تشريع الله لنا من منطلق رحمته بنا

|| من هدي القرأن ||

 

فمهم جدًا، هذه قاعدة مهمة جدًا: أن يفهم الإنسان، أن يفهم أن هذه قاعدة إلهية: أن كل تشريعه هو ينطلق من أنه رحيم؛ فلهذا في مقام الجهاد، ألم يقل الله لعباده: جاهدوا؟ إنه رحيم بنا وهو يأمرنا بأن نجاهد، هل نفهم هذه؟ نتصور بأن هذه الأشياء أعمال شاقة، قد يأتي شخص يخوفك عن أن تستجيب لأن تجاهد في سبيل الله، أو تقف موقفًا، يخوفك من منطلق أنه رحيم بك،
سواء أمك، أو أبوك، أو أي شخص قريب لك، قد يخوفك، ويطلب منك أن تترك هذا الأمر، وتتخلى عن هذه القضية، ويقول: اترك هؤلاء؛ لأنه رحيم بك، ويخاف عليك.
الله سبحانه وتعالى هو أرحم الراحمين بك، ولأنه يعلم أن من منطلق رحمته هو أن نعمل في مواجهة أعدائه؛ لأنه حينئذ سيكون كل شقاء علينا من قبل أعدائه، إذا لم نقاومهم، وعندما يقول لنا: قاوموهم، جاهدوهم، قاتلوهم، يقول: أنا سأقف معكم، سأؤيدكم، سأنصركم، سأكف أيديهم عنكم، سأملأ قلوبهم رعبًا. ألم يذكر في القرآن الكريم أشياء كثيرة من هذا؟
فلأنه رحيم بعباده، هو يعلم أنه إذا ما تمكن هؤلاء الذين يقول لك: جاهدهم، وقاتلهم، إذا ما تمكنوا هم من سيجعلون حياتك كلها شقاءً، وذلًا، وخزيًا، فمن منطلق رحمته بك يقول: ادفع هؤلاء عنك، وأنا سأساعدك على دفعهم عنك، سيحولون حياتك كلها إلى شقاء.
ألم يقل عن الجهاد: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} بل سماها تجارة: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (الصف10- 11) ألم يقل هكذا؟ سماه تجارة، أي: أعمال رابحة، هو ربح، أنك عندما تجاهد، عندما ينطلق الناس ليصدوا هذه الفئة التي هي شرٌّ كلها، ماذا ربحنا؟ ربحنا عزة، واستقامة، وسعادة، وربحنا أن صرف عنا كل شر من جانب هؤلاء. أليس هذا ربحًا؟
قد يأتي شخص يقول لك: [بطِّل أنابوك، مالك حاجه، أو خَلّهم وبطِّل، وما لك حاجة، وما انت الذي ستصفِّي الإسلام، و…، و] وواحد آخر مثله، وواحد قالت له زوجته، وواحد قال له أبوه، وواحد صديقه.
مثلما عملوا بالإمام زيد (عليه السلام) أليس هذا الذي يحصل؟ عندما خرج الإمام زيد خرج معه كثير من الناس، قالوا: كانت المرأة تلحق ابنها وتقول: ارجع، ما بلاّ أنت وحدك، كم يا ناس كثير، ليسوا بحاجة إليك، ارجع. وفي الأخير رأى أنه لم يعد معه إلا عدد قليل، عملوا هذه مع الحسين، وعملوها مع مسلم بن عقيل، عندما أرسله الإمام الحسين إلى الكوفة، تجمّْع معه كثير، ثم راحوا على واحد واحد، وعملوها مع الإمام زيد.
ما الذي حصل لأهل العراق عندما لم يقفوا، ويقاتلوا مع الإمام زيد فيقهرون عدوهم، فتكون الغلبة لهم، وتكون الدولة لهم، ويكونون هم أعزاء، أقوياء، لا يظلمون، ولا يضطهدون أبدًا، فما الذي حصل؟ كل واحد نصحته أمه، أو جدته، أو أي واحد من أقاربه، أو عنده هو [هذه مشاكل ما نريد مشاكل] وذهب! استحكمت دولة بني أمية، وظُلموا جيلًا بعد جيل، قُتلوا، وعُذبوا، وأُهينوا، وحياة كلها، كلها، الموت عدة مرات أشرف منها.
فمن يقول لك من منطلق أنه يرحمك: لا تقف هذا الموقف، لا تدخل في هذا، ستجلب على نفسك المشاكل، وستخسر حقك، وبا.. وبا.. تذكَّر {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}، تذكر أن رب العالمين هو الرحمن الرحيم، وأنه عندما يقول لي: أعمل كذا، هو ما يزال رحيم بي، وأن من رحمته بي أن وجهني إلى أن أعمل هكذا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى