استغلال الثروة البشرية في التنمية الاقتصادية
|| مقالات || محمد صالح حاتم
لا تقاسُ الدولُ بالغنى والفقر بما تمتلكه من ثروات نفطية ومعدنية في باطن أراضيها، ولا بما تمتلكه من أرصدة في البنوك والصناديق السيادية، بل تقاس بما تمتلكه من قوى بشرية عاملة ومنتجه، وعقول تستطيع أن تستغل هذه الثروة البشرية في التنمية الاقتصادية للبلد.
فدول الخليج تمتلك أكبر مخزون نفطي في العالم ووحدها السعودية تستحوذ على السوق النفطي العالمي إنتاجاً وتصديراً، وقطر تمتلك مخزونا من الغاز بكميات كبيرة، ولكنها لا تمتلك ثروة بشرية عاملة ومنتجه ولذلك فَـإنَّها تُعدّ دول فقيرة رغم الرفاهية والبذخ الذي يعيشه مواطنيها، رغم البنايات المعمارية والأبراج الزجاجية المرتفعة، ولكنها تظل دولاً فقيرة ضعيفة واقتصادها هش مهدّد بالإفلاس في أية لحظة وهذا ما بتنا نشهده ونلمسه مع ظهور جائحة كورونا، بينما الصين لا تمتلك ما تمتلكه السعودية من نفط، ولكنها تمتلك أكثر من مليار ونصف مليار من الثروة البشرية معظمها قوة عاملة ومنتجه، فاقتصادها أقوى اقتصاد في العالم، ومنتجاتها تتواجد في معظم بيوت العالم، فلا خوف عليها رغم تعدد العرقيات والطوائف والقوميات، ألا ّأنها تمتلك عقل استطاع أن يستغل هذا الكم الهائل والوفير من القوى البشرية، فحولها من عالة إلى ماكنة وآلة منتجه، الكل يعمل، والكل يزرع، والكل يصنع، لا يوجد عندهم شيء اسمه وقت للفراغ، يتم استغلال كُـلّ دقيقة.
فالنهضة الصينية بدأت في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ولكنها استطاعت أن تنافس كبريات الدول وتوفقت عليها حتى باتت اليوم تتربع على عرش الاقتصاد العالمي.
وهذا هو ما نريده من حكومتنا ودولتنا، أن تستغل القوة البشرية اليمنية، في النهوض بالاقتصاد اليمني، من خلال إيجاد تعليم قوي يرفد سوق العمل بالأيادي العاملة المؤهلة والمدربة، والإنسان اليمني بطبيعته شغال متحَرّك، يحتاج فقط من يديره ويستغل ما يمتلكه من خبرات وإمْكَانيات، والإنسان اليمني بطبيعته زراعي منتج، يحتاج من يوجهه ويحفزه ويدعمه بأبسط الأشياء، وهذا ما نعوله على الجهات المعنية، العقول اليمنية مبدعة ومخترعة ومبتكرة تنتظر من يحتضنها ويدعمها ويتبنى اختراعاتها وابتكاراتها، وهذا ما نأمله.
الأرض اليمنية أرض خيره، أرض معطاه، أرض طيبة، أرض منتجاتها ذات جودة عالية تنتظر من يحرثها ويسقيها، ويحمي وَيسوق منتجاتها، وتختزن في باطنها كنوزا عظيمة وكثيرة من النفط والغاز والثروات المعدنية وبكميات كبيرة.
ورأس المال المحلي منتشر وموزع في عدة بلدان ومنها دول الخليج وجنوب شرق آسيا ينتظر من يمنحه فرص استثمارية ويدعمه من خلال الإعفاءات الضريبية والجمركية وحماية المستثمر من المتهبشين والمتسلقين والمتشرطين على رجال المال والأعمال الباحثين عن فرص استثمارية ليساهم في نهضة اقتصادية لبلده.