الأعرابُ على خطى التطبيع والأنصار عكس ذلك..!
إبراهيم عطف الله
“من يوالي أمريكا سيقبل بإسرائيل”، جملةٌ قالها قائدُ الثورة يحفظهُ الله في أحد خطاباته منذ سنوات، قبل أن تتحقّقَ فعلياً على أرض الواقع مع شد أعراب النفاق رحالَهم إلى كيان العدوّ الإسرائيلي.
فبعد علاقة وطيدة مع أمريكا، وما كان بالخفاء والسرية منذ عقود من الزمن، بمعية الإدارات الأمريكية السابقة حتى الرئيس الأمريكي ترامب أصبح اليوم علناً أما الملأ، بل ويظهر بالأمس مجدّدًا بإعلان تطبيع العلاقات بين النظام البحريني والكيان المحتلّ، وبكل وقاحة تهرول صهاينة العرب من ممالك النفط ورعاة البغال نحو التطبيع وتتفاخر بالجهر بالسوء معلنين تأييدهم المطلق لكيانات صهيونية هزيلة، بعد إعلان ولي الأمر الأمريكي ”ترامب” لهذا الاتّفاق المخزي.
ومن السر إلى العلن، يأتي الاتّفاقُ صادماً بقدر ما كان ليس مستبعداً، كاشفاً عن علاقاتٍ وطيدةٍ تربط رعاةَ البغال بتل أبيب منذ عقود طويلة، وأثبت للعالم حقيقة انتماءَ حكام الخليج لمعسكر أعداء المسلمين، لكنه أظهر في المقابل الحلف المتمسك بالقضية الفلسطينية قولاً وفعلاً من دول وحركات محور المقاومة وغيرهم من أحرار الشعوب.
تأتي هذه الاتّفاقيات في سياق تصفية القضية الفلسطينية المشتد خلال السنوات الأخيرة عبر صفقة القرن والتماهي الكبير للسياسات الصهيونية في المنطقة، وتأتي ضمن خطوات متسارعة لتصفيتها، منذ مبادرة السلام العربية عام 1981م التي أطلقها الملك السعودي فهد بن سعود في قمة فاس بالمغرب، قبل أن يتم إقرارُها في قمة بيروت 2002م، والتي تقتضي بانسحاب الكيان الإسرائيلي إلى ما قبل حدود 1967م، والاعتراف بحل الدولتين، وهذا يعني ضمنياً تصفيةَ القضية الفلسطينية وشرعنة الاحتلال على أكثر من نصف أراضي فلسطين.
والمضحكُ أن يأتيَ الاتّفاقُ على شكل حرص خليجي لوقفِ خطة الضم الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية وحمايتها من الاستيطان، لكنها في الحقيقة أشد وأفتك بالقضية الفلسطينية وأكثر خطراً على الأراضي الفلسطينية والمناطق المقاومة، والتي ينتهي بتصفية فلسطين وإزالتها جغرافيا واسماً وشعباً.
التبريراتُ المترافقةُ مع الخيانة تأتي في الحقيقة كمكافأة خليجية مجانية لأمريكا وهدية مجانية للكيان الغاصب الذي واصل ضم الأراضي الفلسطينية وهذا يوضح للجميع أن الاتّفاق التطبيعي لم يكن أكثر من دعاية انتخابية لترامب ونتنياهو المأزومين داخلياً، وما يؤسَفُ حقاً أن ينتهيَ التبرير بتصريح صهيوني ينفي الالتزام بوقف الضم قبيل أن يتم الحديثُ إعلامياً لحفظ ماء بن زايد بفقاعات “تعليق” الضم.
الكثيرُ من المواقف المزيَّــفة من علماء وأنظمة عالمية وعربية تجلى معدنها الحقيقي اليوم بصمتٍ مريبٍ أَو تأييد قبيح للتطبيع مع الصهاينة، وهو ما أشار له ناطقُ أنصار الله “عبدالسلام” بالقول إننا “سنسمع يوماً ما من يبرّر هذا الاتّفاق ويفتي بأنهُ الموقفُ الصحيح للأُمَّـة والخطوة الإيجابية للسلم والسلام فالمنطقة كاملاً وفلسطين خصوصاً”.
أتى اتّفاقُ الإمارات والبحرين وغيرهم من المؤيدين والمطبلين مع الكيان الصهيوني ليكشفَ الغطاءَ الوهمي الذي ظل تتسترُ خلفه عشرات الدول والمؤسّسات والمنظمات العربية والإسلامية، التي سارعت بتأييدٍ كاملٍ ومطلقٍ لاتّفاق التطبيع بعد دقائق معدودة من إعلان ترامب.
طالما ارتبط العدوانُ على اليمن بالتدخل الغربي، قبل أن تأتي اتّفاقياتُ التطبيع لتؤكّـدَ فعلياً علاقةَ تحالف العدوان مع الكيان الصهيوني، ففي حين ترفُضُ هذه المكوناتُ وتعرقل أي اتّفاق وتوافق سلمي مع أحرار الأُمَّــة يسارعون للاتّفاق مع أعداء الله من ذكرهم الله في كتابه الكريم، وطالما حذر السيدُ القائد يحفظه الله من موالاة أمريكا التي ستنتهي بموالاة الصهاينة حتماً.
أخيرًا.. صهاينة العرب والأنظمة الأعرابية المستعربة قد لحقهم الذل والانبطاح، حتى أصبح إعلانُ اتّفاقيات مخزية كهذه، يومَ إنجاز تاريخي يحتفلون فيه، ويبتهجون بخيانتهم لقدس المسرى ومقدسات الدين المحمدي.
باختصار.. ما أقدمت عليه ممالكُ النفط والصحاري من تطبيع علني، ذنبٌ لا يُغتفر و“خيانة عظمى للقضية الفلسطينية” وتماهٍ مع الصهاينة والأمريكان في مشروع تدمير المنطقة، وَانكشاف العلاقات فيما بينهما على هذا النحو يُسقِطُ كُـلَّ تلك الشعارات العربية والإسلامية التي رفعها تحالف العدوان على اليمن، وإن البحرين والإمارات والسعودية وغيرها، مُجَـرّد مخالب صهيونية تنهش في جسد الأُمَّــة العربية والإسلامية.
لذلك نحن كيمنيين وكما كان عهدُنا عبر التاريخ لن نسكُتَ ولن نخنعَ ونتماهى مع قراراتهم المشرعنة للاحتلال، وبتوكلنا واعتمادنا على الله سنواجهُ مؤامراتِ الغرب، وسنفشل مخطّطاتهم الرامية لانتزاع الكرامة واحتلال الشعوب المقاومة، ونؤكّـد استعدادنا الكامل للتضحية فداءً لقضايا الأُمَّــة ونصرةً لديننا وقضايانا ومقدساتنا الإسلامية، وهذا ليس موقفي شخصياً كيمني مقاوِمٍ مناهض للمؤامرات الغربية، وإنما موقفُ كُـلِّ حُرٍّ عزيز ينتمي إلى محور المقاومة.