بن زايد يواجه دعاوى أمام القضاء الفرنسي بتهم التواطؤ في أعمال تعذيب في اليمن
يواجه ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، المتهم بـ “التواطؤ في أعمال تعذيب” في سياق العدوان في اليمن، تحقيقا في فرنسا منذ نهاية 2019، يقوده قاض في باريس في سابقة هي الأولى من نوعها.
ووفقا لعدة مصادر مطلعة على الملف، فإن تحقيقا أوليا فتِح في أكتوبر الماضي بحقه، إثر تقديم دعويين قضائيتين، إحداهما عن طريق الادعاء بالحق المدني، أثناء زيارته الرسمية إلى باريس في نوفمبر 2018.
ويمكن للقضاء الفرنسي متابعة أكثر الجرائم خطورة استناداً إلى مبدأ “الوكالة القضائية الدولية”، وذلك خلال وجود المعنيين بها على الأراضي الفرنسية. غير أن الحصانة الدبلوماسية لبن زايد لا تزال تطرح إشكالا، وينبغي أن يبت بها قاضي التحقيق.
وقال محامي المدعين جوزيف بريهام لوكالة “فرانس برس” إن “وكلائي يرحبون بفتح تحقيق ويعلقون آمالا كبرى على العدالة الفرنسية”.
ويدافع بريهام عن 6 يمنيين أودعوا دعوى عن طريق الادعاء بالحق المدني لدى كبير قضاة التحقيق في قطب الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس.
واشتكى المدعون من أعمال تعذيب ارتكبت في مراكز احتجاز في اليمن تسيطر عليها قوات مسلحة إماراتية.
وروى أحد المدعين أنه “سجن بينما كان يعمل على الإفراج عن معتقلين أوقفوا على يد قوات إماراتية. وقال إنّه وضع في حفرة بحجم برميل لـ 48 ساعة، فيما كانت يداه ورجلاه مقيدة بسلاسل حديدية”.
وأضاف أنّه بعد ذلك، “عري وعلق من يديه في سقف لعدة ساعات” وتعرّض إلى صعقات كهربائية وإطفاء أعقاب سجائر في جسده، وفق نص الدعوى.
وجاء في النص أن محمد بن زايد، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة للإمارات العربية المتحدة، “من المحتمل أنه وفر الوسائل وأعطى الأوامر لارتكاب هذه الانتهاكات”.
وأودعت دعوى أخرى أمام قطب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لدى النيابة العامة الباريسية من قبل 3 قطريين، وهي تدور حول “التواطؤ في أعمال تعذيب وإخفاء قسري”. وأكدوا أنّهم “اعتقلوا وعذبوا على أيدي عناصر من امن دولة الإمارات بين فبراير 2013 ومايو 2015”.
وأنشأت الإمارات عشرات السجون السرية في المحافظات الجنوبية المحتلة، ويروي معتقلون نجو من تلك السجون تفاصيل صادمة عن التعذيب في سجون أبوظبي في اليمن التي سبق أن وثقتها وسائل إعلام ومنظمات حقوقية دولية.
وسبق أن كشفت شهادات سجناء معتقلين بسجن يمني خاضع لسيطرة الإمارات تعرضهم لعمليات تعذيب بشعة وممنهجة وفق جدول زمني، بالإضافة إلى استخدام العنف الجنسي كأداة أساسية لإلحاق العقوبة بهم لاستخلاص “الاعترافات”.
وبحسب الشهادات التي رصدتها وكالة “الأسوشيتد برس” العالمية للأنباء على لسان المعتقلين، فإن “القائمين على عمليات التعذيب كانوا يتبعون جدولا زمنيا محددا، الضرب أيام السبت، التعذيب أيام الآحاد، والاثنين استراحة. في الأيام الثلاثة الأخرى تعاد الكرة ذاتها. في أيام الجمع يحين وقت الحبس الانفرادي”.
وروى سجين يمني احتجز دون تهم سبل التعذيب والاعتداء الجنسي من خلال رسوماته التي هربت إلى “الأسوشيتد برس” من سجن بير أحمد في مدينة عدن جنوبي البلاد، وتقدّم لمحة قاتمة لعالم خفي من انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة يرتكبها ضباط إماراتيون بمنأى عن المحاسبة والعقاب.
وأوضح السجين وستة معتقلين آخرين لوكالة “أسوشيتد برس”، أن العنف الجنسي هو الأداة الأساسية في إلحاق العقوبة بالمعتقلين لاستخلاص “الاعترافات”.
وتظهر التخطيطات التي رسمت على ألواح من البلاستيك رجلا عاريا معلقا من أغلاله أثناء تعرضه لصدمات كهربائية، ونزيل آخر على الأرض محاط بكلاب تزمجر فيما يقوم عدة أشخاص بركله، وتخطيطات لعملية اغتصاب.
وقال السجين مختصرا نحو عامين من الاحتجاز بعد أن تحدث ضد الإماراتيين علنًا: “أسوأ ما في الأمر هو أنني كنت أتمنى الموت كل يوم ولا أستطيع أن أجده”.
وكشف التحقيق الذي أجرته وكالة “أسوشييتد برس” عن السجون السرية في دولة الإمارات والتعذيب على نطاق واسع، ومنذ ذلك الحين حددت الوكالة ما لا يقل عن خمسة سجون تستخدم فيها قوات الأمن التعذيب الجنسي لقمع السجناء وإخضاعهم.