لبنان بين “مِقصلة الطُّفيلية” و”القبضة الأمريكية”.. سيتنفَّس!
هاشم الضيقة
بلا حسيب ولا رقيب تسلّلت الرأسمالية إلى عالم الجنوب المسلوب غربيًّا، واستحالت الرّأسمالية الخالصة إلى رأسمالية إمبريالية “طُفَيليّة”، حتى غدت دولُ الشّمال التي تحتضنُ خمسَ سكانِ العالم مستأثرةً بما يزيد عن أربعة أخماس ثروات الكوكب!
ولبنان – كغيره من دول الجنوب – بات يشكّل مستعمرةً اقتصادية تنخرها “جرثومة الرأسمالية الطُّفيلية”، من خلال العملاء المحليّين للدّول الاستعمارية الذين يقتاتون على الزوائد الاقتصادية دون إعادة الإنتاج. والجدير بتسليط الضوء، أولا: التعطيل شبه الكامل لقطاعي الزّراعة والصّناعة في لبنان، وثانيا: لجوء العملاء الداخليّين لتهريب ثرواتهم المالية إلى الخارج – الثابت بالوثائق خاصّة في الأزمة المالية الأخيرة وبعد حراك 17 تشرين –، وثالثا: إطلاق العنان للمصارف والإتجار بالأموال… كل ذلك يُعَدُّ من أبرز المضاعفات الملازمة لـ “جرثومة الرّأسمالية الطُّفيليَّة” التي استشرت – على غفلةٍ من الشّعب، وانشغال القوى النزيهة في الوطن بأولويّة المقاومة وصون الأرواح والأعراض – . ومن ثَمّ تَحوَّلت الجرثومة إلى جائحةٍ بسبب تضييق الخناق الظالم الذي تُمْعِنُه الإدارة الأمريكيّة على الشّعبِ اللبنانيِّ عامّةً لإضعافِ نفوذِ حزب الله وإلحاق هزيمةٍ تبدأ بتجفيف منابعه المالية، وتأليب بيئته الحاضنة عليه بل وافتعال فتنة داخلية تستهدف بيئة المقاومة نفسها، والتحريض لزجّ الحزب في أتون حرب أهليّة داخلية، والأخير على نحو الخصوص هو ما شاهده اللبنانيون – عيانا – في تصريحات السفيرة الأمريكية مؤخّرًا. هذا كلّه، بعد الخيبات المتوالية التي مُنِيَت بها الإدارة الأمريكية في مناوراتها السياسية ودعمِها للحروب العسكرية ضدّ الحزب طوال العقود الأربعة المُنصرِمة.
إنّ لجوء الحزب إلى العمل الجادّ لتنشيطِ جناحَي الزّراعة والصّناعة، بالإضافة إلى متابعة ملفّات الفساد قضائيًّا، وتفعيل أجهزة الرقابة، هي السياسات المتاحة والممكنة عِلميًّا ومنطقيًّا في مثل هذه الأزمات (بعيدًا عن النظرة “الطّوباوية” اللاواقعيّة)، وهي عينها التي يسلكها الحزب منفتحًا ومتعاونا مع جميع الفرقاء في الوطن لتحويل التهديد إلى فرصةِ الخلاص من “مِقْصَلة الرّأسمالية الطُّفيلية”. ذلك، بالإضافة إلى تفعيلِ خطواتٍ عمليّة للانفتاح شرقًا… خطّان متوازيان يُشكّلان جسرَ الانعتاق من “القَبْضة الأمريكيّة”، ليتنفّسَ لبنانُ اقتصاديًّا.
10-7-2020م