ما يريده اليمنيون خارج لعبة المساعدات
الشيخ مصلح علي أبو شعر*
تحاصرُه وَتساندُ المعتدين عليه، وَتتحايلُ في إحياء فرص السلام، وَتستمرُّ في المغالطات وَالتزييف لطبيعة الوضع القائم في البلد، وَتشاركُ في صناعة الأحداث فيه من خِلال إحاطات تائهة في التفاصيل وَخارج صلب المشكلة، تدين الضحية وَتبرئ القاتل، وَبعد كُـلّ ذلك تداهمها نوبة قلق مفاجئة، تتقمص فيها دور الضمير الإنساني، وَكأنَّه قد صحا في أروقتها فجأةً على إيقاع تردي الوضع وَتمادى القاتل في قتله وَتصاعد معاناة الضحية، غير أن ما استجد هو أن اللعبة الدامية تقتضي أَيْـضاً استغلال الوضع المتردي والنزعة الإنسانية لدى شعوب المعمورة، لتحقيق مكاسبَ مالية لا أقلَّ ولا أكثر.
هذا هو حالُ المنظومةِ الدولية المسماة الأمم المتحدة وَأساليبها المنظورة في اليمن، نصحو على تقريرٍ انتشر في وسائل الإعلام كانتشار النار في الهشيم تحت عنوان “اليمن على شفير المجاعة”، وَننام على قلقٍ أممي لا يزيدنا إلَّا شفقة على الحال الذي وصلت إليه الإنسانية في هذا العصر، وَنحن نعلم علم اليقين أن هذه التقارير وإن كانت حقيقية إلَّا أن نواياها لا تأتي لغرض أن ينقذ العالم شعب اليمن من المجاعة، وإنما ليرفد المانحون خزينةَ هذه المنظومة وَجيوب القائمين عليها بملايين الدولارات تحت ذريعة الحالة الإنسانية في اليمن، وَالتي لا يلمس المواطنُ فيها أيَّ تحسن في مستواه المعيشي، ولا تزال المعاناة تتفاقم وتتصاعد منذ السنة الأولى للعدوان على اليمن رغم مليارات الدولارات التي تهبها الدول باسم اليمن.
واقع بات واضحًا ومكشوفًا، يدللُ على حجم الكارثة المصاب بها شعوبُ الأرض نتيجةَ هذه السياسات الدولية المهيمنة على القرار، والتي تقفُ وراءها المنظومة الصهيونية العالمية وَتتحكم بمدخلاتها ومخرجاتها بحسب ما تفرضه مصالحها الشيطانية وَمخطّطاتها الخبيثة على كُـلّ الأوطان والمجتمعات دون استثناء.
لذا فَـإنَّنا في اليمن وبعزيمة القيادة الثورية المباركة التي تنبهت إلى هذه المشاريع مبكراً وَناهضتها وَساهمت في رفع مستوى الوعي الشعبي لمواجهتها، نمضي اليوم في خُطًى واثقة ومدروسة؛ لانتشال بلدنا وَشعبنا من براثن هذه الهيمنة والوصاية، من خلال رفد الجبهات بالمال والرجال، وَتفعيل كُـلّ أدوات النهوض المؤسّسي إداريًّا وَسياسيًّا وَعسكريًّا واقتصاديًّا، بما يكفل نجاح هذا التوجّـه وَتعزيز فرص بقاءه وَقدرته على مواجهة التحديات.
وليس الرؤية الوطنية لبناء الدولة إلَّا مخرجات عملية لهذا النضال الذي يخوضه شعبنا، وَالذي لا ينحصر في المواجهة العسكرية وحسب، وإنما بتفعيل كُـلِّ عوامل القوة والمنعة، يقابله السعي لإيصال رسالتنا إلى كُـلّ العالم الحر على أننا أصحاب مشروع إنساني وَدعاة سلام لم نعتدِ أَو نتعدَّ على أحد وإنما ندافع عن أنفسنا وَعن قرارنا وَسيادتنا وفق ما تفرضه الشرائع الالهية وَالقوانين والاعراف الدولية.
واليمنيون اليوم بكل فخر لا ينتظرون وصولَ شحنة غذاء فاسدة أَو أي نوع من المساعدات التي يتسولها العالم باسم هذا الشعب الكريم والعزيز، وإنما باحترام ارادته وَرفع العدوان والحصار الجائر عليه، وَتركه ليدير شؤون حياته وَيتدبر حاضره ومستقبله دون إملاءات أَو تدخلات.