صمتٌ مريب وضمائرُ ميتة
أم الحسن أبو طالب
وماذا بعد أيها العالم الصامت؟! وماذا بعد أيتها الضمائر الميتة؟!
أما آن الأوان لأن تنطقوا وتفيقوا وتنصفوا المظلومين وتنقذوا ما يمكن إنقاذُه من تحت الرُّكام وتقوموا بموقفٍ مشرّفٍ واحد في قائمتكم السوداء؟!
هل حقًّا تلك الدماء والأشلاء لم تحَرّك فيكم ساكناً، هل الطفولة المذبوحة في اليمن لم تعد تعني لكم شيئاً؟!
هل حصارُ ملايين لليمنيين ومنعهم من أبسط مقومات العيش لا يلفت انتباهكم، أم إنكم قد بعتم اليمن وأهلها لقاء ما تقدمه لكم أنظمة الفساد والعمالة؟!
واقعٌ مريرٌ يعايشُه أبناءُ الشعب اليمني منذ خمسة أعوام في حربٍ كونية ظالمة شارك فيها العالَمُ أجمعُ بقوته وسطوته وسلاحه وحتى بسكوته وعدم استنكاره لما يحدث من مظلومية عظيمة لهذا الشعب العظيم، الذي رفض الخنوع لأعدائه فتكالبوا عليه ظلماً وعدواناً.
حربٌ مدمّـرةٌ استهدفت البشرَ والشجرَ والحجرَ وكلَّ ما هو جميل في موطن الحكمة والإيمان، وجعلت من الأبرياء أهدافاً مشروعة لطيرانها الحاقد الذي يصبُّ غاراته على المدنيين من الأطفال والنساء دون رحمة، لتصبح هذه الحرب بجرائمها البشعة وانتهاكاتها هي أقذر حرب عرفتها البشرية جمعاء.
ستظلُّ معاناةُ الشعب اليمني مستمرةً باستمرار قيام العملاء والخونة بدورهم اللاإنساني واللاأخلاقي، وستبقى بصمت المحايدين الذين لم يحركوا ساكناً أمام ما يحصل من قتل ودمار، وسيظل اليمني المقاوم والصامد في وجه قوى الاستعمار رغم معاناته وبساطته، سيظل متمسكاً بقضيته ومظلوميته التي سيستطيع بفضل الله وبإيمانه بها أن يقلب معادلات الكون، وهو وحده من بيده رفع معاناته والانتصار لمظلوميته.
ومهما حصل من خذلان للمظلومين وتواطؤ مع الظالم، فلن يغيّر ذلك من نواميس الكونِ شيئاً، فصاحبُ القضية هو من يمتلك النفَسَ الطويل، ومَن يمتلك النفَسَ الطويل هو الأقدرُ على مواصلة الدرب حتى تحقيق النصر.