العودة المقدسة والحلم الموعود
سعاد الشامي
تحقق الحلم الموعود.. وتبسمت الأماني الجميلة ونبضت القلوب بقوة ارتجاف هائلة. ووقفت الأجساد مندهشة أمام أعاصير من المشاعر الثائرة ، وتبللت الخدود بندى العيون المبتهجة ، ونبتت الفرحة في حنايا الضلوع المتلهفة، وانزاحت غواشي الحزن عن كاهل الأرواح المترقبة ، وصعدت الزفرات الى السماء حامدة لله وشاكرة.
عاد الأسرى إلى حضن الوطن الغالي لتمجد كل ذرة من ثراه الطيب خطى أقدامهم الطاهرة. ولتنحني لهم أفئدة الشعب قبل أن تنحني سيقانهم في السجدة المباركة التي التحمت برحم الأرض.
عادوا لتلتقط لهم عيون العالم أجمل صور الشموخ والإباء وتخزن لهم ذاكرة التاريخ أعظم مواقف الحرية المتصفة بالأزل.
عادوا ليؤكدوا للأعداء الجبناء أن الخوف لايتغلغل إلى حصون الثقة بالله. وأن الظلم لا يهدم معاقل الصبر. وأن الإجرام لا يعرقل قوافل العزيمة. وأن التعذيب لا يغير مسار القضايا العادلة. وأن ظلام السجون لا يطفئ نور الإيمان. وأن الوطن أولى من الروح بالتضحية.
عادوا ليعلمونا أبجدية الكرامة التي لا تقبل مفرادت الخنوع والإستسلام؛ ولن تكتب حروفها إلا اسطورة النصر الكبير.
عادوا ليثبتوا لنا أن القيود لاتمنع الأبطال من اعتلاء صهوة المجد والترحال في دروب العزة، وأن المعاناة لا تمنع الصابرين من التحليق في سماوات الأمل .
عادوا لتشهد جروحهم وأجسامهم المنهكة على قبح العدو ووحشية تعامله وانسلاخه عن مبادئ الإنسانية.
إنها العودة المقدسة والتي لو أردنا الإسترسال فيها لما وسعتها الكتب والمجلدات ولقصرت دونها الساعات والسنوات. فالحمد لله على سلامة أبطالنا الميامين ، والحمد لله جابر كل قلب اللطيف بالمسرة والبلاء .