ذكرى مناسبة المولد عند اليمنيين
أبو الباقر اليوسفي
إنَّ شعبَنا العزيز، وهو يمن الإيمان والحكمة، بحكم هذا الانتماء وهذه الهُوية الإيمانية، أدرك أهميّة هذه المناسبة، وما تمثِّلُه من فرصةٍ كبيرةٍ في مرحلةٍ حسَّاسةٍ تعاني فيها الأُمَّــة الإسلامية من مشاكلَ كبيرة، وتواجه فيها تحدياتٍ خطيرة، وهي فيها بأمسِّ الحاجة إلى العودة إلى ينابيع الهداية والحكمة، وعناصر القوة، وأسباب الفلاح والنجاة والخلاص.
والحديثُ عن الرسول والقرآن الكريم والرسالة الإلهية هو حديثٌ عمَّا نحن معنيون به؛ بحكم انتمائنا للإسلام، وحديثٌ عمَّا لا نجاة، ولا خلاص، ولا فلاح للبشرية إلَّا به، وحديثٌ عمَّا ثبت بالفعل نجاحه في إنقاذ البشرية في جاهليتها الأولى، فقد كان الناس يعيشون جاهليةً جهلاء، فقدوا فيها الرشد الفكري في عقائدهم وأفكارهم وثقافاتهم، وفقدوا فيها الاستقامة والحكمة والصلاح في أعمالهم وتصرفاتهم وسلوكهم ومعاملاتهم، ونتاج ذلك هو الشقاء، والبؤس، والمشاكل بكل أنواعها، بدون أفقٍ للحل، وعظمت المعاناة، وتدهورت الأوضاع، وبات البشر في أسوأ واقع، وفي، أمس الحاجة للتغيير وللخلاص.
يمن الإيمان والحكمة يتطلعُ لذكرى مناسبة المولد تعبيراً عن أصالة انتمائه وعمق ارتباطه بالرسول والرسالة يجعل منها يوماً مجيِّدًا رغم التحديات، واستمرار العدوان والحصار كما في كُـلّ عام ويعتبرها محطةً سنويةً يتزود منها الوعي والتعبئة المعنوية، وشحذ الهمم، واقتباس النور، وتعزيز الولاء للرسول وللرسالة، وارتباطه بالرسول في موقعه في الرسالة هادياً وقائداً ومعلماً ومربياً وقُدوة وأسوة، يهتدي به، ويقتدي به، ويتأسى به، ويتأثر به، ويتبعه.
ويتطلع يمن الأنصار إلى الرسول من خلال هذه الذكرى بكل حبٍّ وإعزازٍ وشوقٍ ولهفةٍ وإكرامٍ وتقديس له (صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ)، وبالرغم مما يعانيه في هذه المرحلة من أحداث جِسَامٍ وهو يواجه هذا العدوانَ والحصار الغشوم الظالم الذي تكالبت فيه قوى الشر العالمية الإقليمية والمحلية فمهما كانت الأحداثُ التجاربُ أثبتت والسننُ الإلَهية والكونية أثبتت وتجارب الشعوب أثبتت أن الشعوبَ الصابرة والصامدة تنتصرُ في النهاية، وأن العاقبةَ في وعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى لعباده المتقين والثابتين والصابرين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين.
يحتفلُ شعبُنا يمنُ الإيمان والحكمة، يمنُ الأنصار، يمنُ الأوسِ والخزرج، يمنُ الفاتحين، بهذه المناسبة ليجعلَ منها يوماً أَغَرَّ في جبين الدهر، يوماً مجيِّدًا، ويومًا مشهودًا، عرفانًا بالنعمة، وشكرًا لله، واحتفاءً بخاتم الأنبياء، وتأكيدًا متجددًا للولاء، وردًّا لكل المحاولات الشيطانية من جانب الأعداء في استنقاص مكانته في النفوس، وقدرِه في القلوب، بُغيةَ إبعاد الناس عن التمسك به والولاءِ له.
وشعبُنا اليمني العزيزُ لم يُثنِهِ عن الاحتفال الكبير بهذه المناسبة هذا العدوانُ والحصار، وكل محاولات الأعداء المجرمين الذين يسعون في كُـلّ عام لتخويفه عن الحضور إلى ساحات الاحتفال بالمناسبة، من خلال جرائمِ القتل واستهداف التجمعات، بل تزيده وعيًا بأهميّة هذه المناسبة، التي فيها الدروس العِبَر التي يحتاج إليها نوراً وبصيرةً ووعياً بل مشروعاً عمليًّا يقوده إلى الخلاص وَإلَى الفرج وإلَى التغيير من الواقع السيء.
شعبنا اليمني يمن الإِيْـمَـانُ والحكمةُ يحتفل بهذه المناسبة تعبير عن أصالة انتمائه الإيماني وترجم ذلك الانتماء في الوقع في مواجهة قوى الاستكبار العالمي بهذا الإِيْـمَـان كان ثابتاً ومتماسكاً في مواجهة العُـدْوَان الأمريكي السعودي بالرغم من حجمِ المعاناة؛ نتيجةَ القتل والحصار والتدمير، وبوعيه لم يتأثر بأبواق التضليلِ، ومع ذلك صنع بإيمانه وبوعيه وصبره وصموده وثباته وعطائه وتضحيته ملحمة تاريخية وأكاديمية كبرى وستبقى يتشرب علمها كُـلّ الأجيال وقدّم صورةٍ عن عظمةِ قِيَمِ الإسلام الصحيح غير المزيف وأثر الإِيْـمَـان في رموزه الحقيقيين قادر على تقوض الجاهلية الأُخرى كما قوض وأنهى الجاهلية الأولى، وأثبت للجميعِ أن القوَّةَ هي قوّةُ المبادئ وقوة القيم والأخلاق وقوةُ الاعتماد على الله والتوكل عليه.
ولذلك فَـإنَّ شعبَنا اليومَ، وبميثاقِ الإسلام الذي قدَّمَه الأنصار في صدر الإسلام لرَسُــوْل الله مُحَمَّـد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ؛ إِيْـمَـاناً ونُصرةً وإيثاراً، يؤكّـد اليومَ، بالقوةِ وبالفعلِ، الاستمرار على النهجِ والمواصَلة للسير في الطريقِ والسعي المستمر للاستبصار والارتقاء الإِيْـمَـاني.