سُليماني والصّماد.. توأم التضحية والمنزلة
|| مقالات || زينب إبراهيم الديلمي
لعلّنا أمامَ مشاهد اختزل بها معاني التضحيّة والاستشهاد في آنٍ واحد، تلك الأساطير العُظمى والتضحيات الجمّة مشحونة بأنواع الفراق والحُزن على قادتها العُظماء الذين رحلوا وهم مُعانقين للسّماوات.
تلك الدموع المُحترقة على الجبين وفي ناظريها أُولئك القادة الذين أرخوا بطولاتهم في صُحُف التّاريخ، لم تستطع ملامحُهم العالقة في ذاكرة مُحبّيهم وذويهم أن تهجرَهم وإنّ كانت أرواحُهم مُهاجِرةً في عالم الملكوت السّماوي.
تلك الأممُ التي تحتسيَ قهوة الوجع بمرارة الفقد كادت أن تُنهكها لوعة الفراق والبُعد، لكن ما يجعل الأُمَّــة تتحمّل تلك الآلام التي أثقلت كاهلها هي وصايا ونُصح قادتها، فتُزيح تلك الكواهل عن ثقل أُمَّـة الجهاد والشهادة.
ربما تجددت علينا هذه المرة وصية السيد القائد: عبد الملك بدر الدين الحوثي للرئيس الشّهيد: صالح الصماد قبل استشهاده قائلاً له: إنّ أنظار جواسيس أمريكا تترصّده عن كثب، لكنّ إصرار الصّماد ومضيه إلى درب الشّهادة لم يكن مُبالياً لتلك الأعين الشّيطانيّة ونشاطاتها المُكثّـفة في تصفيّة العُظماء!
هُنالك الوصية تكرّرت مع سماحة السيد القائد: حسن نصر الله؛ ليوصيَ القائد العظيم: قاسم سُليماني أنّ العين الأمريكيّة لم تغفل ولا فيّنة واحدة عن بطولاته وأساطيره وانتصاراته المتواليّة على رجس داعش وحاشيتهم، فأطلّ في ناظرَي القائد وابتسم قائلاً: إنني أدعو ذلك!
صماد اليمن وسليماني إيران رسما لِبنة التغيير نحو تصحيح مسار الأُمَّــة وإخراجها من براثن الظُلم التي تُكابد عناءها منذ إن وطأت داعش بقدميها القذرتين أقطار الأُمَّــة الإسلامية ومنذ أن شنّ عتاولة الطغيان عدوانهم الباغي على اليمن.. وخاطرا بحياتهما؛ مِن أجلِ أن تبقى أمصار شعوبهم قريرة العين ومُطمئنة الفؤاد.
صماد اليمن وسليماني إيران نذرا آمدهما القصير كله بالجهاد ورفع منسوب الانطلاقة الحقيقة مع الله تعالى، وقطعا تماس المكوث في دُنيا الفناء للوصول إلى فردوس الأزل.. وتزدادُ أعمارهما أبدَ الزمن ليُصبحا كابوساً مُريباً في جفون الأعداء ويُصابون بفوبيا بطولات وتضحيات قادتنا العُظماء التي قصمت ناصيتهم واجتثت مُناهم وَأمانيهم.
صماد اليمن وسليماني إيران وقعا في نفس الاستهداف، ونفس الاستشهاد، ونفس التضحيّة، ونفس الألم، ونفس الجاني، ونفس البطولة والإقدام.. وما أعظمها من عاقبة أن يكونا توأم تلك الصّفات، وما أجل تلك الخاتمة أن يتوّجا بوسام الشّهادة ويطيرا في عالم الملكوت شاخصة أعينهما، معانقين برأسيهما عنان السّماء!
بشهادة الصّماد رُفعت مكانة اليمن بمشروعه المتين في بناء دولةٍ لا تقبل هيمنة الأجانب، وحماية سيادةٍ لا تظل فريسةً سهلة ومسرحية هَزلية لشياطين الاستكبار والكفر.. وأنّ اليدَين البانيّة والحاميّة هي من جعلت مؤامرات العدوان تهوى في توابيت العَقبات والويلات.
وبشهادة سُليماني فُتحت ثغرات سقوط الأمريكي من رُقعة الأرض، وأُسقيت ثمار تضحيّاته بترمومتر النّصر، حتّى تقوى جذور المقاومة وتضرب بيدٍ من حديد على أكُفّ الجيوش والقواعد الأمريكيّة، وتحقيق القصاص العادل لهذه الجريمة الشّنعاء.