لغز اللقاء السري في نيوم
أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو توجه يوم الأحد إلى السعودية لعقد اجتماع سري مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
حيث نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤول صهيوني لم تذكر اسمه قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد يوسي كوهين وصلا يوم الأحد إلى مدينة نيوم السعودية على ساحل البحر الأحمر، والتقى هناك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي.
هذا الخبر الذي لم تؤكده الرياض وتل أبيب، أكدته وسائل الإعلام مستندة لموقع FlightRadar24.com ، الذي ينشر معلومات تتبع شركات الطيران. ووفق الموقع، أقلعت طائرة لشركة غلف ستريم 4 مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي يدعى أودي أنجل من مطار بن غوريون الدولي بالقرب من تل أبيب مساء الأحد وأقلعت مرة أخرى بعد نحو ثلاث ساعات.
تعطش ثلاثي للتطبيع
لا شك أن هذه الزيارة (على افتراض حدوثها) ستكون خطوة نحو تسريع تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والسعودية. المسؤولون السعوديون أقاموا علاقات سرية مع تل أبيب منذ سنوات وكان لديهم تعاون استخباراتي وسياسي، لذا فإن ما يسمى تطبيع العلاقات هو في الحقيقة اظهار العلاقات التي تجري تحت ضغط إدارة ترامب. ويؤكد معظم المراقبين والمحللين أن انضمام البحرين لاتفاقية التطبيع جاء بضوء أخضر من الرياض وهو علامة على دعم السعودية لهذا الاجراء، حيث فتحت السعودية أجواءها امام رحلات الكيان الصهيوني بعد فترة وجيزة من اتفاق التطبيع. القرار الذي أعلن بعد يوم من لقاء جاريد كوشنر صهر ترامب وكبير مستشاريه مع ابن سلمان في الرياض.
يعتبر ابن سلمان الذي يرى رحيل ترامب على أنه تحدٍ كبير لطموحاته السياسية في تولي العرش في ظل وجود منافسيه الشرسين مثل ولي العهد السابق محمد بن نايف وأحمد بن عبد العزيز آخر جيل أبناء عبد العزيز، احدى آماله استخدام دعم اللوبي الصهيوني لتسريع عملية الانضمام إلى التطبيع.
من جهة أخرى، في نهاية فترة رئاسة دونالد ترامب، يحاول بومبيو ربط المزيد من الدول بعملية التطبيع، والتي تعني، من وجهة نظر واشنطن، أن انضمام السعودية إلى هذه القضية يمهد الطريق امام مزيد من الدول العربية للانضمام إلى هذه العملية.
بومبيو الذي يوصف بأنه أحد المرشحين الجمهوريين المحتملين للترشح لمجلس الشيوخ ثم خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، يتطلع لإثبات أنه داعم كبير لإسرائيل. فإن زيارته غير مسبوقة لمرتفعات الجولان والمستوطنات الصهيونية غير الشرعية في الضفة الغربية هي مظهر من مظاهر محاولات بومبيو التي يمكن استكمالها من خلال تسجيل إنجاز تطبيع العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني. هذا الاجراء مهم جدا بالنسبة للمجتمع المسيحي المحافظ المعروف باسم الإنجيليين.
من ناحية أخرى، إن جعل اللقاء مع ولي العهد السعودي علنيا يمكن أن يساعد نتنياهو كثيراً في التخفيف من الأزمات الداخلية الكبرى التي تواجهها حكومته. فإضافة إلى قضية الفساد، اختلف نتنياهو مع حكومة بيني غانتس الائتلافية. وفي هذا السياق غرد المتحدث باسم نتنياهو على تويتر قائلأ: إن رئيس الوزراء يصنع السلام بينما ينشغل غانتس بالسياسة.
تشكيل تحالف ضد تركيا ومحور المقاومة
جولة بومبيو خلال أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، تهدف إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتشكيل تحالف بين الكيان الصهيوني والدول العربية المطلة على الخليج الفارسي. يأتي ذلك مع بدء الانسحاب العسكري الأمريكي من المنطقة، كما يظهر صمت واشنطن تجاه الضربة الصاروخية لأنصار عام 2019 على أرامكو ، أن البيت الأبيض لم يوقع على شيك أبيض لدعم حلفائه في المنطقة. حتى أن سلوكيات البيت الأبيض في عهد ترامب في تشديد المنافسة الشاملة مع جبهة المقاومة ، وخاصة في مجال الحرب الاقتصادية ، لم تحقق النتيجة المرجوة.
في ظل هذه الظروف ، تضيق حرب اليمن يومًا بعد يوم المجال على السعوديين ، فالرياض مجبرة أن تتلاءم مع الحقائق الجديدة في اليمن. كما يواجه السعوديون تحدي الإخوان المسلمين في تركيا وقطر في معظم أنحاء العالم العربي.
لكن الوضع أسوأ بالنسبة للصهاينة. ففي الوقت الراهن يعيش الكيان الصهيوني في أضعف وضع أمني منذ عقود، رغم الأزمات الداخلية والتحديات الخارجية، بما في ذلك انتصارات المقاومة في معارك سوريا واليمن وتزويد حزب الله في لبنان وحماس بصواريخ دقيقة.
تلك التطورات مجتمعة جعلت السعودية ترتكب خطأ استراتيجياً فبدلاً من قبول دعوة إيران لحل الخلافات على طاولة المفاوضات، اختارت استمرار العداء الذي لا يفيد إلا الكيان الصهيوني وأمريكا فقط.