لماذا تهتز ثقة الإنسان بالله؟
|| من هدي القرآن ||
وهكذا تجد في القرآن الكريم أشياء كثيرة جدًا تتوجه نحو الإنسان لتخاطبه بأن عليك أن تثق بالله، فمتى ما وثقت ثقة صحيحة، ومن الثقة به هو أن تتأكد بأنك تسير على هديه، وإلا فقد تدعو، قد يجتمع صف من العلماء العبَّاد في مسجد يدعون الله على أمريكا وإسرائيل ولا يحصل شيء، ليست المسألة على هذا النحو.
تحركوا من منطلق الثقة لأن ما يدل على أن الإنسان يعيش حالة الثقة بالله سبحانه وتعالى هو أن ينطلق، هو أن يتحرك حتى في الظرف الذي يرى كل ما حوله ليس في اتجاهه، يرى كل ما حوله بعيدًا عنه، ويرى نفسه ضعيفًا، يرى موقفه غريبًا، يرى منطقه ممقوتًا، هذه هي اللحظة التي أيضًا تدل على مدى ثقتك بالله، إذا ما انطلقت في ظروف مثل هذه، في مرحلة معينة.
لاحظوا، لو تأتي دولة وتقول: هذا كل ما لدينا تحت أيديكم، أليس حينئذٍ سيصبح الناس أقوياء؟ ويصبحون فيما بعد يتهددون ويتوعدون الآخرين؟ لماذا؟ أمّا في ظرف كهذا والله يقول لكم أن بإمكانكم أن تصلوا إلى مستوى أن يكون الله معكم، فمتى ما كان معكم فهو من لـه جنود السماوات والأرض، أعظم مما تمتلك الدولة الفلانية من أسلحة، لماذا أراك ضعيفًا؟ لماذا أراك مستسلمًا؟ لماذا أراك هكذا مقهورًا ذليلًا؟ لماذا أراك بعيدًا عن أي تفكير في أي عمل ضد أعداء الله؟ لأنك لا تعيش حالة المعرفة بالله، ولا تعيش حالة الثقة بالله؟ ويدُلّك أي تفكير في أي عمل ضد أعداء الله، لأنك لا تعيش حالة المعرفة بالله، ولا تعيش حالة الثقة بالله، ويدلك على هذا أنه لو تأتي الدولة تقول: هذه مجموعة أسلحة ومعسكرات تحت تصرفكم سنرى الناس كلهم سيصبحون أقوياء، أليسوا سيصبحون أقوياء؟ أولياء الله يثقون بالله في أصعب الظروف، وفي أشد الظروف ابتعادًا عما يقدمونه من حلول، عما يقدمونه من تصور عملي في مواجهة أعداء الله. الثقة بالله هي من أهم ما ركز عليه القرآن الكريم.
وتجد أنه إذا ما افتقد الناس الثقة بالله قد يصل الناس إلى حالة من الكفر لا يشعرون بها، كيف؟ مثلًا تجد آيات صريحة عندما يقول الله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: من الآية40) {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم} (محمد: من الآية7) {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُور مؤمنين} (التوبة:14) {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) وكم لهذه الآيات من نظائر، ولكن عندما ترجع إلينا إلى الناس فتقول: أعداء الله يعملوا كذا، ويتحركوا كذا، ما لنا لا نفعل؟ فيقال: والله ما نستطيع، نحن مستضعفون، ما بأيدينا شيء، وماذا نستطيع أن نعمل؟].
وتلك الوعود التي في داخل القرآن الكريم أين نأتي بها؟ ماذا يعني هذا؟ أنه في الأخير أنني أقرأ تلك الآيات، وأقرأ قوله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} وأنا في واقعي، ونحن في واقعنا جميعًا نحكم على الله بأنه فقط أنت تستطيع أن تنصر وأنت قوي وأنت عزيز، لكن إذا كان هناك أعداء مثل قريش مثل أولئك الذين كانوا في مواجهة محمد، أما أمريكا أما إسرائيل أما ما تمتلك من أسلحة هذه القوى، والله ما تستطيع] هذا واقع، أي نحن في نظرتنا إلى الله على هذا النحو من يقول: نحن أمام أمريكا لا نستطيع أن نعمل شيئًا بعد أن قال الله لـه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} بهذه العبارات {قَوِيٌّ عَزِيزٌ}. معنى هذا في الأخير أنه والله صح أنت قوي، أنت عزيز لكن أما أمام أمريكا فلا، أنت غالب على أمرك، أنت قاهر فوق عبادك لكن أما هؤلاء فلا، هكذا الواقع، نظرة الناس هي هكذا في الواقع، أليس هذا من الكفر الفظيع؟ كفر فضيع في داخلنا ونحن لا نشعر.
سببه ماذا؟ ضعف الثقة بالله، ضعف الثقة بالله تجعلك ترى أن الله لا يستطيع أن يعمل شيئًا أمام أولئك وهم من هم؟ هم أولياء الشيطان الذي قال الله عنه: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (النساء: من الآية76) وكلما زاد خبثهم كلما ازداد فسادهم، أليس يعني ذلك أنهم ازداد ولاؤهم للشيطان؟ وكلما ازداد ولاؤهم له ازدادوا ضعفا؟ كلما عظمت ولايتهم للشيطان كلما ارتبطوا بضعيف مذموم مدحور طرده الله، وطبعه بهذا الطابع، مذمومًا مدحورًا ضعيفًا ذليلًا {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.
عندما تهتز ثقة الإنسان بالله نتيجة لمعرفته المغلوطة بالله أو ضعف كثير في معرفته بالله سيصل إلى هذه الحالة بدلًا من أن يكون قويًا على أولياء الشيطان يصبح عبدًا لأولياء الشيطان، بدلًا من أن يتشرف بأن يهتدي بهدي الله، وتكون قوته امتدادًا لقوة الله يصبح هو من يبحث عن الحلول من عند أولياء الشيطان، ليقدموا لـه حلولًا، وهل يمكن للشيطان أن يقدم حلًا للإنسان المؤمن؟ لا يمكن أبدًا، {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير} (فاطر: من الآية6) حزبه الذين قد والوه وأطاعوه ودخلوا معه، هل هو يريد أن يجعلهم على أرقى مستوى ويسوقهم إلى أفضل غاية؟ لا. {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير} فأصبح أولئك هم الملجأ للناس، للعرب، للمسلمين بدلًا من الالتجاء إلى الله.
أضعنا الله، أضعنا رسوله، أضعنا ولايته فأصبح الموضوع نبحث عن كيف نتولى، ويتسابق الزعماء، يتسابق الأحزاب على من هو الذي يحظى بصداقة أمريكا وبالقرب من أمريكا، وبوُدِّ أمريكا، هكذا حتى داخل اليمن أصبحت الأحزاب في اليمن -فيما نقرأ- بعضها يتهم بعض بأن مواقفه هي محاولة لأن يكون أقرب إلى أمريكا، ويتودد إلى أمريكا؛ لأنه ربما تأتي أمريكا فتجعله هو من يصل إلى السلطة، وهكذا.
دروس من هدي القرآن الكريم
#الثقافة_القرآنية
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 4/8/2002م
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام