لحظاتُ تأمل في حياة الشهداء
|| مقالات || أحلام حسن
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَـمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
حينما نقفُ في رحابِ هذه الآيات الطاهرة نتأملها ونتدبرها نستشعرُ عظمةَ مكانة الشهداء التي حَبَاهم الله بها وأكرمهم بها وقابلهم بها ففي الوقت الذي نحزنُ عليهم وعلى فراقهم وفي الوقت الذي تحزن الأم على فلذة كبدها والزوجة تتألم على فراق زوجها، والأخت والأخ تتألمان على فراق توأم أرواحهما، والأبناء يحزنون لفراق سندهم وذخرهم، وفي الوقت الذي نتذكر فيه معاناتِهم في مسيرتهم الجهادية، فكم هي الأيّام والليالي التي عانوا فيها من البرد القارس وهم في الجبال والوديان وفي ساحات الوغى يتحملون البرد بقسوته غير مبالين به ولا متوانين عن عملهم ومسئوليتهم.
وكم هي الأيّام والليالي التي عانوا فيها من شدة الحر وحرارة الشمس الحارقة وقت الظهيرة وهم معتلون هامات الجبال يرفعون فوقها صرخات الانتصار ويرفعون عليها أعلام العزة والكرامة.
أيامٌ وليالٍ وهم في صد وهجوم في زحف ودفاع، وفي هذه الفترات كلها ثمة قلوب تتألم وعيون تدمع، وقلوب تناجي الإله آناء الليل وأطراف النهار.
فتأتي هذه الآيات العظيمة لتغسل الأحزان وتزيل الهموم وتطمئن النفوس فمن هم في ضيافة الله عز وجل فحقاً لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
فحينما نعلمُ علمَ اليقين بأنهم عند الله ومن هو الله في ملكه في عظمته في ملكوته، في قدرته، في كُـلّ ما يملك من خزائن السماوات والأرض نعلم أنهم في ضيافة من ليس كمثله شيء، فحينها نضع أيدينا فوق قلوبنا ونحمد الله حمداً صادقاً ونشكره شكراً عظيماً لما حباهم وأهداهم من عظيم فضله.
أما إذَا زادت الطمأنينة لدينا حينما أخبرنا الله عز وجل بحالهم وبنفسياتهم فهم فرحين يعيشون الفرح والفرح الحقيقي هو نعيم الله تعالى بل ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم.
فهم في حالة فرح واستبشار في حالة ترقب وانتظار.
هنا يتبقى علينا الوعد والعهد.
وهو أن نسير على خُطاهم وننهج نهجهم ونحذوَ حذوهم جيلاً بعد جيل.
لنصل لما وصلوا إليه من رضا من الله عز وجل وما وصلوا إليه من ذلك النعيم العظيم، فحقاً حياة الشهداء هي الحياة الأبدية والتي يبحث عنها كُـلّ إنسان مؤمن لديه قلب يفكر به ويعقل به، فما أجملَ استثمار الموت المحتوم والهروب من الموت وابتغاء الحياة الأبدية باختيار طريق الشهادة والاستشهاد.
فهنيئاً لهم وهنيئاً لمن سيلحق بهم..