أرادوا لنا الضعف والاندثار فكتب الله لنا القوة والانتشار
منير الشامي
وأنا أشاهد فعالياتِ إحياء عيد الغدير لهذا العام عبر قناة المسيرة، أدهشني حجمُ الحشود الغفيرة المشاركة في إحياء هذه المناسبة، وكذلك العدد الكبير لفعاليات إحياء هذه المناسبة الغالية على قلوبنا في شتى محافظات الجمهورية ومديرياتها، والتي تعكس مدى تنامي الوعي الشعبي بهذه المناسبة العظيمة وَبأهميتها ومنزلتها الرفيعة في دين الإسلام، والتي لا يمكن أن تكون إلا كمنزلة التاج في الرأس؛ لأَنَّ الولاية أضفت على دين الله الكمال المطلق وزانته وزادته هيبة وقوة، وجمالاً ووقاراً.
وفي غمرة دهشتي من تلك المشاهد عادت بي الذاكرة إلى الوراء، وتذكرت كيف كان وضع المحافظات آنذاك، وكيف كانت نظرة مواطنيها إلى مثل هذه المناسبة العظيمة وبالتحديد قبل العدوان بالضبط.
حيث كان أغلب السكان في المحافظات والمديريات يجهلون مثل هذه المناسبة، وكان معظمهم يستغربون من القلة القليلة الذين يتحدثون عنها أَو يحيون ذكراها في تلك المحافظات عبر مسيرة صغيرة أَو فعالية في مكان مغلق على تخوّف من استهدافهم بعبوة ناسفة أَو بحزام ناسف يحمله إرهابي وهَّـابي في مكان الفعالية.
تذكرت أَيْـضاً ما جرى في منطقتنا عام 2014م بعد قيامنا بإحياء هذه المناسبة العظيمة بإطلاق الألعاب النارية مساء الـ 18 من ذي الحجّـة 1435 هجرية، وفعالية خطابية في صالة القرية عصر يوم الولاية، ففي صباح ذلك اليوم وصلتنا تحذيرات عبر الكثير من الشخصيات من قبل عناصر القاعدة الإرهابيين الذين كانوا متواجدين بالمنطقة بأعداد كبيرة، وفرضوا عدة نقاط تفتيش في طرق المنطقة بأننا إذَا لم نوقف تلك الفعالية في صالة القرية فسوف يأتون لوقفها بقوة السلاح، وطرحت تلك الشخصيات الجيهان علينا لوقفها ولا داعي لها؛ لأَنَّها ستفجر فتنة في المنطقة وَ… إلخ، إلا أننا أصررنا على إقامة الفعالية وقلنا لتلك الوساطات أخبروهم إن كانوا رجالاً فَليأتوا ويوقفوا فعاليتنا..
وأقمنا الفعالية وعبر مكبرات الصوت وكانت فعالية ممتازة..
لم يتجرأوا أن ينفذوا تهديدهم لكنهم اتجهوا إلى بث إشاعة في كُـلّ العزل والقرى بالمنطقة قالوا فيها إننا قمنا في تلك الفعالية بربط كلبة وأسميناها عائشة، وقمنا برجمها حتى ماتت، وكان هدفهم تحريض المجتمع علينا وإقناعهم بأننا نلعن الصحابة ونلعن أم المؤمنين عائشة ونرتكب المنكر، وأن على الناس جميعاً أن يتحَرّكوا معهم لتغيير المنكر فكانوا هم من يسيئون إلى السيدة عائشة ولم يتجاوب معهم أحدٌ رغم أن أغلب المجتمع ذلك الوقت كانوا ينظرون إلينا بنفس نظرة عناصر القاعدة من مختلف المكونات، بينما اتجه فريق من أبناء المنطقة لإقامة فعالية عن ذكرى ثورة 26 سبتمبر كرد على فعاليتنا.
وهذا هو وضع الناس وحالهم الذي كان سائداً في مختلف المحافظات والمديريات والعزل والقرى، وهو ما أردت توضيحه من ذكر إحيائنا لعيد الغدير في عام 2014.
المفروض اليوم وبعد ست سنوات من العدوان على الشعب اليمني في كُـلّ المحافظات، أن يكون الناس قد نسوا أن هناك شيئاً اسمه عيد الغدير أَو أمر إلهي بالولاية؛ لأَنَّ هدف العدوان كان وما يزال مسح هذه الذكرى من ذاكرة اليمنيين ومن وجدانهم ووعيهم مسحًا نهائيًّا بلا عودة، وَلكن العكس هو الذي حصل وتحقّق على أرض الواقع.
اليوم وبعد ست سنوات من عدوانهم ارتفع وعي الشعب اليمني وتنامى بدينهم وهُويتهم بشكل عظيم وكبير، وأصبح الأغلبية منهم على درجة عالية من الوعي الإيماني بدينهم الحق في مختلف المحافظات، وصاروا مندفعين إلى إحياء كُـلّ المناسبات الدينية التي تعزز ارتباطهم بدينهم وبعظماء هذا الدين وأعلامه، وما الحشود الغفيرة والفعاليات الكثيرة التي أُقيمت في مختلف محافظات الجمهورية ومديرياتها إلا أكبر دليل على ذلك، ما يعني ويؤكّـد أن أعداء الأُمَّــة أرادوا من عدوانهم أن يقضوا على الثقافة القرآنية ولكنه تسبب في انتشارها الواسع، وأرادوا أن يضعفوا بعدوانهم قوتنا لكنه تسبب في تضاعفها واشتداد بأسها، ولا غرابة في ذلك أبداً، فما حدث لنا هو ما أخبر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- أمته به وما كان حريصاً أن تكون الأُمَّــة عليه، وما سعى -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- بكل جهده ليكون واقعاً دائماً لأمته، فصدق وهو الصادق المصدوق بقوله: (ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً)، ومن يرفع يد أمير المؤمنين علي -عليه السلام- كما رفعها رسولُ الله ويتولاه كما أمر حبيب الله فهو من حزب الله، وحزب الله هم الغالبون وهم المفلحون.