تفجيرات بغداد والاستخبارات الأمريكية
|| مقالات || عبدالفتاح علي البنوس
بالتزامن مع تولي الرئيس الأمريكي الجديد الديمقراطي جون بايدن مهامه رسميا بعد حفل التنصيب الأكثر تأمينا من قبل الحرس الوطني والأجهزة الأمنية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، كانت العاصمة العراقية بغداد على موعد مع الإجرام والتوحش الأمريكوسعودي، حيث شهد السوق الشعبي في ساحة الطيران تفجيرين انتحاريين مزدوجين استهدفا المواطنين الأبرياء، الانتحاري الأول فجر نفسه وسط السوق، وبينما كان المسعفون يقومون بانتشال الجثث وإسعاف المصابين وبعد تجمع أعداد كبيرة من المواطنين أقدم الانتحاري الثاني على تفجير نفسه في وسطهم ما أسفر عن سقطوط أكثر من 23شهيدا و 110 جرحى في جريمة هي الأولى من نوعها في العام الميلادي الجديد..
الجريمة التي تحمل بصمات الاستخبارات الأمريكية وأدواتها وأذنابها في المنطقة جاءت عقب سلسلة من العمليات النوعية التي تنفذها المقاومة العراقية والتي تستهدف قوات الدعم اللوجستي لقوات الاحتلال الأمريكي في العراق، والتي تأتي في سياق الحراك الشعبي المقاوم للاحتلال الأمريكي والمطالب برحيل القوات الأمريكية من بلاد الرافدين، والتي تأتي ردا على الجرائم والمذابح والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الأمريكي والتدخلات السافرة للبيت الأبيض في الشؤون الداخلية العراقية والاعتداءات التي تستهدف قوات الحشد الشعبي ومواقع المقاومة العراقية، ودعمهم وإسنادهم للمليشيات والجماعات التكفيرية الإجرامية التي تحاول العبث بأمن واستقرار العراق..
ما يسمى بتنظيم داعش الإجرامي -الذراع العسكري غير النظامي للاستخبارات الأمريكية، الوهابي المعتقد، السعودي التمويل- سارع إلى إعلان مسؤوليته عن تفحيرات بغداد وأفصح في بيان له عن هوية المنفذين وأن أحدهم سعودي الجنسية، هذا الإعلان حمل الكثير من الدلالات لعل أبرزها وأكثرها أهمية تأكيد التورط الأمريكي السعودي في ارتكاب الجريمة، وتعزيز القناعة وتأكيد المؤكد بأن تنظيم داعش جزء لا يتجزأ من قوات الاحتلال الأمريكي وأداة من أدواته التي تتحرك وفق توجيهاته وينفذ المهام الموكلة إليه حسب أوامره وما يطلبه منه، وأن تفجيرات سوق ساحة الطيران في بغداد جاءت للرد على العمليات النوعية التي ينفذها أبطال المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الأمريكي، وأرتال الدعم والإسناد اللوجستي التابعة لها والتي ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة بالتزامن مع تنامي الحراك الشعبي العراقي المطالب برحيل القوات الأمريكية من العراق والتي جاءت عقب جريمة اغتيال الشهيدين العظيمين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في مطار بغداد من قبل ترامب وإدارته المتصهينة..
وأمام هذه الجرأة والوقاحة والإجرام والوحشية الأمريكية السعودية الصهيونية ينبغي على كافة أحرار العراق التوحد ونبذ كافة أشكال التفرقة وتجاوز الخلافات والتباينات والعمل على لملمة جراحهم والتغلب على أحزانهم، وترحيل كافة الملفات الداخلية الشائكة، والتفرغ لمواجهة الخطر الأمريكي السعودي الصهيوني الذي يستهدف العراق؛ كل العراق، والعراقيين؛ كل العراقيين -السُنَّة والشيعة والمسيحيين والأكراد وكل الفئات والفصائل والأطياف التي تمثل الشعب العراقي – أمريكا لن ترحم هذا السني أو تستهدف ذاك الشيعي، أمريكا بغدرها وإجرامها تستهدف كل العراقيين، وما حصل في ساحة الطيران ببغداد خير شاهد على ذلك..
بالمختصر المفيد: الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي وعملاء السعودية والإمارات يحاولون جر العراق إلى دوامة العنف والصراع والحرب الطائفية والمذهبية كما يفعلون في لبنان واليمن وسوريا وليبيا وغيرها،وعندما فشلوا في ذلك نتيجة تنامي وعي حركات المقاومة وصلابة مجاهديها، عادوا إلى استخدام العناصر والجماعات التكفيرية الإجرامية، لذا يجب على الجميع التحلي بالمسؤولية وأن يكونوا على قلب رجل واحد في مواجهة العربدة الأمريكية والإجرام السعودي الذي تجاوز كل الحدود، لا وقت للفرجة والدعممة في مثل هكذا ظروف، العدو سيتمادى إذا لم يتم الرد على جرائمه، لن يتوقف عند جريمة تفجيرات بغداد، وسيذهب إلى ما هو أقذع وأبشع،خصوصا إذا ما لمس حالة من الانقسام داخل مكونات المجتمع العراقي.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.