إرهاق “اسرائيل” وزوالها.. القادم لا مفر منه
عشرات النظريات التي تحدثت عن زوال “اسرائيل” بعضها بُني على نصوص دينية وبعضها الآخر على حقائق تاريخية وبعضها على دراسات استراتيجية مبنية على وقائع الأحداث وسير الأمور في المنطقة، بالإضافة إلى حقيقة عجز اسرائيل في المراحل المقبلة عن تحقيق أي نصر، وكل ما تستطيع فعله “اسرائيل” هو تلقي الدعم من أمريكا وأوروبا لتمرير صفقات معينة من هنا وهناك في ظلّ انقسام جزء من الدول العربية بمشكلاتها الداخلية وذهاب القسم الآخر نحو التطبيع مع العدو الصهيوني وبالتالي تأمين بيئة مناسبة للصهاينة، ولكن كل هذا من وجهة نظر المؤرخين والساسة الاسرائيليين أنفسهم إلى زوال، حيث يعترف القادة الاسرائيليون انفسهم بأنه لا امل بالبقاء في هذه المنطقة أكثر من قرن آخر بحسب نتنياهو والبعض الآخر يقول أنه خلال العقود القليلة القادمة لن يكون هناك مستقبل للصهاينة في منطقة الشرق الاوسط وسيعودون أدراجهم الى اوروبا وأمريكا.
قائد الثورة الاسلامية في ايران اية الله السيد علي خامنئي أوضح نقطة من خلال تغريدة على “تويتر”، يوم الأربعاء 20 مايو 2020، كانت نقطة غاية في الاهمية حيث اوضح أن: “إنّ محو دولة إسرائيل لا يعني محو اليهود”، وأضاف “نحن لا شأن لنا بالشعب اليهودي.. محو إسرائيل يعني أن يختار المسلمون والمسيحيون واليهود الفلسطينيون حكومتهم بأنفسهم، وأن يطردوا الغرباء والأوباش أمثال نتنياهو”.
وتابع قائلاً: “هذا معنى محو إسرائيل، وهذا ما سيحصل”.
كلام السيد الخامنئي مبنياً على حقيقة ووقائع تاريخية سوف تقود الأمور إلى النقطة التي تحدث عنها، وكما ذكرنا لم يعد بإمكان الاسرائيليين الانتصار بأي معركة مقبلة، وجميع جعجعتهم حول توجيه ضربة استباقية للمقاومة في لبنان وفلسطين هو مجرد كلام في الهواء لشحذ الهمم وتوحيد الجبهة الاسرائيلية الداخلية الممزقة والهشة، والتي ستظهر هشاشتها أكبر عند توجيه أول صاروخ من قبل المقاومة نحو الداخل الاسرائيلي، عندها ستكون بداية النهاية، وهذا ما يدركه الصهاينة وقادتهم لذلك نراهم يتجّهون لاستعطاف الغرب والحصول على ميزات أكثر من خلال ممارسة اعلى ضغط ممكن على الفلسطينيين وحرمانهم من ابسط حقوقهم، ولكن لا يعلم هؤلاء الصهاينة ان هذا الضغط هو من سيولد الانفجار ويساهم في اقتراب زوال اسرائيل في القادم من الايام.
رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو هو نفسه غير مطمئن من بقاء العدو الصهيوني، حيث يقول: “سأجتهد لأنْ تبلغ إسرائيل عيد ميلادها المائة، لكن هذا ليس بديهيًا، فالتاريخ يعلّمنا أنّه لم تعمّر دولة للشعب اليهوديّ أكثر من 80 سنة، وهي دولة الحشمونائيم”.
في حوار صحفي نشر في الآونة الأخيرة رسم المؤرخ الإسرائيلي الشهير بيني موريس صورة قاتمة لنهاية إسرائيل كما يراها، وافترض أفقا زمنيا لهذه النهاية المحتومة في رأيه.
ورغم أنّ مثل هذه التنبؤات قد لا تؤخذ على محمل الجد في الأوساط السياسية، فإن رؤية موريس لها وزن معتبر في إسرائيل، بعدما أمضى الرجل سنوات طويلة في دراسة تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ودقائقه.
يعد بيني موريس أحد أشهر وجوه حركة “المؤرخين الجدد” وهو مصطلح يطلق في إسرائيل بشكل فضفاض على مجموعة من المؤرخين الذين نقضوا الرواية الإسرائيلية المعتمدة لتاريخ الصراع مع العرب، واعترفوا بما ارتكبه الصهاينة من قتل وتهجير.
لكن موريس يقدم جل أفكاره بنَفَس واقعي بعيد عن الرغبات والتمنيات غالبا، ويقول في الحوار الذي أجرته معه صحيفة هآرتس الإسرائيلية هذا الشهر “لا أرى لنا مخرجاً”، وذلك في معرض حديثه عن فرص إسرائيل في البقاء كـ “دولة يهودية”.
ويمضي شارحاً “اليوم يوجد من العرب أكثر من اليهود بين البحر (المتوسط) والأردن، هذه الأرض بأكملها ستصير حتماً دولة واحدة ذات أغلبية عربية”، ويضيف أن “إسرائيل لا تزال تدعو نفسها دولة يهودية لكن حكمنا لشعب محتل بلا حقوق ليس وضعاً يمكن أن يدوم في القرن الحادي والعشرين، في العالم الحديث. وما أن تصبح لهم حقوق فلن تبقى الدولة يهودية”.
من الفريق الثاني يبرز اسم أفراهام بورغ السياسي الإسرائيلي المخضرم ورئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) سابقا، الذي أثار عواصف في الرأي العام الإسرائيلي على مدى سنوات بآرائه وكتبه التي حذرت من توافر أسباب زوال إسرائيل.
قال بورغ “إن إسرائيل التي لم تعد تعبأ بأبناء الفلسطينيين لا ينبغي أن تتفاجأ حين يأتي الفلسطينيون إليها مشحونين بالحقد ويفجرون أنفسهم في مراكز اللهو الإسرائيلية”، وأضاف “إنهم يريقون دماءهم في مطاعمنا ليفسدوا شهيتنا لأن لديهم أبناء وآباء في البيت يشعرون بالجوع والذل”.
ولا يزال بورغ ينشر هذه الفكرة التي يلخصها بالقول إن “إسرائيل غيتو صهيوني يحمل أسباب زواله في ذاته”، ويوضح في أحد الحوارات الصحفية أن “الناس يرفضون الاعتراف بذلك، لكن إسرائيل اصطدمت بجدار، اسأل أصدقاءك إن كانوا على يقين من أن أبناءهم سيعيشون هنا، كم منهم سيقول نعم؟ 50% على أقصى تقدير، بعبارة أخرى، النخبة الإسرائيلية انفصلت عن هذا المكان، ولا أمة دون نخبة”.
وعلى أهمية كلام نتنياهو وبيني موريس، يجِب الالتفات إلى أقوال عدد من قادة إسرائيل، والتي تندرج في البعد الواقعي المنطلق من تجاربهم المباشرة، حيث تولى معظمهم مناصب حساسة ومهمة. ويقول رئيس جهاز الشاباك السابق كارمي غيلون: “إنّ استمرار السياسات المتطرّفة ضد المسجد الأقصى سيقود إلى حرب يأجوج ومأجوج ضد الشعب اليهودي، وسيقود إلى خراب إسرائيل”، وهو كلام يؤكّده رئيس جهاز الموساد العاشر، مئير داغان، الذي قال إنَّه يشعر بخطر على ضياع الحلم الصهيوني. كذلك، يقول روني دانييل، وهو المحلل العسكري في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، إنّه غير مطمئن إلى أنّ أولاده سيكون لهم مستقبل في إسرائيل، وأنهم سيغادرونها عاجلاً أم آجلاً. أفراييم هيلفي، رئيس جهاز الموساد السابق، يقول أيضًا: “نحن على أبواب كارثة. إنه ظلام ما قبل الهاوية”.