ كانت قد حدّدت للاستحواذ عليه جهابذة التخطيط العسكري العالمية فترة أسبوع كاملٍ فقط، لكنها أُصيبت بخيبة الأمل، فعلى مدى ستة أعوام من العدوان، ضربت الاستراتيجية العسكرية اليمنية تلك الاستراتيجيات عرض الحائط، وباتت اليوم وفي إطار معاركها الصامتة ذات النفس الطويل المتجهة نحو تحريرها لما تبقى من مناطق ومديريات محافظة مأرب وما بعدها، محل إعجابٍ وإكبار ومصدر فخرٍ واعتزاز لمختلف فئات المجتمع اليمني في الداخل والخارج، وما العملية الأمنية الأخيرة داخل عمق العدوّ وتحرير الأسرى إلا غيضٌ من فيض، والأيّام القليلة القادمة حبلى بمشاهد حصرية غايةً في الروعة.
الأمرُ الذي باتت اليوم قوى العدوان وأدواتها المتهالكة في حالة سكرٍ وتخبط، فتارةً تعمّد إلى المراوغة والاستعطاف، وتارةً أُخرى إلى التشويه لهذه الانتصارات، إذ لم يكن غريباً على الترسانة الإعلامية والدعائية الهائلة التي تمتلكها قوى العدوان ومن سار على نهجها من شراذم العمالة والخيانة والارتزاق، ذلك الترويع والتخويف لأهلنا من الساكنين في مدينة مأرب، عقب التصريحات الأخيرة لكثير من المسؤولين الأجانب، الداعية للجيش واللجان الشعبيّة إلى التعقل وانتهاج الحكمة، ودعوات للتفاوض ومطالبين في ذات الوقت المجتمع الدولي إلى سرعة التدخل لإنقاذ عملائهم هناك، والتي تبعتها العديد من الإجراءات الهستيرية لتلك الأدوات، كحفر الخنادق والمتارس في كُـلّ الاحياء تقريبًا وتجنيد وتسليح الأطفال والتغرير بهم، وممارسة شتى أنواع الابتزاز للتجار والباعة، والقيام بمضايقة سكان المحافظة والوافدين إليها، وباشرت بالاعتقالات التعسفية لكل من ينتقدهم بحجّـة العمل الاحترازي، والتي لم تستثن حتى النساء، في سابقةٍ خطيرة لم يشهدها تاريخ الحروب في اليمن عبر العصور.
ليس هذا فحسب، بل عززت أبواق حزب الإفساد الداعشي الوهَّـابي، من خطابها التحريضي لبث سموم ثقافتها الملتهبة حقداً وكراهيةً، في محاولةٍ يائسة لخلق تضامن شعبي وبيئة حاضنة ومقاتلةً بدلاً عنهم ومستميتةً مِن أجلِهم، ويعملون ليلَ نهارَ على تشكيل وعي جمعي عام يستهدف أبناء قبائل مأرب، يصور ويهول ويروّج بأن الجيش واللجان الشعبيّة كائناتٌ من كوكبٍ آخر أَو أنهم التتار والمغول، بل يظهر علمائهم على وسائل الإعلام ليحلفوا الأيمان المغلظة بأن جيشنا ولجاننا ما إن يستعيدوا منطقةً من المناطق التي كانت خاضعة لسلطات الاحتلال الأمريكي السعودي حتى يُعملوا فيها القتل والتنكيل والسحل والاعتقال، وهو الأمر الذي ما كان ولن يكون من أخلاقيات رجال الله المستغفرين المسبحين، ولعل المتتبع لتاريخ انتصاراتهم العظيمة سيدرك هذه الحقيقة، بالجوف مثلاً أَو في مناطق نهم المحرّرة أَو في البيضاء والضالع، ما إن يستتب بها الوضع حتى يغادروها لكي لا يكون لطيران تحالف العدوان ذريعة استهداف المدنيين بحجتهم، بعد أن تقوم حكومة الإنقاذ بصنعاء بتوفير وتأمين كُـلّ سُبل العيش الكريم لأبناء تلك المناطق، وما شهدناهُ، أمس القريب من تعامل الجيش والجان الشعبيّة مع بني جلدتهم في المديريات المحرّرة من محافظة مأرب ليس عنكم ببعيد، فكل من عاصر فتوحاتهم يدرك حقيقة كيف أنهم حفظوا الأعراض وصانوا الحرمات، وحافظوا على الممتلكات الخَاصَّة والعامة، وداووا الجرحى، وأطلقوا الاسرى ولا زالوا يتعاملون بالمنهجية المحمدية على صاحبها وآلهِ أفضل الصلاة وأزكى التسليم -والتي مفادها: “أذهبوا فأنتم الطلقاء”– وهي الروحية التي كانت وما زالت وستظل هي المتجسدة في أخلاق وآداب المجاهدين في الجيش واللجان الشعبيّة، فلهم مع كُـلّ نصرٍ حكاية وعطاء، ولهم في كُـلّ شبرٍ من ربوع الوطن شاهداً حياً، يسرد نُبل أخلاقهم وكرم تعاملاتهم وجميل أفعالهم.
الأمر الذي يجب أن يدركهُ أهلنا وإخواننا من أبناء القبائل في مأرب، والأفراد المغرَّر بهم والذين لا زالوا يقاتلون في صفوف العدوان، وحتى لا ينجروا خلف ذلك الوهم الزائف والوعود السراب، وتلك الدعايات السوداوية والشائعات المضللة التي تطلقها قوى الاحتلال الأمريكي السعودي وأذنابهم، وناصحاً لهم أن يعودوا إلى رشدهم، ويدركوا حقيقة ما تحيكهُ لهم تلك القوى المسعورة والأبواق المشروخة من مؤامراتٍ ومحارق، وتحاول الزج بهم ليكونوا ضحايا معركةٍ ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل، فالقيادات التي يعرفها الجميع، هم كعادتهم سيدفعون بقطعان وكباش الفداء إلى الخطوط الأمامية ليكونوا حطباً لمعركةٍ خاسرةٍ لا محالة، ثم ينسلًّون من ورائهم هرباً عبر رمال الصحراء، لينعموا بمشاريعهم واستثماراتهم وأموالهم في الرياض وتركيا، والتي جمعوها من دماء البسطاء والحمقى.