عن أي سلام تتحدثون ؟!
فهمي اليوسفي*
الكثيرون يعتبرون أن مشاريع السلام التي تأتي معلبة جاهزة من مطابخ الغرب هي التي تصنع الاستقرار والإخاء والمحبة والتنمية في أي بلد يشهد فوضى وصراعاً دموياً.
التيارات التكفيرية تسوِّق هذه المشاريع كوسيلة لتشويه الوعي الجمعي من خلال كيل التعريفات الوهمية بأن السلام هو اسم من أسماء الله، أي الذي يأتي من مطابخ صهيون.
لكن من يعود لقراءة حلقات التاريخ سيجد أن السلام الذي نفهمه نحن من واقع القرآن هو عكس السلام المصنَّع في البيت الأبيض، كون السلام الأمريكي هو خيانة للأمة العربية والإسلامية ويخدم خطط ومشاريع الصهيونية العالمية.
لأن السلام الذي يحمل ماركة أمريكية هو بحد ذاته خيانة وخداع واغتصاب، لأن واشنطن تصنع السم وتبيعه لأعدائها بينما هي لا تتناوله، أي سلام البيت الأبيض تصدره أمريكا لكنها لا تؤمن به؛ لأن إيمانها بذلك يعني أن تتخلى عن صناعة كافة الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا وهذا قرار غير ممكن بالنسبة للناتو ولإسرائيل .
لقد أثبتت وقائع حلقات التاريخ وبرهن واقع اليوم أن هذه المشاريع ذات الطابع الغربي تحمل في طياتها خيانة للأمة الإسلامية وتجييرها لصالح الصهيونية العالمية لتصبح مشاريع اغتصابية ١٠٠%، وبالتالي أشير لنماذج منها:
– اتفاقية كامب ديفيد للسلام مثلت أكبر خيانة من قبل السادات وإحدى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.
– اتفاقية دار فور للسلام هي خيانة ترتب عليها تشطير السودان الي دولتين.
– اتفاقية سلام الشجعان لياسر عرفات تعد خيانة للقضية الفلسطينية.
– اتفاقية إثيوبيا للسلام ترتب عليها تمزيق إثيوبيا إلى دولتين.
أليس السلام الذي ينشده غريفيث في اليمن يصب نحو تقسيم البلد ليتيح لإسرائيل استكمال برنامج سيطرتها على الساحل الغربي لبلدنا وكذا محافظة تعز والجنوب ومضيق باب المندب وجزيرة سقطرى ويتم عبر كيان آل نهيان المتصهين في الإمارات؟.
كما أن ترويج هذا المشروع في ليبيا عبر الإمارات يصب نحو التطبيع مع إسرائيل .
اليوم يتكرر مشروع سلام الخيانة من قبل الإمارات للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
أليست جوائز نوبل للسلام تسهم في توسعة مشاريع التطبيع؟
أو ليست قوات حفظ السلام الأممية تخدم مطامع إسرائيل؟
في مجمل هذه المشاريع نؤكد أن سلام البيت الأبيض يعني التخلي عن ثقافة المقاومة المضادة للمطامع التوسعية الإسرائيلية في المنطقة والتي أصبحت مشاريع اغتصابية للأرض والثروة في المنطقة وتتم تحت غطاء واسم السلام كما هو الحال بالنسبة لاتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل التي كما أسلفت تمت تحت اسم السلام، كما أن المشاريع التي تحمل نفس الطابع في بلدنا هي مشاريع تغريبية تحمل نفس الاسم ( السلام ) ونفس الهدف، مع أن السلام الذي ينشده الغرب وبعض دويلات الخليج هو عبارة عن مشاريع اغتصابية ومنها محاولتهم اغتصاب الجسد اليمني باسم السلام، فعن أي سلام يتحدثون.؟
هذه المسائل أدركها البعض بشكل متقدم وفكر مستنير- أي في وقت مبكر- ومنهم الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي الذي خصص إحدى محاضراته في ذلك الحين لتعرية هذه المشاريع الخطيرة، فاستطاع كشف حقيقة هذه المشاريع وحدد خطورتها وأدوات ترويجها التي تأتي من مطابخ الصهيونية، ونظرا لوعيه وإدراكه المتقدم فقد خصص لها محاضرة كانت بعنوان “السلام والإرهاب” بعد أن أبرز نماذج منها على سبيل المثال خيانة ياسر عرفات للقضية الفلسطينية كانت تحت عنوان “سلام الشجعان”، لكن الشهيد حسين الحوثي وضع قاعدة لمواجهة هذا الخطر حين قال “من أراد السلام فليحمل السلاح”..
علينا أن نفهم هذه المشاريع بشكل عميق بعيدا عن السطحية والوعي المشوه وليكن شهيقنا وزفيرنا ضد مشاريع الاغتصاب والتطبيع مع إسرائيل، لأن ذلك هو بوابة الولوج لإسقاط أي عملية تطبيعية مع إسرائيل، وعلينا أن نفهم حقيقة وخطورة هذا المنتج الغربي ( السلام )، لأنه منتج خداعي للمنطقة الشرق أوسطية..
من هذا المنطلق طالما ونحن نواجه خطر هذه المشاريع ينبغي علينا أن لا ننخدع بشعارات الزيف للمروجين المتصهينين وأن نجذِّر ثقافة المقاومة المضادة للصهيونية والأمركة، ويستحسن أن نطلق الصرخة لأنها مضادة للتطبيع مع إسرائيل:
الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.