وكالات أمريكية.. مظهرها إنساني وجوهرها عِدائي
مطهر يحيى شرف الدين
لم يعد للمشاريع الأمريكية في قاموسنا نحن الشعب اليمني أي اعتبار أو أهمية بل أصبحت ملامح ومؤشرات تلك المشاريع ومنذ عدة عقود تدل على أن ثمة مهام استخبارية ضمن أجندة أمريكا المضمرة و الرامية إلى إعداد وتأهيل عملاء لها على المدى الطويل يتم استخدامهم والاستفادة منهم في الإحاطة بالمجتمع اليمني واختراق البيت اليمني للتأثير على بيئته الإسلامية وهُويته الإيمانية والتدخل في شؤون حياته المجتمعية وتوجهاته الثقافية والفكرية.
اليوم وبعد عدوان كوني على اليمن ترعاه أمريكا لأكثر من خمس سنوات تأتي الوكالة الأمريكية المدعومة من الخارجية الأمريكية ذات الطابع التنموي في ظاهرها و المشبوهة في أعمالها والمكشوفة مؤخراً في دعمها مادياً وعسكرياً لجانب أدوات ومرتزقة تحالف العدوان ولا زال البعض من المكونات المجتمعية يتعامل بنوايا حسنة مع تلك الوكالة وأشباهها ولم تعتبر أو تدرك أنه لا يمكن أن تأتينا تلك المشاريع الغربية بالخير لا سيما اليوم وبعد كل ذلك الدعم اللوجستي العسكري الذي تقدمه أمريكا لدول العدوان علينا ونتناسى قول الله سبحانه :
“ها أنتُم أولاءِ تُحبُّونهَم وَلا يُحبّونكُم”
الوكالة الأمريكية للتنمية ظاهرها تنموي وإنساني وباطنها تدميري وعدواني واستخباراتي ، تلبس أثواب المعونات والمساعدات الإنسانية وتخلعه علينا رداءً داخلياً مليئاً بالمكر والخداع والتربّص مستغلة الوضع الإنساني في اليمن وتستثمر شعاراتها ويافطاتها الكاذبة في تحقيق أهدافها الخفية وقد عملت منذ سنواتٍ عدة على رسم المخطط الخبيث في توظيف أدواتها لصالح الجانب الأمريكي وتسهيل الدعم المباشر لحلفائها ومرتزقتها وممارسة التضليل والخداع للإيقاع بأبناء المجتمع اليمني في مستنقع الثقافة الدخيلة التي تضرب فيه القيم الوطنية وتنال من ولائه وحبه لأرضه ليصبح غربياً في بيئته الاجتماعية وفي سلوكه الثقافي وممارساته النكرة و الحياء الذي تنعدم فيه العفة والطهر
وكل ذلك يأتي إلينا باسم إشاعة الديمقراطية والتحضر وتطوير الذات والتنمية البشرية ومبررات مواكبة العصر والدخول إلى عالمٍ شيطاني يسوده الانحلال وتنتشر فيه العادات والتقاليد المجتمعية التي تدعو إلى التحرر من الفضيلة والولوج إلى الرذيلة.
أدوات أمريكية عدوانية بامتياز ووكالة معمّدة من الأمريكي الأصيل مباشرةً تضاف إلى ما سبق من أدواتٍ وأجهزة استخبارية متورطة ومفضوحة في مهامها لا تمت بأي صلة للجانب الإنساني البريء وكان لها السبق في الانتهاك والإجرام بحق وطن وشعب وأمة وهوية وثقافة وحضارة.
لعلّه الحقد الذي أكل وجه تلك الأدوات العميلة ونهش في غطائها المهترئ المفضوح.
فلم تقصر في نشر الفساد ولم تدخر جهداً إلا وساهمت في تدمير اليمن وتمزيق أوصاله وتشتيت شعبه بإثارة الفتن والنعرات المناطقية والطائفية.
وتغذية أطراف وفصائل على حساب أطرافٍ أخرى بل وصل الأمر إلى الدعم العسكري المباشر لأدواتها في الداخل لغرض تدمير وتخريب اليمن وبنيته المجتمعية.
هذا إذاً هو السلام في مفهوم الوكالة الأمريكية وهذا هو التعايش بين الأمم الذي تتحدث عنه أمريكا في أدبيات القرن الحادي والعشرين
الوكالة الأمريكية للتنمية تعطيك سلةً غذائية وتأخذ بديلاً عنها إحصائيات وإحداثيات وتعطيك معونةً إغاثية وتأخذ منك وأرقام وحالات وولاءات.
إنها بالفعل تمثّل إحدى التدابير العسكرية العدوانية الأخرى ولكن بواجهةٍ ناعمة ماكرة تدثرت بغطاءٍ المساعدات والعلاقات الإنسانية والتنموية وتسعى في مآربها الحقيقية إلى تحقيق ما لم يستطع أرباب وحلفاء العدوان تحقيقه.
جاءت هذه الوكالة المدنية في شكلها والعدوانية في جوهرها لكي تنال من وحدة الشعب اليمني والتأثير في ثقافته الأصيلة المستمدة من القيم الإيمانية التي لا تقبل مشاريع الهيمنة المباشرة وغير المباشرة عبر منظماتها المشبوهة والتي تستهدف الروابط الاجتماعية والإيمانية من خلال العمل على الدفع بأبناء المجتمع إلى الانخراط في تلك الفعاليات والأنشطة المشبوهة التي تستهدف في الحقيقة قيمة الإنسان وكرامته وتنال من وطنيته وهويته وثقافته.
لكن هيهات هيهات لكل مستكبرٍ وعدوٍ باغٍ وعابثٍ وفاسد أن ينجح في تحقيق أهدافه وأطماعه ما دمنا مرتبطين بالله ورسوله ومتمسكين بكتاب الله ومعتصمين بحبله ومتولِّين من أمرنا الله بتولّيهم من الأئمة الهداة وسفن النجاة..