ما معنى حرية الفكر في الإسلام؟ وهل شرعها الله سبحانه وتعالى؟
|| من هدي القرآن ||
تقول في الأخير: هل يمكن أن يكون دين الله على هذا النحو؟ وهل الله يريد منا أن نكون على هذا النحو، فقدم لنا دينه هكذا؟ وأراد من كل واحد منا أن يتحرك هو بمفرده؟! فما أداه إليه نظره واجتهاده سار عليه.. وهكذا الثاني، وهكذا الثالث, والرابع.. إلى آخر الدائرة. وإن كانوا آلاف المتعلمين, وآلاف العلماء!! وأنت ترى, وتشاهد أن هذه وسيلة من وسائل الإختلاف والتفرق.. فهل الله سبحانه وتعالى الإله, الملك، هل هذا تدبيره لشؤون عباده؟ هل هذا تشريعه لعباده؟
هل هذا ما يتناسب مع توحيده؟ أن ينـزل للناس شرعاً يفرقهم ويشتت شملهم؟ وأن يقبل من كل واحد ما أداه إليه نظره واجتهاده؟.
وعندما تنظر إلى داخلهم ترى الأشياء المتباينة المتضادة المتخالفة التي لا يمكن أن تكون كلها حق، نقول: لا, سبحان الله.. سبحان الله أن يكون شرعه على هذا النحو، أن يرضى لعباده هذه الطريقة، أن يكون هذا هو ما يريده منهم، أن تصبح هذه هي ميزة ما شرعه لعباده، ميزة الإسلام، وأنها هي التي يمتاز بها الإسلام، فنقول: حرية الفكر!!.
لـو قررنا ذلك لاحتجنا أن نقرره شرعـاً، أي: نحتاج إلى أن نصبغ ما نقرره بصبغة دينية ننسبها إلى الله سبحانه وتعالى، أنه هكذا أراد منا, أن نكون على هذا النحو، أن كل واحد منا ينطلق على هذا النحو بمفرده، إذاً فهو شرع هذا، وهو في نفس الوقت يقول في القرآن الكريم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: من الآية 103) ثم يقول بعد: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}(آل عمران: الآية105).
إذاً ستقول: كيف تنهى هنا عن الإختلاف والتفرق، وتهدد بالعذاب العظيم عليه، وتأمر بالإعتصام الموحد الجماعي بحبل واحد، ثم أنت في نفس الوقت تشرِّع ما هو منبع من منابع الإختلاف والتفرق؟! حيث أجزت لكل واحد منا، أو أردت من كل واحد منا أن ينطلق هو بمفرده فيعتمد على ما أداه إليه نظره وترجيحه، ونحن نرى أن الأنظار تختلف, والنتائج تختلف.. ألم يختلف شرع الله هنا؟ ألم يؤد إلى اختلاف؟.
نسبح الله، ننـزه الله أن يمكن أن يكون هذا من شرعه، أن يكون في شرعه اختلاف، ويكون في شرعه تناقض {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}(النساء: من الآية 82) ولا يعني الإختلاف هو الإختلاف في ألفاظ النصوص، الإختلاف في الغايات أيضاً، الإختلاف في النتائج أيضاً.. فلا يمكن أن يشرِّع هنا شيئاً ثم يشرِّع أيضاً شيئاً آخر يؤدي في الأخير إلى نتيجة تخالف نتيجة ما شرَّعه هنا. أو يهدي إلى شيء, ثم يهدي إلى شيء آخر يؤدي في الأخير إلى ضرب ذلك الشيء الأول، هذا هو الاختلاف أيضاً، بل هو الإختلاف الحقيقي أكثر من اختلاف النصوص {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}(النساء: من الآية 82) هنا نحتاج – كطلاب علم – أن نسبح الله نقول: سبحانك, لا يمكن أن تتناقض، لا يمكن أن يختلف هداك، لا يمكن أن يتعارض هديك، لا يمكن أن تتعدد طرقك، وأنت الذي تقول: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوْا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيْلِهِ}(الأنعام: من الآية153).
وهكذا تحتاج إلى تنـزيه الله في كل شيء، وأنت طالب علم، وأنت تاجر، وأنت فلاح، وأنت عالم، وأنت فقير، أو أنت غني، وأنت مجاهد، أو أنت قاعد، وأنت صحيح، أو أنت مريض تحتاج إلى هذه القاعدة، أن تنطلق منها، وهي التي ستحركك، وتوجهك إلى الصواب، فتعرف ما هو الموقف الصحيح الذي يجب أن تقفه في كل الأحوال, وفي كل الظروف.
هذا ما أفهمه بالنسبة لقضية التسبيح.. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المسبحين له, المنـزهين له، وأن يترسخ في أعماق نفوسنا مشاعر عظمته وتنـزيهه وقدسيته إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محاضرة معنى التسبيح
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 9/2/2002م
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام