صناعة القرارات العربية
|| مقالات || عادل صلاح
أظهرت أحداثُ الهرولة المتتالية للأنظمة العربية في الآونة الأخيرة، نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكلٍّ متأملٍ في المشهد العربي الراهن، عدّةَ ملاحظات حول مجمل صناعة السياسة الخارجية عُمُـومًا، وعمليات صنع القرار السياسي على وجه الخصوص وما تنطوي عليه من تفريعات، وأهم تلك الملاحظات هي:
1- أن أهدافَ السياسة الخارجية لا تعبّر عن المصالح القومية بقدر ما تعبّر عن المصالح الشخصية، وهو ما يتجلّى في استبدال معايير الأهميّة والأولويات لأهداف السياسية الخارجية ذات النص الدستوري والرسوخ المجتمعي المجمع عليه بأهداف معاكسة لا ثقل لها ولا وزن مقارنة بسابقاتها.
2- غياب البعد المؤسّسي عن القرارات الخارجية وطغيان العامل الشخصي وهيمنته على صنع القرارات، الأمر الذي أَدَّى إلى ميوعة التوجّـه السياسي وسهولة الانصياع والإذعان لأدنى الضغوط الخارجية وتغيرات الظرف الدولي.
3- الفصام الحاد في شخصية النظام السياسي للدولة، تبعاً لشخصية هرم السلطة (الشيزوفرينية) الفصامية، حيث يتراءى الخطاب الداخلي منافيا للخطاب والسلوك الخارجي.
4- نرى جليًّا أن هيكلَ النظام السياسي للدول التي طبّعت تخلو تماماً من ملامح شعبها وصوت مواطنيها، الأمر الذي يعكس الفجوة أو بالأحرى البون الشاسع بين قيم ومبادئ مؤسّسات الدولة وقيم ومبادئ شعبها، والتضاد الواضح في المسارين بين السياسي والاجتماعي الذي يترجم ضآلة الإيمان بالثوابت الدينية والتاريخية وضحالة رسوخ القيم المجتمعية لدى النخب السياسية لدول التطبيع.
5- قصر الرؤية السياسية لتلك الأنظمة المهترئة وعجز أجهزتها السياسية المتخشبة عن رسم الخطط السياسية ووضع البرامج والآليات التنفيذية المرنة التي تتوفر على البدائل والخيارات التي من شأنها توسيعُ هامش المناورة الدبلوماسية ودائرة التحَرّك السياسي أمام الضغوطات ومتغيرات الظروف الخارجية الدولية والإقليمية.