هل تقبل السعودية الحوار مع “أنصار الله” وانهاء الحرب؟
شهد العام الفائت والحالي عدة محاولات من قبل “أنصار الله” فتح باب الحوار مع السعودية لانهاء الحرب على اليمن، خاصة وان الرياض اصبحت عاجزة كما يعلم الجميع عن اكمال هذه الحرب، في ظل فشلها المتكرر في حسم الأمور إلى صالحها، حيث فشلت هجمتها المتكررة على اليمن والتي استمرت لستة أعوام على التوالي دون أن تتمكن السعودية من كسر عزيمة اليمنيين أو دفعهم للاستسلام، وانطلاقا من ادراك “انصار الله” العميق بأن الحرب بحكم المنتهية بادرت نحو السعودية لإنهاء هذا القصف الغير مبرر والذي يدمر حياة المدنيين فقط.
“أنصار الله” تبحث عن سلام شجعان لخدمة الأمة اليمنية، وليسجل التاريخ ما قدمته هذه الجامعة للبلاد وكيف حمت عرضهم ودافعت عن حدود البلاد ورسمت معادلة ردع لصالحها بقوة السلاح، ودفعت السعودية للتفكير الف مرة قبل ان توجه ضرباتها نحو اهدافها.
ومجددا أبدت جماعة “انصار الله” اليمنية، استعدادها للذهاب إلى الرياض، لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات، شريطة توفير “حوار علني” مع التحالف العربي الداعم للقوات الحكومية.
وفي العام الماضي تقدم رئيس المجلس السياسي الأعلى الحاكم في صنعاء مهدي المشاط بمبادرة بشكل رسمي لإحلال السلام في البلاد وإلى الآن ننتظر ردا رسميا، ولكون السعودية لم تخرج من عباءة الولايات المتحدة الأمريكية لم تتمكن من توقيع سلام عادل مع صنعاء.
المبادرة الجديدة لأنصار الله جاءت في لقاء لرئيس ما تسمى “اللجنة الثورية العليا” محمد علي الحوثي، مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC يبث الأحد، حسب موقع”أنصار الله” التابع للجماعة.
وأوضح الحوثي أن “الاتصالات مع دول التحالف لازالت في مرحلة الجدال ولم تدخل بعد مرحلة التفاوض الذي يفضي لإيجاد حل ووقف حقيقي لإطلاق النار والحرب ورفع الحصار عن اليمن”.
وأضاف: “ليس لدينا أي قيود أو أجندة نخاف أن تنكشف، ومستعدون لحوار علني مع دول العدوان (التحالف) من أجل وقف لإطلاق النار ورفع الحصار عن اليمن المفروض من قبل التحالف منذ 5 سنوات، برا وبحرا وجوا”.
وأبدى الحوثي استعداد جماعته للذهاب إلى العاصمة السعودية “الرياض”، شريطة أن يكون هناك حوارا علنيا مع التحالف يفضي لوقف شامل لاطلاق النار في البلاد.
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية، بهذا الشأن.
ما هي شروط السعودية للسلام؟
من خلال اللقاءات الأخيرة بين وفود من “انصار الله” ومسؤولين سعوديين تبين ان السعودية تبحث عن التالي:
أولاً: رغبة السعودية في مرحلة انتقالية تمهّد لوقف الحرب، تكون على شكل هدنة طويلة تمتدّ لسنة على الأقلّ، وتشمل تقديم المساعدات لمواجهة الأزمات الإنسانية في اليمن، وحتى المساعدة على حوار سياسي مع بقية الأطراف اليمنية.
ثانياً: الحديث عن إمكانية تعزيز “الاتصال العربي” مع “أنصار الله” ودفعها إلى تحديد حجم التعاون مع إيران.
وذكرت عدة مصادر ان عدم التوصّل إلى اتفاق حتى الآن سببه إصرار السعودية على مهلة مفتوحة للهدنة وعلى عدم الموافقة على رفع الحصار عن مطار صنعاء، بينما ترفض “أنصار الله” فكرة الهدنة المفتوحة وتصرّ على تحديد مهلة زمنية لها تمهيداً لوقف تام للحرب، وعلى رفع كامل الحصار عن المطارات والمرافئ اليمنية، علماً بأن “أنصار الله” وافقت، في حالة المطار، على وجوب مرور جميع الرحلات إلى صنعاء بمطارَي القاهرة أو عمّان قبل الوصول إلى الوجهة التالية، سواء كانت صنعاء أو غيرها.
ما أسباب سعي السعودية للهدنة الطويلة؟
أولاً: حصول السعودية على ضمانة بعدم تكرار ضربة “أرامكو” مرّة جديدة، وخصوصاً أن هناك خشية من تعرّض مرافق أكثر حيوية لضربات تؤدي إلى انعكاسات كبيرة على الحياة اليومية في السعودية. كما أن الرياض لا تملك إلى الآن ضمانات بأن وسائط الدفاع الجوي قادرة على معالجة الأمر، وهو ما يؤكده الأميركيون أيضاً.
ثانياً: عدم تصعيد الضربات الجوية ضد السعودية بما يتسبب بإشكالات كبيرة على صعيد الحياة اليومية في المدن الكبيرة، وخصوصاً جدة والرياض، وسط معلومات عند الرياض تؤكّد قدرة الحوثيين على تنفيذ ضربات من هذا النوع.
ثالثاً: ضمان هدنة طويلة تتيح للرياض إنجاز الترتيبات الخاصة بـ”قمة العشرين” المتوقعة العام المقبل في السعودية، والتي يريدها وليّ العهد محمد بن سلمان منصّة لإعادة تنظيم علاقاته مع المجتمع الدولي، وخصوصاً بعد تعرّضها لاهتزاز كبير بسبب حرب اليمن من جهة، وحادثة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من جهة ثانية. ونقلت الشخصيات التي التقت السفيرين البريطاني والفرنسي أنهما يحثّان الجميع على تنفيذ الهدنة، لأنهما يظهران خشية من عدم القدرة على التئام القمّة في ظلّ استمرار الحرب، والضغوط المتزايدة من جانب الرأي العام الغربي والمنظمات الحقوقية العالمية ضد الحرب السعودية في اليمن.
رابعاً: عدم القدرة في الوقت الحالي على القيام بعمليات عسكرية برّية ناجحة، ولا سيما في المناطق الحدودية بعد تراجع الحضور السوداني واستعداد الخرطوم لسحب كامل قواتها، وتراجع الحافزية عند مقاتلي جنوب اليمن المنتشرين هناك، وخصوصاً أنه وقعت فضيحة جديدة قبل بضعة أسابيع، تمثلت في العملية الواسعة في جبهة الملاحيط، حيث انهار ما يزيد على ثلاثة ألوية من القوات اليمنية الموالية للسعودية، سمح لهم بالفرار، بما يذكّر بمعركة “نصر من الله”. حتى إن السعودية عمدت إلى مقايضة “أنصار الله” بوقف معظم الغارات العسكرية في حال امتناع الحوثيين عن بثّ صور هذه المعركة والهروب الكبير لقوات المرتزقة. وبفعل العملية، استعادت “انصار الله” معظم جبهة الملاحيط مع مناطق واسعة على الحدود السعودية.