رابطة العالم “الصهيومتأسلم”!

سند الصيادي

 

تمضي أُسرةُ آل سعود بخطى مدروسة وَمتسارعة، مستغلة التوقيت والنفوذ المالي، لترسم قالباً جديداً للدين الإسلامي، تتاجر من خلاله بكل قضايا الأُمَّــة وَمعتقداتها وَتحرف فيه مفاهيمها الرئيسية وَثوابتها العليا التي شكّلت جوهر وجودها الإنساني وَوظيفتها الإلهية.

 

ويتبوّأُ الكيانُ الوهمي المسمى “رابطة العالم الإسلامي” ذو النشأة المشبوهة والتمويل السعودي والدعم الأمريكي الصهيوني المتستر والخفي، هذا الدور الخطير، التطبيع الديني الذي يسعى جاهداً لرهن الإسلام كمعتقد للصهيونية العالمية بعد أن بات التطبيع العربي -والخليجي خُصُوصاً- مع الصهيونية في بقية المجالات، وعلى رأسها التطبيع السياسي واضحًا وضوح الشمس في كَبَدِ النهار.

 

وعلى ذمة هذه المساعي جاءت مضامين كلمة رئيس هذه الرابطة المدعو محمد العيسى، أمس الأول، التي ألقاها أمام المؤتمر الافتراضي للجنة اليهودية – الأمريكية، بحضور وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش ووزير الكيان الصهيوني بيني غانتس، وفيها قال بالحرف: “منذ توليت زمام الأمر في رابطة العالم الإسلامي جعلت من مهامنا العمل مع إخواننا وأخواتنا أتباع الديانة اليهودية على إعادة نسيج علاقاتنا مع بعضنا البعض”.

 

إن ما يزيد من فداحة هذه التوجّـه يتجاوز حسابات ما بات يُعرف بحوار الأديان، فالحدث ليس مؤتمراً دينياً بحتاً، واللجنة اليهودية التي يبتذل أمامها العيسى بائعاً دينَ الأُمَّــة بدون تفويض لا تعبّر عن أبناء الطائفة اليهودية كمعتقد، وَمعروف للمتابع والمهتم أنها تعدُّ من أكبر المنظمات الصهيونية في العالم، تأييداً للكيان الإسرائيلي وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وعبارة “اليهود” في قاموس هذه اللجنة تعني بوضوح “الصهيونية”.

 

أي إن العيسى يعني ما يقول وَيعرف حقيقة من يتناغم ويتماهى معهم، وَما يزيد الحسرة والسخط والازدراء الشديد لهذا الموقف، هو أن العديد من المنظمات والحركات اليهودية في العالم، والتي تناهض الصهيونية والكيان الإسرائيلي تتعارض مع هذه اللجنة، فيما العيسى ورابطته يتجاوزون بقية يهود العالم بكفرهم ونفاقهم!.

 

ولم يعد مفاجئاً في ظل هذه المعطيات أن تغيب فلسطين وَمقدساتها من حديث العيسى، بل إنه من الحماقة أن نغضَّ الطرف عن كُـلّ ما يتكشف لنا من حقائقَ لنبحث عن مفردة فلسطين في خطاب متصهين بات يجاهر بمحبته وتعاطفه هو وأسياده من خلفه للصهاينة تحديداً لا لليهود.

 

نستغربُ من صمت المدارس والمنتديات الإسلامية وَرجال الدين في الأوطان العربية تجاه هذا الانحراف الجريء والمسيس لهذه الرابطة، ومخاطر السكوت عما تمارسه، وَنشيد بالمواقف الشجاعة التي اعتادت على تجسيدها رابطة علماء اليمن بإدانتها الموقف النفاقي المخزي لمشايخ الوهَّـابية الذي تبنته ما تسمّى برابطة العالم الإسلامي وأمينها العام محمد العيسى، وَاعتبارها أن هذه الرابطة لا تمثّل العالم الإسلامي ولا ترتبط بالإسلام المحمدي.

 

بقي أن نشير إلى أنه في صبيحة اليوم التالي للخطاب، كانت طائرات آل سعود تقتل أكثر من 13 مواطناً عربياً مسلماً أعزلَ في شدا بصعدة، غالبيتهم من الأطفال.

 

فهل لم تتضح الصورة بعدُ؟!، وهل كبر بالمقابل حجم السؤال عن الأصول الحقيقية لآل سعود؟!، وماذا بقي لنا من تحفظات دينية وقومية وَإنسانية أمام صهاينة الاستعراب والتأسلم الملتحفين رداء الدين اعتقاداً بأنه سيوفر لهم مشروعية القتل وَحصانة القصاص؟!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى