الممول الخفي “للحوثيين”!
سند الصيادي
أنصب نفسي هنا باحثاً متفاعلاً مع ما يسوقه إعلام العدوّ ليلاً ونهاراً عمن يقف وراء من يحلو له تسميتهم بالحوثيين، وَعن الجدل المفتعل حول مصادر التمويل الحقيقية لحروبهم التي عصفت بخصومهم الممولين بجديد العتاد والسلاح وأفخره القادم من العالم أجمع.
وأسعى إلى لفت انتباه هؤلاء المجادلين، سواء من يتحدثون بقناعاتهم أَو أُولئك الذين يهوون ترديد ما يُملى عليهم، إلى الداعم الخفي لهذه “الجماعة” التي يحرصون على تقليل حضورها وَكينونتها بهذا المصطلح أَو غيره، كتوصيف يعرفون هم تمام المعرفة زيفه وَعدم واقعيته، والدلائل كثيرة على ذلك وليس موضوع حديثنا في هذه المساحة.
وبالعودة إلى نوعية السلاح الذي يستخدمه الجيش واللجان الشعبيّة “الحوثيين” في ميدان المعركة وبالتحديد في بداية العدوان، سيجد المتابع أنه سلاح تقليدي من مخازن الجيش اليمني، ناهيك عن توافره لدى مختلفِ قبائل اليمن، غير أنه لم يعد هو وحده في الميدان، وشهد إضافات بالكم والكيف بشكل تصاعدي مع استمرار العدوان على اليمن.
ومع اشتداد ضراوة المواجهات ضد تحالف العدوان ومرتزِقته في أكثر من 50 جبهة، وبالنظر إلى حجم التسليح الذي ضخّه هذا التحالف على جنوده ومرتزِقته في تلك الجبهات الداخلية والحدودية، فقد شكّلت الإرادَة اليمنية فارقاً حاسماً في المعركة وانتصر فيها الجيش واللجان بأسلحتهم التقليدية التي واجهت السلاح المتطور وغلبته، ورأينا عياناً بياناً جنود ومرتزِقة التحالف وهم يفرون تاركين وراءهم كمًّا كبيراً من مخازن السلاح والذخائر الموثقة إعلامياً بالصوت والصورة، وبأنواعها المختلفة والمتطورة التي لم يكن يألف المقاتل اليمني على استخدامها من قبل أَو حتى معرفة اسمها.
وبالعودة الذهنية إلى ما وثقته العدسة في مختلف الجبهات من غنائم خلال السنتين الأخيرتين فقط، تتكون لدينا صورة كاملة بأن تلك الغنائم وحدها كانت كافيةً لتسليح جيوش عديدة متكاملة، وَكافية أَيْـضاً للاستمرار في خوض المعركة لسنوات قادمة تحت الحصار وانعدام التمويل، وبالتالي فإنه من غير المنصف أن نبحث عن ممول وهمي أمام ما ننظره واقعاً من أن عدونا بات أبرز ممولينا.
أما فيما يخصُّ سلاح الجو بأشكاله، فأعتقد أن ما يعلن من مواصفاته الفنية مقارنة بحجم ما يفعله وحجم ما يقال عنه، ومقارنته بما يملكه العدوّ وما تصنعه الدول المصنعة للسلاح بما فيها تلك التي تتهم من قبل العدوّ بالتمويل، فإنه من المخجل بكل المقارنات أن يتحدث العدوُّ عن كونه ذريعة للهزيمة أَو يرى في مواصفاته الفنية مبرّراً للاتّهام.
صحيحٌ أنه لا ينبغي لنا التقليل من القدرات الفنية اليمنية التي صنعت وطوّرت هذا السلاح من العدم وفي ظروف استثنائية، وهذا يمثل مفخرة وإنجازاً بحجم الإعجاز، إلَّا أنه لا ينبغي لأُولئك أن يتحدثوا عن فارق فني وتكنولوجي هائل يقف وراء هذه الانتصارات يشرعن الاتّهامات لدول أُخرى معروف لدى الخبراء باختلاف توجّـهاتهم عدم تطابق مواصفات أسلحتها فنياً مع ما صنعته الإرادَة اليمنية.
وباستخلاص الممول الحقيقي لهذه الانتصارات، نجد أن الإرادَة اليمنية المنطلقة من القضية الحقة التي يتسلح بها محاربوها مثلت أبرز وأكبر الممولين الذي وفّروا الغلبة وقهر العدوّ وَاغتنام سلاحه واستخدامه ضده في الحرب، كما أن ذات الإرادَة هي من ألهمت الأيادي التي طوّرت السلاح المتوافر وعززت مواصفاته واستنسخت وصنعت منه أنواعاً عدة من السلاح، مستعينة بالله، ومنطلقة من مشروعية الدفاع، مستفيدة من خبراتها وبحوثاتها وَانفتاح العالم على المعلومة العلمية وسهولة الحصول عليها.
وحين نسعى إلى توضيح ذلك، فإنما هو إنصافٌ لشعبنا المجاهد والصامد الذي سعى العدوُّ إلى عزله وحصاره ليحكم قبضته على مصيره وَيجتث إرادته، وإلا فإننا لا نلقى حرجاً أَو جرماً بالشكر والتقدير لكل من وقف وساند هذا الشعب وَدعمه ولو بالكلمة والموقف في مواجهة أعتى حلف إجرامي عدواني عالمي.
ختاماً وبما أن السلاح وحده لا يصنع النصر إذَا لم تتوفر الإرادَة، فإن المعجزة لا تكمن بالنجاح في صنع السلاح، وَإنما بالإرادَة الغير مرتهنة للخارج وَلا تخشاه وتخشى ردة فعله من هذا التوجّـه، فاليمني هو اليمني، وفي السابق كان قادراً عملياً على أن يطور ويصنع، غير أن أنظمته المتلاحقة لم تكن تملك الإرادَة لاستعادة قرارها المرتهن.