بدلا من تصنيف “أنصار الله” كمنظمة إرهابية يجب وقف بيع السلاح للرياض
دعوات لحظر بيع السلاح لدول تحالف العدوان
صرّح “مايك بومبيو” وزير الخارجية الأمريكي قبل عدة أسابيع عزم بلاده تصنيف حركة “أنصار الله” اليمنية منظمة إرهابية. وزعم “بومبيو”، أن هذه الخطوة سيكون لها تأثير ملحوظ على الوضع الإنساني في اليمن، مؤكداً وجود خطة لتنفيذ إجراءات لتقليل تأثير التصنيف على بعض النشاط الإنساني وتوريد المساعدات إلى اليمن. ولقد جاءت هذه الخطوة الأمريكية في أخر أيام حكم الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”. وقبل عدة أيام عقب تنصيب الرئيس “جو بايدن” كرئيساً للولايات المتحدة وعقب تولي هذا الاخير زمام الامور في البيت الابيض، سارعت الإدارة الامريكية الجديدة إلى اتخاذ قرار بمراجعة قرار “ترامب” المتهور المتعلق بوضع حركة “أنصار الله” اليمنية على قائمة الجماعات الإرهابية وحول هذا السياق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة الماضي، إن “وزارته بدأت مراجعة قرار إدارة ترامب تصنيف انصار الله في اليمن كمنظمة إرهابية“. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إنهم “لن يناقشوا علنًا أو يعلقوا على المداولات الداخلية المتعلقة بهذه المراجعة”. وأكد أن الأزمة الإنسانية في اليمن، هي الدافع الأساسي للإسراع بما يمكن لإجراء المراجعة واتخاذ القرار. ورغم مراجعة القرار.
وعلى صعيد متصل، دعا القيادي في حركة أنصار الله اليمنية “محمد علي الحوثي”، قبل عدة أيام الولايات المتحدة إلى حظر الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية بدلاً من وضع جماعته على قائمة الجماعات الإرهابية. وكتب “الحوثي” في تغريدة: “على أمريكا أن تصدر حظرا على إرسال السلاح والطيران والدعم اللوجستي للسعودية وتحالفها في العدوان على اليمن، وهذا هو الأجدر مراجعته حتى 26 فبراير”، في إشارة إلى تاريخ انتهاء صلاحية الترخيص الأمريكي الذي يجيز إجراء معاملات مع جماعة “أنصار الله“.وأضاف “الحوثي”، أن “الأموال التي جمعتها وزارة الخزانة الأمريكية كانت ثمن إرهاب التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن بقتل الاطفال والنساء وتدمير اليمن وتجويعه“.
الجدير بالذكر أنه انطلقت يوم الاثنين الماضي تظاهرات وفعاليات حاشدة باليمن وعدد من عواصم العالم الحر داعية لوقف الحرب الكونية على اليمن منذ ستة أعوام التي أدت الى أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم، وذلك تزامنا مع تصنيف “أنصار الله” بالإرهاب من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”. وخلال تلك التظاهرات، أكد “محمى البخيتي” عضو المجلس السياسي لحركة “أنصار الله”، أن خطوة واشنطن بتصنيف “أنصار الله” منظمة إرهابية هدفها ترهيب اليمنيين، مضيفاً أن محاولة الولايات المتحدة الضغط على اليمنيين لن تجدي نفعا. وأوضح “البخيتي” قائلا “نحن غير معنيين بما تفعله إدارة بايدن لأن الولايات المتحدة شريكة في العدوان”، مشدداً على أن واشنطن ستندم على قرارها تصنيف الحركة منظمة إرهابية“. وأشار إلى أن واشنطن لعبت آخر ورقة لأن ميزان القوى في الحرب مال ضد تحالف العدوان.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية، أنه بسبب استمرار العدوان على اليمن الذي تقوده السعودية، والمجاعة والحالة الإنسانية، وانعدام الأمن الغذائي، وتدمير البلد جاءت دعوات وفعاليات من عدة دول تجتمع تحت عنوان “اليوم العالمي من أجل اليمن” لتكون حدثاً احتجاجياً عالمياً في 25يناير. و“اليوم العالمي من أجل اليمن”، هي فكرة بدأت من شخصيتين دوليتين وهما “جيرمي كوربن” الرئيس السابق لحزب العمال البريطاني، والمعروف بمعارضته الشديدة للحرب على اليمن، وتمويل السعودية لها، ويدعو دائماً لمحاسبة المملكة على انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وأيضاً المرشح السابق للانتخابات الأمريكية “بيرني ساندرز”.
وعلى نفس هذا المنوال، حذر رئيس الوفد الوطني اليمني المفاوض “محمد عبدالسلام”، دول العدوان من تبعات استمرارها في عدوانها وحصارها على الشعب اليمني، مشيرا إلى أن عدم مسارعتها في إيقاف جرائمها وعدوانها سيكلفها كثيرا. وقال “عبدالسلام” في تغريدة له على تويتر يوم السبت الماضي: “العدوان على اليمن جريمة والحصار جريمة، واستمرارهما جريمة أخرى مضاعفة، وعدم مسارعة تحالف الإجرام لإيقاف جرائمه سيكلفه كثيرا”. الجدير بالذكر أن قوى العدوان مستمرة في ارتكاب المجازر الوحشية بشكل يومي بالإضافة لاستمرار الحصار ومنع ادخال السفن المحملة بالمشتقات النفطية وكذلك إغلاق مطار صنعاء الدولي الأمر الذي أدى لوفاة عشرات الآلاف من المواطنين وخلق أزمة اقتصادية خانقة.
إن الانتقاد للسياسة الأمريكية وتعاطيها السلبي مع الملف اليمني كان الأكثر حضوراً في خطابات وأدبيات الاحتجاجات الشعبية الواسعة وشعاراتها المنددة بممارسات امريكا في اليمن وتحميلها مسؤولية ما يتعرض له اليمنيون من عدوان وقتل مدنيين وتدمير وتجويع، وان انعكاسات مثل هذا التصنيف سيزيد الطن بلة بشأن مضاعفة المعاناة والأزمات الإنسانية وتعقيد مسار عملية السلام، إلى جانب أن البيانات الصادرة أكدت أن العدوان والحصار على اليمن هو أمريكي بالدرجة الأولى، وأن أمريكا هي المسؤولة عن جرائم الإبادة بحق اليمنيين وهي من توفر الدعم والغطاء السياسي للتحالف السعودي الإماراتي، وأن التصنيف الأمريكي لـ”أنصار الله” جاء تتويجاً للممارسات العدوانية الأمريكية ضد اليمن وتعبيرا عن الفشل أمام صمود اليمنيين في وقت يعتبر الإرهاب الحقيقي هو ما يقوم به من اطلقوا عليه “التحالف الأمريكي السعودي” من حصار على الموانئ والمطارات وقتل اليمنيين وتجويعهم، وأن واشنطن تحاول بمثل هذه التحركات تغطية إدارتها للحرب العبثية في اليمن وتورطها فيما ارتكبت من جرائم وانتهاكات.
وهذا الغضب اليمني الواسع في ظل حملة التضامنات الدولية المناهضة للحرب على اليمن والمطالبة بإنهاء العدوان والحصار على اليمنيين، قد يمثل تطوراً من شأنه تنبيه العالم بحجم القضية والمظلومية والضغط باتجاه انهاء هذه الحرب المفروضة على الشعب اليمني والممتدة لنحو ٦ سنوات، خاصة أن هذا الأمر يأتي في وقت مليء بالخيبات والانكسارات ميدانياً وسياسياً للأطراف المعتدية. ولقد توقفت الصحف العالمية يومي 25 يناير و26 يناير عند معاناة المدنيين في اليمن، حيث دعت صحيفة “نيويورك تايمز” دعت إلى وقف الموت البطيء في اليمن، وكذلك صحيفة “لوموند” الفرنسية أثارت من جانبها تداعيات العدوان على اليمن وآثاره على اليمنيين وقالت “يعد اليمن في رأي الأمم المتحدة جحيما على الأرض بالنسبة للأطفال”. ومن جانبها نقلت صحيفة هذه الفرنسية عن منظمة اليونيسف إن أكثر من مليون ونصف المليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في اليمن، وكل عشر دقائق يموت طفل بسبب أمراض يمكن تجنبها حسب تقارير اليونيسف دائما. وأما صحيفة “نيويورك تايمز” فقد دعت إلى وقف هذه الحرب وقالت: “أوقفوا احتضار اليمن، أوقفوا الغارات وأطلقوا جهود إنقاذ واسعة النطاق”.. وهذه الصحيفة أشارت كذلك إلى مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” وقالت إن كل هذا يدل على أن القادة السعوديين بلا رحمة ولا يمكن الثقة بهم، كما دعت الصحيفة دعت إلى الاعتراف بوحشية هذه الحرب التي تشنها السعودية في اليمن. وقالت “نيويورك تايمز”، إن إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” كانت قد دُفعت إلى المطالبة بوقف الحرب لكن يبدو أن ذلك لم يتسبب إلا في اشتعال مزيد من المعارك، ودعت الصحيفة كل البلدان التي تدعم التحالف بقيادة السعودية عبر بيعها الأسلحة والمعدات العسكرية إلى المطالبة بوقف هذه المجزرة.
وفي الختام يمكن القول أن الحراك الشعبي الكبير الذي شهدته العاصمة صنعاء وعدة مدن يمنية والمتزامن مع حملة الاحتجاجات الدولية فيما أُطلق عليه “اليوم العالمي من أجل اليمن” أظهر صمود وثبات اليمنيين رغم سنوات من الحرب والحصار، كما أنه أرسل عدة رسائل أهمها تمسك كل المكونات اليمنية بقضيتها الوطنية الرافضة لأي توصيف او وصاية أجنبية والمساندة لأي مساع سلام من شأنها إيقاف العدوان والحصار، وأبان عن مدى الاستعداد لتقديم التضحيات في سبيل الحرية والكرامة واستقلالية القرار من منطلق تأكيدات المتظاهرين التي تمحورت حول أن التصنيف الأمريكي لن يمنع الشعب اليمني من خوض معركته المقدسة في مواجهة قوى العدوان، وأن زمن الوصاية الأجنبية على اليمن قد ولى وعلى دول تحالف العدوان أن تيأس من عودة وصايتها.