حِيْنَ تغدُو الحربُ على اليمنِ قضيةَ أمْن قوميّ..والصفقات مع “إسرائيل”قضية سلام شامل .. زمنُ الخياناتِ المُعلَنة!

عبدالرحمن عبدالله الأهنومي

 

لم تكن الصفقة المعلنة بين الصهاينة والإماراتيين بإشراف ترامب وليد لحظتها ، بل تتويجاً لحلقات طويلة من سلسلة الانحدار والتردي العربي ، وكاشفة للحال الذي وصلت إليه الأمة بعدما أسلمت زمام أمورها للسفهاء والقتلة والمجرمين والمنحطين أمثال بن زايد وبن سلمان ومن يشابههما خَلْقاً وخُلُقاً ، وما كان لهذه الخطيئة أن تمر ، لولا أن هؤلاء قد أمنوا جانب الشعوب التي باتت مخدرة بفعل اختلال الوعي واعتلاله حول القضايا المصيرية الكبرى ، وبفعل التغييب القسري للحقائق وما فعلته أنظمة العجز والخيانة والبؤس العربي من تلبيس إعلامي وثقافي خلال العقود الماضية أصاب المجتمعات بالشلل التام.

 

كما تكشف الصفقة المشبوهة (التي سماها الرئيس الأمريكي ترامب «اتفاق أبراهام») ، عما بقي خلال السنوات الماضية مخفياً؛ في مسلسل الانحدار والتهاوي والانحطاط الذي وصل إليه أمراء وملوك وزعماء ورؤساء حكومات وأنظمة عربية خانعة ومرتعدة ، فقدوا شرعياتهم في البقاء والحكم ، ولم يعد لهؤلاء من وظيفة سوى اجترار الخيانات واقتياد «إسرائيل» التي وجدت في هؤلاء «الخائبين» ضالتها وبغيتها ، إضافة إلى أنها كاشفة للحال الراهن الذي نشهد فيه مساقات متشابكة من الأهداف والرغبات المشتركة بين الصهاينة وبين هؤلاء الذين يقتادون بلدانهم نحو تاريخ مكلل بالعار والخطيئة الكبرى التي لم يسبق لها في التاريخ مثيل!

 

الممالك المتصهينة ، أو تلك التي تقف على «حافة الصهينة»، هي الآن تعيد تعريف حقيقتها وتحصرها في بعدٍ واحدٍ فقط: الاستقواء بالصهيوني … ولأنها ممالك مطعون في شرعيتها، يلجأ ملوك وأمراء هذه «الشرعيات» والناطقون باسمها، إلى استخدام مسميات وعناوين ومصطلحات ملطفة دبلوماسياً من نوع: اتفاق سلام ، لكن الحقيقة الماثلة أن ثمة أنظمة وحكومات وممالك وشرعيات باتت أدوات طيّعة للاحتلال اليهودي الصهيوني ولا تمثل خطورة على فلسطين فحسب ، بل على المنطقة برمتها ، إذ أن الاتفاق الذي أعلن أمس الأول بين المثلث «نتنياهو – بن زايد – ترامب» ، والذي عُنْوٍنَ باتفاق سلام ،وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة والتعاون في المجالات الأمنية والاقتصادية والتجارية والسياحية وفي مجال الطيران والطاقة والمياه ، وما رافقه من بيانات تأييد ومباركات من السيسي وبرهان وعمان وغيرها من الدول يكفي لفهم هذه الوظيفة المستجدة لهذا النمط من الأمراء والملوك والحكام ، وللراهن من الحكومات والأنظمة المختلة والتي باتت تعبر عن واقع عربي وضيع.

 

على أننا ونحن نتحدث عن هذا المستجد نشير إلى أن ثمة محاولات محمومة للدفع بسيرك الخيانات إلى العلن، وهذا هو ما استجد من انكشاف الموقف الإماراتي ، وهو حصيلة ناتجة عن مسلسل الانحدار والتهاوي الذي ابتدأ بالانكفاء عن المواجهة المسلحة للاحتلال الصهيوني ، ثم بقبول الحوار والتفاوض وإطلاق مبادرات السلام العربية مع اليهود ، وصولاً إلى ما نشهده اليوم من خيانات لم يعد الحكام يتحرجون عن إعلانها ، وما صدر عن عواصم العجز العربي من تأييد للخيانة الإماراتية يؤكد ذلك أن المنطقة برمتها تعيش زمن الخيانات المعلنة والمفضوحة ، فهذه العواصم التي اعتبرت الصفقة الإماراتية اليهودية منجاة للمنطقة ، ستكون أول المكتوين بسعير الصهيونية ونيرها ، إذ أن السلام يأتي من مقاومة الصهاينة ومواجهتهم بالسلاح وبالقوة ، لا بالتمالؤ والتواطؤ معهم.

 

لم نكن نائمين حين باشر بن سلمان وبن زايد الحرب على اليمن وما زالا يواصلان فيها دون توقف ، وما كنا بحاجة لنستيقظ لنتأكد من إعلان اتفاق سلام أبطاله «بن زايد ، ونتنياهو» لنعرف أن من يقاتل ويقتل اليمنيين ويحاصرهم ويدمر بناهم ويعيث الفساد في الأرض هم حلفاء للصهاينة وأدواتهم الطيّعة في المنطقة ، وهُمْ يفعلون ما يفعلون باليمن خدمة للمشروع الصهيوني وتعبيد الطريق أمامه ، فقد رأينا وشاهدنا تساوق الأهداف وتشاركهم فيها.

 

من يعتدي على اليمن ، يوقع صفقات سلام مع إسرائيل ، هذه مفارقة تطرح بقوة الأسئلة الكبرى حول طبيعة الحرب التي تشن على اليمن التحالفات والمصائر التي نشهدها ونشاهدها ، وهي في المجمل تعزز قناعاتنا ومواقفنا الراسخة في أن اليمنيين لا يتواجهون مع النظامين السعودي والإماراتي فحسب ، بل إضافة لذلك يخوضون حرب مقاومة للصهاينة وأذنابهم ويتواجهون مع المشروع الصهيوني مباشرة.

 

أما حين تغدو الحرب العدوانية على اليمن قضية مرتبطة بالأمن القومي العربي المشترك حد زعمهم ، وتغدو صفقات السلام مع إسرائيل قضية أساسية لاستقرار المنطقة وتحقيق السلام فيها ، فإننا أمام عرب تصهينوا وباتوا صهاينة وبقاؤهم بات تهديدا جديا على المسلمين والعرب جميعا..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى